الاستخبارات التركية في قلب الفضيحة.. تكتيكات قذرة لتصفية معارضي السلطان

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي رفع شعار أنا الدستور يستخدم كل أسلحته ليقضي على أي فرصة تهدد عرشه.

“قمع المعارضة، إقالة كل من يخالفه”، بالإضافة إلى خطط لاغتيال المتهمين بالانتماء إلى حركة الخدمة المقيمين خارج البلاد، كلها طرق من أجل الحفاظ على عرش السلطان “أردوغان”.

في يونيه 2018 أكد سفير تركيا في قطر “فكرت أوزر”، مدى القمع الذي يمارسه أردوغان ضد معارضية حيث كشف عن ملاحقة النظام التركي لمعارضيه حول العالم لتصفيتهم، وقال فى مقابلة مع وسائل إعلام قطرية: “السلطات القطرية قدمت لنا دعماً وتعاوناً كبيراً في ملاحقة المعارضة التركية تمخض عنه موافقة الدوحة على طلب أنقرة بمطاردة المعارضة التركية على أراضيها”.

عمليات اغتيال

كشفت المعلومات المحلية في تركيا أن جهاز الاستخبارات في أنقرة كان يخطط لاغتيال المتهمين بالانتماء إلى حركة الخدمة المقيمين في خارج البلاد.

ونقلت صحيفة “زمان” التركية عن الكاتب “تونجا بانجين” معلومات تفيد بأن جهاز الاستخبارات يضرب القوانين المحلية والدولية عرض الحائط، كما حدث في عمليات خطف ضد العاملين في مؤسسات حركة الخدمة التعليمية في العديد من الدول، مثل كوسوفو، وباكستان، وماليزيا، وأوكرانيا، وترحيلهم إلى تركيا بشكل غير قانوني.

اعترف “بانجين” -في مقاله المنشور بجريدة “ملّيت” الموالية للحكومة بتاريخ 18 يوليو 2019- أن جهاز الاستخبارات لجأ إلى جماعات وتنظيمات إجرامية أو شخصيات عصابية من أجل اغتيال أعضاء حركة الخدمة المقيمين في الخارج.

وأقر المقال بأن جهاز الاستخبارات نجح في خطف نحو 100 من أعضاء حركة الخدمة في 18 دولة في السنوات الثلاث الأخيرة، قائلاً: “لقد تم تحديد عناوينهم في البلدان التي يقيمون بها، ومن الممكن خطفهم في أي وقت”.

ونقل “بانجين” عن مسؤول رفيع المستوى في جهاز الاستخبارات، رفض الكشف عن هويته، قوله: “إن أعضاء حركة الخدمة المقيمين في الخارج سيدفعون ثمن ذلك غالياً من دون رحمة”

وأكد المسؤول الاستخباراتي أن عملية الانتقام من المتعاطفين مع حركة الخدمة ستستمر خاصة مع اختفاء قيادات التنظيم، وعلى رأسهم فتح الله جولن، على حد تعبيره.

وقال المسؤول الاستخباراتي: “من الممكن تحييدهم في أماكن تواجدهم، ولكنهم قد يتسببون في أزمة دبلوماسية،على سبيل المثال هناك واقعة التسمم الشهيرة بين روسيا وإنجلترا، لذلك من الصعب القيام بهذه العمليات في ألمانيا أو إنجلترا أو الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن من الممكن تنفيذ ذلك من خلال إسناد الأمر إلى أشخاص غير رسميين تتواصلون معهم هناك، ولكن يكون الأمر دون تدخل منا، أو أن يقوم شخص لا يحمل صفة رسمية بالذهاب وتنفيذ العملية، ولكن هذه الشخصيات أو التنظيمات ستكون مصيبة لنا فيما بعد، وهناك أمثلة في الماضي على ذلك”.

اللافت في الأمر، أن المقال الذي تحدث عن فضيحة جهاز الاستخبارات الخاضع للرئيس رجب طيب أردوغان عن استئجاره لتنظيمات وعناصر إجرامية لتنفيذ عمليات اغتيال ضد المنتمين إلى حركة الخدمة، لم يصدر رداً عليه أي تعليق أو أي بيانات أو تكذيبات من قبل جهاز الاستخبارات ولا أي مسؤول حكومي.

لايقبل الخسارة

شدد صحفي تركي، مُعارض لحكم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على أنه “لم يقرر أن يصبح مُعارضاً، لكنه أُرغم على ذلك دون أن يعرف كيف حصل هذا الأمر”.

