خفض الفائدة الأمريكية.. خطوة لتفادي الركود أم السقوط في دائرته؟

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

قبيل أيام قليلة من اجتماع السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي نهاية الشهر الجاري، جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجومه على مجلس الاحتياطي ونعته بـ”المضلل  للغاية”، مطالبا بخفض قوي لأسعار الفائدة، من شأنه تعزيز تنافسية الاقتصاد الأمريكي.. فهل يستجيب المركزي الأمريكي لترامب خشية “الركود”؟.

هناك توقعات قوية لدى الأسواق العالمية، بأن يقوم الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة هذا الشهر، مع استمرار تباطؤ التضخم وتنامي المخاوف بشأن نمو الاقتصاد العالمي، حيث خفض صندوق النقد أخيرا توقعاته للنمو العالمي خلال 2019 و2020 بواقع 0.1%، لتصبح 3.2% و3.5%.  

مطلع الشهر الجاري، توقعت “جولدمان ساكس جروب” أن يتجه المركزي الأمريكي صوب خفض بمقدار ربع نقطة هذا الشهر، غير مستبعدة أن يأخد المركزي خطوة أكبر، ولكن باحتمال لا يتعدى 15%، في مؤشر إلى احتمالات أن يرجئ المركزي الأمريكي أي خطوة لتخفيض الفائدة على غرار ما حدث الشهر الماضي.

أمام ضبابية موقف الاحتياطي الفيدرالي، قال بنك Morgan Stanley في تقرير صدر أمس: إن تخفيض أسعار الفائدة -حتى وإن حدث في اجتماع 30 يوليو- قد يأتي بعد فوات الأوان لإنقاذ اقتصاد يقترب بشكل كبير من الانزلاق إلى الركود.

شبح الركود في الأفق
توقع البنك الأمريكي أن يصل احتمال حدوث ركود إلى 20% العام المقبل، وقد يزيد إلى مستويات أعلى في حال ساءت الظروف الاقتصادية العالمية وارتفاع توترات الحرب التجارية.

الشهر الماضي توقع استطلاع لـ”الاتحاد الوطني لاقتصاد الشركات” تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي في 2019، وارتفاع احتمالات دخوله دائرة الركود في 2020 إلى 60%، من 35% في استطلاع فصلي سابق.

 حتى الاحتياطي الفيدرالي توقع أخيرا في ضوء قياس الفارق بين عائدات السندات الحكومية طويلة وقصيرة الأجل، حدوث ركود بنسبة 33٪ خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، مرتفعا من 10% في وقت سابق، وهو أعلى مستوى منذ الركود العظيم في 2009.

من جانبه لا يضيع الرئيس الأمريكي أي فرصة ليتفاخر بأن اقتصاد بلاده هو رقم واحد بالعالم ويقوم بأداء جيد منذ مطلع العام استنادا على النتائج الفصلية التي تشير حتى الآن إلى تسارع النمو بمتوسط 2.5%، في حين حذر صندوق النقد في تقرير حديث من أن استمرار الحرب التجارية تحديدا بين بكين وواشنطن من شأنه التأثير سلبا على النمو العالمي وسلاسل الإمداد وحركة الاستثمار، ما دفع الصندوق إلى الإبقاء على توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي في 2020 عند مستوى 1.6%، نزولا من 2.6% توقعات هذا العام.

تقول كبيرة الاقتصاديين في Morgan Stanley، إيلين زينتنر: إذا تصاعدت التوترات التجارية بشكل أكبر، فإن توقعات الركود ستكون أقوى، فسنرى على سبيل المثال شركات بالسوق الأمريكي تميل إلى التوسع في الاستغناء عن العمال، وتخفيض النفقات الرأسمالية مع زيادة عدم اليقين حيال آفاق نهاية هذه الحرب التجارية.

 وتضيف نتوقع أيضا في هذا الإطار تراجع النمو الأمريكي من 2.9% خلال 2018 إلى 2.2% و2.1% في 2019 و2020 على التوالي.

جاري شيلينج المحلل الاقتصادي الشهير والذي سبق وأن تنأ بعدة فترات ركود على مدى السنوات الأربعين الماضية، يرى أن الولايات المتحدة تعاني من ركود معتدل نسبيا، وقال الشهر الماضي لـ”usatoday”: ربما نكون في مرحلة ركود بالفعل، وأعتقد أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي سينخفض ​​إلى 2% هذا العام، وبالتوازي قد نرى اعتبارا من نهاية 2019 تراجعا للأسهم بنحو 22٪ على غرار ما حدث إبان الركود الاقتصادي الأخير.

 مؤشرات الركود:
– انكماش قطاع الصناعات التحويلية بـ2.2% خلال الربع الثاني من 2019 ، نتيجة لضعف الاقتصاد العالمي واستمرار الحرب التجارية.

– الضعف الذي أصاب نمو قطاع الوظائف خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري.

– تراجع مبيعات المساكن، رغم انخفاض معدلات الرهن العقاري.

–  تجاوز عوائد سندات الخزانة قصيرة الآجل لعوائد سندات العشر سنوات، في إشارة إلى تراجع مستوى ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي على المدى البعيد، وهي إشارة سبقت موجات الركود في 1990 و2001 و2007.

هل يكفي تخفيض الفائدة؟
لتسريع النمو في ضوء تراجع التضخم، سيلجأ المركزي الأمريكي إلى خفض الفائدة على الأرجح بربع نقطة أو نصف نقطة في أحسن الأحوال في اجتماعه المقبل، إلا أن التاريخ الأمريكي الحديث يشير إلى أن كل ركود سبقه بشهور قليلة قرار بخفض للفائدة، وهنا يحذر الخبراء من أن الركود الأمريكي قد يجر الاقتصاد العالمي -الضعيف في الأساس- إلى ركود قوي.

يقول تقرير Morgan Stanley: إن خفض الفائدة في الوقت الراهن قد لا يكون كافيا لمنع الركود الجديد، وسط استمرار حرب التعريفيات الأمريكية ضد كل من الصين والمكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي، أضف إلى ذلك ضعف بيانات الوظائف وانخفاض التضخم عند 1.5 و2%.

ويرى البعض أن التحصن ضد الركود لا يجب أن يدفع المركزي الأمريكي نحو توسيع خفض الفائدة، بل يجب أن يربط أي خفض مستقبلي بمعدلات البطالة والتضخم، حفاظا على مصدقيته أمام الأسواق في ظل استمرار الضغط عليه من قبل إدارة ترامب في هذا الملف تحديدا.

ربما يعجبك أيضا