عملية عسكرية تركية وشيكة.. واشنطن تماطل وروسيا تترقب

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

“سندفنهم تحت التراب” … هكذا توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكراد سوريا أو من قال عنهم إنهم يمارسون البلطجة بدعم قوات أجنبية، مُعلنُا عزم بلاده تدمير ما سماه ممر الإرهاب شرق الفرات، بغض النظر عن نتائج محادثات المنطقة الآمنة مع واشنطن.

يأتي التصعيد التركي تزامنًا مع عدم توصل المباحثات التركية الأمريكية لنتائج ملموسة بشأن إنشاء المنطقة الأمنة شمالي سوريا، بالإضافة لفرض واشنطن عقوبات على أنقرة بسبب استلام الأخيرة للصواريخ الروسية.

فهل تقدم أنقرة على شن عملية عسكرية واسعة شرق سوريا؟ وهل تتيح لها واشنطن ذلك؟ وماذا عن رد الأكراد والموقف الروسي؟

أردوغان يتوعد

في تطور لافت يثير التساؤلات، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أنقرة عازمة على تدمير ما وصفه لـ”الممر الإرهابي” شرق الفرات في سوريا.

وتوعد أردوغان -خلال اجتماع لقادة حزب العدالة والتنمية- أكراد سوريا بمصير قاسٍ، قائلًا: إن من يمارسون البلطجة بالاعتماد على قوى أجنبية، “سيتم دفنهم”.

أردوغان هدد بقطع ارتباط من وصفهم بالإرهابيين شرقي الفرات السوري بشمالي العراق، عبر عمليتين أطلق عليهما “المخلب”.

عملية “المخلب” هي عملية عسكرية أطلقتها تركيا منذ أواخر مايو الماضي في هاكورك شمال العراق، مستهدفة مواقع حزب العمال الكردستاني الذي تقول أنقرة إن وحدات حماية الشعب الكردية هي امتداده في سوريا.

أنقرة تتأهب

وفي ذات السياق، كانت هناك تهديدات مماثلة لوزير الخارجية مولود شاويش أوغلو، الذي قال: إذا لم تتم إقامة المنطقة الأمنة شمالي سوريا، فإن أنقرة ستبدأ على الفور عملية عسكرية شرق الفرات.

من جهته، اجتمع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع مسؤولين عسكريين لبحث عملية محتملة شمال سوريا، وقبل التصريحات والاجتماعات أرسلت أنقرة بالفعل تعزيزات عسكرية إلى الحدود.

كانت تقارير إعلامية ورسمية قد أشارت إلى إرسال عشرات الدبابات وبطاريات الصواريخ وكتائب عسكرية إلى محافظة شانلي أورفا على الحدود مع سوريا.

وشملت التعزيزات وحدات خاصة من الكوماندوز وصواريخ محمولة ومركبات مدرعة لاعتراض الإشارات اللاسلكية في محافظة هاتاي، وإعاقة أي محاولة تستهدف العمق التركي خلال العمليات.

يذكر أن “اتفاق 1998 مع سوريا (اتفاق أضنة) يسمح لتركيا بدخول أراضيها عندما تواجه تهديدات، لكنها قد تحتاج لتنسيق للقيام بأي عملية عسكرية لاسيما من قبل روسيا في ظل توتر العلاقات مع واشنطن.

التوتر مع واشنطن يتصاعد

يأتي التصعيد والتهديد التركي، في ظل تعثر المفاوضات مع واشنطن بشأن إقامة المنطقة الأمنة داخل سوريا، وكذلك عقب العقوبات التي فرضتها واشنطن على تركيا بسبب صفقة الصواريخ الروسية، ومن ثم فقد يكون التصعيد نوعًا من الضغط على واشنطن لتغيير مواقفها لصالح تركيا.

وتعليقًا على ما أسفرت عنه المباحثات التركية الأمريكية، قال وزير الخارجية التركي: إن الولايات المتحدة تتعمد المماطلة فيما يتعلق بتحديد أبعاد وعمق المنطقة الآمنة، ومَن سيتولى السيطرة عليها، وإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها.

وأضاف، إن واشنطن تعرقل التقدم مثلما فعلت مع خريطة طريق متفَق عليها لتطهير مدينة منبج من وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة “منظمة إرهابية” وتدعمها واشنطن لكونها حليفًا لها في الحرب على “داعش”.

وترغب تركيا في الانفراد بالسيطرة على المنطقة الآمنة، وأن تخلو من أي وجود لمسلحي “الوحدات” الكردية، بينما تتمسك الولايات المتحدة بضمانات لحمايتها، وبأن تخضع المنطقة لسيطرة قوات غربية من دول التحالف الدولي.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك توتر بين واشنطن وأنقرة بسبب استلام الأخيرة صواريخ روسية حذرت منها واشنطن، فجاء الرد الأمريكي باستبعاد تركيا من برنامج مقاتلات إف- 35 فضلًا عن توعد ترامب بفرض عقوبات أخرى على أنقرة بموجب القانون.

وفي حال تمت العملية العسكرية التركية، فإن الهدف أبعد من مشروع المنطقة الأمنة، وهو توجيه رسالة لواشنطن عن أسباب تواجدها ودعمها للوحدات الكردية في سوريا.

 سياسة الأكراد

تزامنًا مع التهديدات التركية بشن عملية عسكرية ضد الأكراد شمالي سوريا، فمثل هذا التصعيد قد يقرب قوات سوريا الديمقراطية من الحكومة السورية في مواجهة تركيا، والتي قد تلقي بنفسها إلى الهاوية في حال لم تتمكن من التنسيق والحصول على غطاء جوي من قبل روسيا.

يذكر أن السنوات الماضية شهدت تقاربًا بين روسيا وتركيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إذ يعتبران من الدول الضامنة لمحادثات أستانة بين النظام والمعارضة السورية.

وبين هذا وذاك، فسوف تشهد المنطقة حالة من الاحتكاك في حال أقدم سلاح الجو السوري على شن غارات بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية التي هددت بأنها ستفتح كامل المنطقة أمام تلك العملية دفاعًا عن النفس، الأمر الذي من شأنه أن يغير المشهد بشكل كبير.

توازنات تركية روسية

منذ بداية انطلاق العملية التركية في شرق الفرات، لم يكن الموقف الروسي واضحًا حول تأييد العملية التركية أو معارضتها، إلا أن موسكو تحمل مرارًا الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية ما تؤول إليه الأوضاع في المنطقة.

كما سبق لروسيا وحملت أمريكا مسؤولية انطلاق عملية “غصن الزيتون” التي أطلقتها أنقرة ضد “وحدات حماية الشعب” (الكردية) في عفرين بريف حلب.

وبحسب المحللين، فلم يظهر حتى الأن موقف روسي معارض للعملية التركية الجديدة شرق الفرات، وهو ما يعني بأن هناك توازنات تركية روسية من تلك العملية، هدفها الضغط على واشنطن لإنشاء المنطقة الأمنة وتخفيف العقوبات على أنقرة، وهناك أخرون يرون بأنه قد يكون لروسيا حسابات أخرى مع الولايات المتحدة قد تطيح بنظام أردوغان بجره لفخ عملية عسكرية شرق الفرات قد تكلفه الكثير في ظل تدهور الاقتصاد التركي.

ربما يعجبك أيضا