ضريبة ماكرون.. “حمائية” مضادة لعنصرية ترامب

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

أزمة جديدة بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، تضاف إلى الصراع الدائر بينهما على الثروات والنفوذ في عشرات البلدان، خصوصا في أفريقيا وآسيا، هذه المرة الصراع وصل إلى حد التلاسن وفرض ضرائب متبادلة.

حيث قرر البرلمان الفرنسي بشكل نهائي قبل أيام، فرض ضريبة على المجموعات الرقمية العملاقة متعددة الجنسيات، ما يجعل من فرنسا إحدى أولى الدول التي تفرض ضرائب في هذا المجال، وبعدها أقر مجلس الشيوخ الفرنسي قانون ضريبة المبيعات الرقمية.

الضريبة، التي فرضت على نحو 30 مجموعة تشمل “غوغل” و”أمازون” و”فيسبوك” و”آبل وأر بي أند بي” و”إنستغرام” و”كريتيو”، سيجني منها الاقتصاد الفرنسي 400 مليون يورو في 2019 و650 مليونا في 2020.

وتنص الضريب الرقمية الفرنسية على أن تدفع الشركات نسبة 3% من إيراداتها في فرنسا، خصوصا تلك التي تحققها من الدعاية على الإنترنت وبيع البيانات لأهداف إعلانية والعمليات التجارية عبر المواقع الإلكترونية.

وبررت باريس هذه الضريبة بأن مثل هذه الشركات تدفع ضرائب قليلة أو قد لا تدفع ضرائب على الإطلاق في الدول التي تعمل بها ولا يقع فيها مقرها.

“حماقة” ماكرون

وقد ندد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بـ”حماقة” نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، مهددا بفرض ضريبة على النبيذ الفرنسي، وقال عبر تويتر: “فرضت فرنسا لتوها ضريبة رقمية على شركاتنا الأمريكية التكنولوجية الكبرى. إذا كان ثمة طرف ينبغي أن يفرض ضريبة، فهو البلد الأم، الولايات المتحدة”، ونحن “سنرد قريبا بالمثل بعد غباء/ حماقة ماكرون.. لقد قلت دائما: إن النبيذ الأمريكي أفضل من النبيذ الفرنسي”.

وقالت الإدارة الأمريكية: إن القرار الفرنسي يستهدف شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة على نحو غير عادل.

وقال ترامب: “فرضت فرنسا ضريبة الخدمات الرقمية على شركاتنا العظيمة للتكنولوجيا. وأرى إذا كان لفرنسا أن تفرض ضرائب، فلتفرضها على الشركات الفرنسية”.

وقال الممثل التجاري الأمريكي، روبرت لايتهايزر: إن التحقيق “سيقرر إن كانت الضريبة عنصرية أو غير معقولة أو إن كانت تمثل عبئا أو قيودا على تجارة الولايات المتحدة”.

وقد يمهد التحقيق الأمريكي الطريق لفرض رسومات عقابية، كان ترامب قد فرض نظيرا لها في عدد من المناسبات، منذ توليه منصبه.

ورحب بالتحقيق الأخير رئيس اللجنة المالية في مجلس الشيوخ الأمريكي، تشك غاراسلي وهو سيناتور جمهوري، والسيناتور الديمقراطي رون وايدن، عضو اللجنة.

وقالا في بيان مشترك: “ضرائب الخدمات الرقمية، التي تسعى فرنسا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي إلى فرضها إجراء حمائي وغير عادل يستهدف الشركات الأمريكية، بطريقة قد تؤثر في الوظائف في الولايات المتحدة، وتضر العمال الأمريكيين”.

الموقف الفرنسي

فيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه تحدث “مطولا” مع ترامب، وأعلن أنه سوف يواصل العمل معه في مجموعة السبع. وقال: “سنتحدث عن مواضيع الضرائب الدولية ومواضيع التجارة ومواضيع الأمن المشترك”.

من جهته، دعا وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير واشنطن إلى عدم الخلط بين الضرائب التي فرضتها باريس على الشركات الرقمية الكبرى وبين الرسوم الجمركية، مؤكدا أن بلاده تريد التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة حول الضرائب على الشركات الرقمية العملاقة قبل قمة دول مجموعة السبع في أواخر أغسطس/آب.

ورأى لومير أن الربط بين الضرائب الرقمية والرسوم على النبيذ “ليس سياسة جيدة”، داعيا إلى وضع مسألة “الرسوم” جانبا؛ لأنها أمر “مختلف جدا”. وقال الوزير الفرنسي -خلال مؤتمر صحفي في باريس- “نأمل العمل بشكل وثيق مع أصدقائنا الأمريكيين حول الضرائب الشاملة على الأنشطة الرقمية”.

كما أعرب لومير عن أمله في “التوصل لاتفاق قبل أواخر أغسطس/آب، موعد قمة رؤساء دول مجموعة السبع في بياريتز في فرنسا، حول هذه الضريبة الشاملة على الأنشطة الرقمية”.

كما ذكّر أن الهدف هو التوصل لاتفاق بهذا الشأن على مستوى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قبل نهاية 2020. مشيرا إلى أن الضريبة الفرنسية على الشركات الرقمية العملاقة أو “غافا”(غوغل، أمازون وفيس بوك وآبل) لا تطال الشركات الأمريكية وحسب.

فهناك “شركات متعددة الجنسية أمريكية وأوروبية وصينية تقوم بأنشطة رقمية، أحيانا بدون وجود مادي على أراض معينة، ولا تدفع إلا القليل من الضرائب”. مضيفا “هذا الوضع غير مقبول، ومن مصلحتنا المشتركة أن نتوصل إلى ضريبة عادلة على الأنشطة الرقمية في العالم”.

كما رد وزير المالية الفرنسي برونو لو ماري على ترامب، مؤكدا أن فرنسا متمسكة بخططها لضريبة الخدمات الرقمية. وقال لو ماري إن “الضريبة الدولية على العمليات الرقمية تحدٍ سوف يؤثر علينا جميعا”.

ولم تتمكن الحكومة الفرنسية من إقناع الاتحاد الأوروبي بفرض ضرائب مماثلة على نطاق أوسع في الاتحاد ككل.

وبحسب مراقبين فإن أسبابا كثيرة تقف وراء إقدام فرنسا على هذه الخطة من بينها ما شهدته من أحداث عنف في بعض مدنها، حيث طالبت هذه الحملات الرئيس الفرنسي بالإيفاء بوعوده التي تتضمن تخفيض الضرائب بصورة عامة، أي تخفيض الضرائب لابد ان يقابله موارد جديدة ومن هنا نفهم لماذا جاء هذا القرار الفرنسي.
 

ربما يعجبك أيضا