الأنياب الحزينة.. “تجارة العاج” تهدد الفيلة بالإنقراض

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

منذ أيام قليلة، نجحت عملية دولية مشتركة لمكافحة التهريب، في ضبط آلاف الحيوانات المهددة بالانقراض، وكميات هائلة من “العاج”، ولنركز هنا على “تجارة العاج” المحظورة عالميًا منذ أكثر من 25 عامًا، والتي دخلت بسببها الفيلة الأفريقية قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض، حيث يقتل يوميًا 100 فيل أفريقي بسبب “أنيابه”، والتي يصنع منها، كرة البلياردو والتحف الفنية، ومفاتيح البيانو الفاخرة، ورغم الحظر إلا أنه قتل أكثر من 100 ألف فيل أفريقي بين عامي “2010- 2012″، وفي 2013 قتل أكثر من 20 ألف ما أدى لانخفاض أعدادها في العالم بنسبة 62%، مأساة حقيقية لأفيال اغتيلت بأيدي قراصنة الصيد، الذين لا يعترفون أبدًا بأنهم يجرمون في حق البيئة، مبررين ذلك بالفوائد التي يحصل عليها الجميع من خلال مادة “العاج”.

قتل الفيلة من أجل “تجارة العاج”

العاج هو مادة صلبة وثمينة للغاية، قد تعادل ثمن الذهب وذلك بسبب ندرته، وليس له بدائل مثل باقي المواد، ولا يتواجد سوى في الفيل تحديدًا، وحيوانات قليلة أخرى كفرس النهر، والفظ، يمكن حفره ونقشه كما أنه استخدم على مر العصور، لكن استعماله في القرن العشرين فاق كل ما سبق، ففي خلال القرنين الماضيين، كان عدد الفيلة الأفريقية 26 مليونًا، ولكنه أخذ في التناقص بفعل القوى الاستعمارية الغربية، وتراجعت أعداد الفيلة لتصل إلى أقل من نصف مليون.

وبسبب تفاقم تلك التجارة الدموية، وقعت 182 دولة على اتفاقية “سايتس” عام 1989 لحظر تجارة العاج، ودخولها حيز التنفيذ عام 1990، وتبين تقديرات موقع “شير أمريكا” التابع لوزارة الخارجية الأمريكية أن كل صياد يقتل فيلاً كل 15 دقيقة طمعاً في نابيه، لتغذية الطلب على العاج، ومعظم تلك العمليات، تتم في الكاميرون والكونغو والغابون، وفي منطقة شرق أفريقيا وخصوصًا تنزانيا، ثم ينقل ما يجمع من عاج ليصل في النهاية إلى الصين واليابان، ليصنع هناك.

“عاج الفيل” تجارة ثمينة للغاية

دائمًا ما تكون الرغبة في الحصول على المال، هي السبب الأكبر للجرائم حول العالم، وكذلك تجارة العاج، فإن قتل الفيلة الأفريقية للحصول على أنيابها دافعه الوحيد المال، فحجم تجارة العاج السنوية يصل إلى 3 مليارات دولار، حيث يباع الكيلوجرام الواحد من هذه المادة الثمينة في شرق آسيا بعد نقلها من أفريقيا بأكثر من 1000 دولار، بحسب تقرير الوكالة الفرنسية.

وتأتي تجارة العاج غير المشروعة في المرتبة الرابعة في قائمة أنشطة التجارة غير المشروعة بعد المخدرات والسلاح وتهريب البشر، بحسب تقرير للصندوق الدولي لحماية الحيوانات، صدر في سبتمبر 2013، وذكر التقرير الدولي أن تجارة العاج غير الشرعية توفر نحو 19 مليار دولار للشبكات الإجرامية العالمية سنويًا، حيث يتم يوميا الاتجار بالمئات من منتجات العاج بصورة غير قانونية في أوروبا عبر شبكة الإنترنت، وإضافة إلى استفادة الشبكات الإجرامية من تجارة العاج فإن المنظمات الإرهابية تحصد أرباحًا هائلة منها، خاصة تلك الموجودة في أفريقيا.

محاربة التجارة المحرمة

تسعى الدول لمحاربة هذه التجارة غير الشرعية التي تغذي العنف والإرهاب والجرائم من خلال إصدار تشريعات تحظرها، وتشديد الإجراءات الأمنية على حدودها بهدف ضبط أي كمية من العاج المهرب، وخلال السنوات الماضية أتلفت دول آسيوية وأوروبية وأفريقية عشرات الأطنان من الأنياب العاجية بعد ضبطها على حدودها.

وفي أبريل 2010، دمرت بلجيكا 1.7 طن من العاج بعد ضبطه خلال تهريبه عبر حدودها، ويزيد ثمن هذه الكمية على مليوني دولار، وفي أغسطس 2015، أتلفت تايلاند أكثر من طنين من العاج تزيد قيمتهما على 3 ملايين دولار، أما الصين فقد أقدمت على إتلاف نحو 6 أطنان من قطع العاج المصنعة على شكل تماثيل مختلفة عام 2014، تبلغ قيمتها نحو 33 مليون دولار.

ولم تكتفِ بكين بهذه الخطوة، ففي يناير 2018، دخل الحظر الشامل لتجارة العاج في الصين حيز التطبيق، وأعلنت وزارة الغابات الصينية أنه “ابتداءًا من يناير 2018، بات مخالفاً للقانون شراء وبيع العاج ومنتجات العاج في الأسواق والمتاجر ولدى التجار”، وأوضحت الوزارة أن الحظر يشمل أيضاً التجارة الإلكترونية، والهدايا التذكارية التي يتم شراؤها من الخارج.

بريطانيا أيضًا تعتزم حظر المنتجات المصنوعة من العاج بصرف النظر عن عمرها، في سعيها للحد من تجارة العاج غير القانونية، ويستثنى من ذلك الحظر، التحف التي تحتوي على قدر من العاج يقل عن 10%، وبعض الآلات الموسيقية القديمة والأشياء الأكثر ندرة وأهمية من نوعها مثل الرسوم المصغرة على شظايا العاج.

ربما يعجبك أيضا