يقول “يافوز آلتوون” -الصحفي التركي، الّذي كان يعمل كمحرر لعمود الرأي في جريدة “زمان” التركية الشهيرة- “لحسن الحظ، كنتُ في بلجيكا، لحضور مؤتمر حول حرية التعبير، حين وقعت محاولة الانقلاب الفاشلة، لذا لم أتعرّض لأي إجراءٍ قانوني، لكن رغم ذلك، اتهمتني بعض الصحف الموالية للحكومة التركية، بالإرهاب، وقالت عني إرهابي، يتحدّث ضدّ الحكومة”.

ووصف آلتوون، الرئيس أردوغان بـ”رجل كلاسيكي يتوق إلى فعل ما يريده دون تدخّل أو معارضة”، لهذا كان “يكره نظام الضوابط والتوازنات الّذي يشكل جزءاً من القضاء”، على حدّ تعبّيره.

وأشار إلى أن “أردوغان، يعتمد على جانبين في تعامله مع وسائل الإعلام، الأول، هو تقييده للمساحة الحيوية للصحف والمنصات الرقمية، بهدف إبقاء غالبية كبيرة من الناخبين غير المتعلّمين والكبار في السن غير متأثّرين بالمعارضة، والثاني، من خلال رغبته في تضخيم دعايته الخاصة بمساعدة وسائل الإعلام الموالية له”.

واتهم الصحفي المُعارض الّذي حصل مؤخراً على اللجوء السياسي من بروكسل، أردوغان بـ”استخدام تكتيكات قذرة” ضد معارضيه من الشخصيات العامة كالسياسيين والصحفيين، مثل “إهانتهم” وسجنهم، مضيفاً أن “سياساته، تركّز فقط على القوة، وهو يريد أن يسيطر على كلّ خصومه”.

واستمر قائلاً: “أردوغان قوي وذكي بما يكفي، لاستخدام كل أداة ممكنة لديه للتشبث بالحكم، فهو يكتشف نقاط ضعف معارضيه ويهاجمهم ويهددهم ويحصل على النتائج التي يريد”، واصفاً سياسته التي “تعتمد على البقاء” بـ”طريقة مدمرة للمجتمع”، متوقّعاً أن “الآثار السلبية لسياسته الشعبوية، ستكون ظاهرة على المدى الطويل”.

وتابع بالقول: “كعضو في حركة جولن، أعاني مما تعانيه الأقليات في تركيا، كالإغريق والأرمن والأكراد من إقصاءٍ مزدوج”، مشيراً إلى أن “هذه الأقليات، تُعامل كأغراب، من قبل بعض المحافظين والأتراك العلمانيين، ولا ينظر إليهم كمواطنين متساوين في معظم الأحيان”.

يقود أردوغان حملة قمع واسعة شملت فصل الآلاف من وظائفهم واعتقال آلاف آخرين بذريعة المشاركة في أو دعم الانقلاب الفاشل في تركيا في يوليو 2016 الذي يتهمه أردوغان بتدبير محاولة الانقلاب، يأتي ذلك في الوقت الذي يعطي فيه أردوغان دروسًا للدول الأخرى حول الديمقراطية وحرية التعبير، ويصر علي التدخل في الشأن الداخلي للبلدان الأخرى بصورة فجة تتنافى تماما مع الأعراف والمواثيق الحاكمة للعلاقة بين الدول.

الشهر الماضي اعتدى أنصار “أردوغان”، على رجل الأعمال التركي وعضو حزب الخير “متين بوزكورت”، أحد داعمي أكرم إمام أوغلو مرشح المعارضة على منصب رئاسة بلدية اسطنبول.

وأصيب بوزكورت، بإصابات بالغة بعد الاعتداء عليه بالضرب المبرح من بعض أنصار أردوغان، الذي لم يقبل حزبه خسارة منصب البلدية وضغط لإعادة الانتخابات التي فاز بها مرشح المعارضة إمام أوغلو بفارق 13 ألف صوت عن مرشح أردوغان.

وجاء الاعتداء ضمن محاولات السعي لإرهاب أنصار المعارضة، للفوز بالانتخابات البلدية في إسطنبول، والتي تعد أهم ثاني انتخابات في تركيا فمن يفوز في إسطنبول يفوز في عموم تركيا”
تكتيكات قذرة

ربما يعجبك أيضا