هذا الأسبوع.. الاقتصاد يرفع حرارة العالم أيضا

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

يشهد العالم موجة غير مسبوقة من ارتفاع درجات الحرارة تجاوزت الـ40 درجة في باريس وألمانيا وبلجيكا هذا الأسبوع، ويبدو أن هذه السخونة ستضرب أسواق العالم أيضا، إذ يحبس المستثمرون ورجال الأعمال أنفاسهم في انتظار قرارات  حاسمة وربما تاريخية وغير مسبوقة أيضا من صناع السياسات المالية والنقدية تبدأ مؤشراتها في الظهور إلى السطح اعتبارا من الغد وتأخذنا في موجة تصاعدية إلى نهاية الأسبوع المقبل.

 الأسبوع الأكثر ازدحاما على أجندة الاقتصاد العالمي هذا العام، يبدأ من الثلاثاء باجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي “المركزي الأمريكي”، والذي ينتظر أن يصدر قراره بشأن تثبيت أسعار الفائدة من عدمه مساء الأربعاء 31 يوليو، وسط توقعات بقيام رئيس مجلس المحافظين جيروم باول بخفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ أكثر من عقد.

خفض الفائدة الأمريكية
تشير توقعات “بلومبرج” إلى أن المركزي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة بنسبة تصل إلى 80%، مقابل توقعات بخفض بمقدار نصف نقطة بنسبة لا تتجاوز الـ10%، أي أن “المركزي” على الأرجح ذاهب باتجاه خفض الفائدة في كل الأحوال، وربما يمهد ذلك لخطوات أوسع خلال العام المقبل من أجل تحفيز الاقتصاد الأمريكي.

تحفيز الاقتصاد الأمريكي -أكبر اقتصاد بالعالم- بخفض أسعار الفائدة، سيكون له تداعيات على حركة الاقتصاد العالمي ككل، تحديدا الدول التي لديها ديون مقومة بالدولار، لكن بالنسبة لنيويورك الخطوة تأتي للتحفيز ولعلاج العجز الراهن في الميزان التجاري، البعض يرى أن هذه الخطوة ربما ستكون متأخرة بعض الشيء ولن تفيد في ظل استمرار الحرب التجارية مع الصين -ثاني أكبر اقتصاد- ووجود مؤشرات قوية على أن الاقتصاد الأمريكي يتجه نحو الركود خلال 2020.

المفاوضات الصينية الأمريكية
لكن الاحتياطي الفيدرالي ليس هو الحدث الوحيد الذي لديه القدرة على تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي وتراقبه الأسواق هذا الأسبوع، فهناك ربما حدث أهم الجميع ينتظر نتائجه نظرا لقدرته على إنقاذ الاقتصاد العالمي من خطر التباطؤ على الأقل خلال الأشهر الأخيرة من 2019 وامتدادا إلى 2020، الحدث هو أول مفاوضات تجارية بين الصين وأمريكا وجها لوجه منذ انهيار محادثات مايو الماضي.

اليوم، من المقرر أن يتوجه الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتيزر ووزير الخزانة ستيفن منوتشين  إلى الصين، لإجراء محادثات مع الصينيين يومي الثلاثاء والأربعاء، ثم يعقبها مزيد من المحادثات في واشنطن، في خطوة ينتظر أن تنهي حرب تجارية مستعرة منذ عام تقريبا، أو على الأقل تحدث انفراجة بالشكل الكافي لتلتقط الأسواق العالمية أنفاسها وتشعر ببعض الأمان بشأن مخاوف النمو العالمي، التي يؤكد صندوق النقد أنها ستظل مرتفعة في ضوء استمرار هذه الحرب وتداعياتها على حركة التجارة العالمية.

الانكماش يضرب آسيا وأوروبا 
 نبقى في أسيا، حيث من المقرر أن يجتمع صناع السياسة المالية في بنك اليابان المركزي غدا، وتتوقع “بلومبرج” أن يعزز تعهده بالحفاظ على أسعار الفائدة المتدنية بنسبة  تقترب من 80%، بدلا من المخاطرة ورفع الفائدة.

في الصين، تقول “بلومبرج”: إن مؤشر مديري المشتريات – مؤشر يعكس نشاط قطاع الصناعة- سيبقى على الأرجح في منطقة انكماشية مع استمرار انعكاسات الحرب التجارية، ومن المقرر أن يعلن عنه منتصف الأسبوع المقبل، أما في كوريا الجنوبية فستظهر بيانات متوقع الإعلان عنها الخميس المقبل، انخفاضا في الصادرات للشهر الثامن على التوالي، في مؤشر جديد يعزز المخاوف بشأن حركة التجارة العالمية.

وتشير التوقعات إلى أن بيانات التضخم المرتفع في إندونيسيا وكوريا الجنوبية وتايلاند، ستزيد الضغط على محافظي البنوك المركزية للتحرك نحو مزيد من التيسير النقدي.

أوروبيا، الأسبوع الماضي مهد رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي الطريق لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر المقبل، واعتبارا من الغد ستشهد المنطقة الإعلان عن سلسلة من البيانات الاقتصادية التي تعزز هذا التوجه، وسط توقعات بأن يكشف مؤشر ثقة المستثمرين عن تراجع الثقة في اقتصاد منطقة اليورو، وسط توقعات بأن تأتي أيضا مؤشرات النمو التي من المنتظر أن يعلن عنها الأربعاء، بنفس المستوى من الضبابية، إذ تشير التوقعات وبنسبة تصل إلى 50% إلى تراجع النمو خلال الربع الثاني مقارنة بنتائج الربع الأول بنحو 0.4%، أما بيانات التضخم والتي ستعلن الخميس المقبل، فعلى الأرجح ستكون أقل من هدف المركزي الأوروبي “2%”.

الخميس أيضا سيفصح المركزي البريطاني، عن تقريره الفصلي، وسط توقعات بأن يأتي أكثر تشاؤمًا مع اقتراب الموعد النهائي المحدد لـ”البريكست” في 31 أكتوبر، والذي يتوقع الكثيرون أن يكون انفصالا “خشنا” عن الاتحاد الأوروبي أي بدون اتفاق يضمن لبريطانيا صفقة رابحة اقتصاديا.

في تركيا سيكون محافظ البنك المركزي الجديد مراد أويسال على موعد مع لقائه الأول مع الصحافة العالمية، للإعلان عن تقرير فصلي يتضمن الافصاح عن مؤشرات التضخم التي  تسارع منذ فترة طويلة عند مستويات مرتفعة بين الـ26% و30%، وسط استمرار أزمة تراجع الليرة، وسيكون لدى المستثمرين وحملة السندات التركية فضول لمعرفة توجهات المحافظ الجديد، في ظل حاجة الأسواق لضمانات بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يقحم أنفه في سياسات المركزي، لا سيما بعد إقالته المحافظ مراد جتينقايا قبل نحو 15 يوما بسبب معارضته مطلب أردوغان بخفض الفائدة. 

الأيام القليلة المقبلة من شأنها أن ترسم خارطة الاقتصاد العالمي لعام مقبل، فما سيحدث في قلب واشنطن، سيؤثر على بلدان العالم فيما يشبه حركة “أحجار الدومينو” عندما تتدافع خلف بعضها البعض، لكن كل المؤشرات ترجح أن العالم ينزلق نحو الركود بحلول 2020، حتى في حال قررت بكين وواشنطن إحلال السلام التجاري بينهما.

ربما يعجبك أيضا