مسارات متناقضة.. إيران تستأنف أنشطتها النووية وأطراف الاتفاق تدرس التبادل التجاري

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي 

بحثت الدول الموقِّعة على الاتفاق النووي مع إيران، اليوم، في العاصمة النمساوية فيينا، إجراءات التبادل التجاري بين الدول الأعضاء في الاتفاق وإيران، في مسعى لإنقاذ الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة.

ويعقد الاجتماع على مستوى المدراء السياسيين لدول إيران والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، بعد شهر من اجتماع مماثل شهدته فيينا، أعلنت الدول الأعضاء التزامها ببنود التبادل التجاري مع إيران، رغم خروقاتها للاتفاق؛ حيث أعلنت زيادة معدلات تخصيب اليورانيوم بمعدلات تتجاوز الحدود المسموح بها في الاتفاق النووي، وفق شبكة “سي إن إن”.

من جهتها، استبقت إيران الاجتماع؛ بإعلانها استئناف أنشطتها في مفاعل “أراك” النووي، محذرة الدول الأوروبية من إرسال قطع عسكرية إلى مضيق هرمز.

أطراف الاتفاق

قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، اليوم، في تصريح نقلته وكالات الأنباء الإيرانية: إنّ “طهران ستستأنف أنشطتها في مفاعل “أراك” النووي للماء الثقيل”.

وأكّد صالحي على ضرورة استمرار النشاطات النوویة الإيرانية وتولید الطاقة النوویة، مشيراً إلى أنّ “أعداء إيران یعلمون أننا نمتلك العلوم والقدرات لإنتاج الطاقة النوویة، ولكن لا نرید إنتاج الأسلحة النوویة”.

وتصاعدت حدّة التوتر بين طهران والولايات المتحدة، في أيار2018، حيث انسحبت واشنطن، وفرضت عقوبات اقتصادية على طهران.

وهدّدت إيران بخطوات إضافية فيما يتعلق بمستويات تخصيب اليورانيوم، في أيلول (سبتمبر) المقبل، ما لم يتم التجاوب مع مطالبها، لكنّ الشركاء الأوروبيين يواصلون حضّ إيران على الالتزام بالاتفاق.

وتأمل الدول الموقّعة على الاتفاق، بتحقيق انفراجة في الاجتماع الوزاري المقبل الذي لم يتم تحديد موعد له بعد.

خطوات استفزازية

في غضون ذلك، نقلت وكالة أنباء فارس عن علي ربيعي المتحدث باسم الحكومة الإيرانية قوله يوم الأحد إن الدول الأوروبية التي تشكل تحالفا بحريا في الخليج ستبعث برسالة عدائية.

وقال ربيعي: “ما سمعتموه، من أنهم يريدون إرسال أسطول أوروبي إلى الخليج الفارسي، سيبعث برسالة عدائية ويمثل خطوة استفزازية وسيزيد التوتر”.

وكان ثلاثة دبلوماسيين كبار في الاتحاد الأوروبي قالوا الأسبوع الماضي إن فرنسا وإيطاليا والدنمرك أبدت تأييدا مبدئيا لخطة بريطانية لتشكيل مهمة بحرية بقيادة أوروبية لتأمين الشحن عبر مضيق هرمز.

وأعلن الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الأسبوع أن الاجتماع الاستثنائي سترأسه الأمين العام لخدمة العمل الخارجي الأوروبي، هيلغا شميد. وأشار الاتحاد إلى أن المحادثات تأتي بطلب من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيران، وستبحث خلالها القضايا المرتبطة بتنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي بموجبها يتم تنفيذ اتفاق عام 2015.

وكانت إيران تجاهلت بعض القيود التي حددها الاتفاق على برنامجها النووي، وهددت باتخاذ مزيد من الإجراءات إذا لم تساعد الأطراف المتبقية في الحفاظ على الصفقة، خصوصا فيما يخص العقوبات الأمريكية. واتهمت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، إيران بالوقوف وراء عدة هجمات على ناقلات نفط في الخليج في يونيو/ حزيران، وهو ما تنفيه إيران.

وأسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار في يونيو/ حزيران، ما دفع ترامب إلى الإعلان عن تنفيذ ضربة جوية ضدها، لكنه ألغاها في اللحظة الأخيرة، معللا ذلك بأن عدد القتلى الناجم عن ذلك سيكون مرتفعًا جدًا.  واحتجز الحرس الثوري الإيراني، في 19 يوليو/ تموز، ناقلة نفط تحمل العلم البريطاني على متنها طاقم من 23 فرداً في مضيق هرمز.

وكانت لندن قد احتجزت ناقلة نفط إيرانية قبالة أراضي جبل طارق في أوائل يوليو/ تموز، وقالت إنها كانت في طريقها إلى سوريا وهو ما اعتبرته بريطانيا خرقا للعقوبات الأوروبية على سوريا.

إنقاذ الاتفاق النووي؟

يسلك الاتفاق النووي الإيراني طريقا معاكسا للسكة التي بنيت خصيصا له قبل أربع سنوات. وكان انسحاب الولايات المتحدة منه، وإعادة فرض العقوبات على إيران، والخطوات الإيرانية -ردا على ذلك- برفع كمية تخزين اليورانيوم فوق 300 كيلوغرام، ونسبة التخصيب فوق 3.67 في المئة، سببا لتحول الاتفاق، الذي وُصف يوما باتفاق القرن، إلى شجرة غير مثمرة لإيران، وكأنه لم يكن، بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

ولعل الأزمة الدولية التي تتفاقم بناء على حال الاتفاق تكشف بوضوح أنه كان متماسكا عندما كانت كل من طهران وواشنطن ملتزمتين به، لكنه أصبح، لحظة تحوله إلى مادة خلاف بينهما، إلى بذرة لتوتر متصاعد لا تبدو له نهاية في الأفق المنظور. أما الدول الأخرى، لا سيما منها الثلاثية الأوروبية المشاركة في الاتفاق، فهي إلى جانب فشلها في أن تكون ضامنا لبقائه، تلعب اليوم دورا يتراوح بين محاولة لململة ذيول الأزمة وساعي بريد بين الطرفين.

ربما يعجبك أيضا