انهيار حكومة “الشعبويين” الإيطالية.. كونتي يقلب الطاولة في وجه سالفيني

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

قدم رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، مساء أمس الثلاثاء، استقالته إلى رئيس الجمهورية سيرجيو ماتاريلا، ليسدل الستار على أول حكومة شعبوية بأوروبا، تشكلت قبل نحو 14 شهرا، بائتلاف بين حزب “الرابطة” – أقصى اليمين – حركة 5 نجوم – الشعبوية بامتياز والمناهضة للمؤسسات، وتم تكليفه -كما جرت العادة- بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة.

بعد ما يقرب من 15 يوما من الانعطافات وانهيار الائتلاف الحكومي بين “الرابطة و”5 نجوم”، وتهديدات بإسقاط الحكومة أطلقها فريق “الرابطة” بزعامة وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني،، أعلن كونتي أن الحكومة أنتهت، قائلا -أمام مجلس الشيوخ- سأنهي هذه التجربة الحكومية هنا، سأذهب إلى رئيس الجمهورية لإبلاغه باستقالتي بعد النقاشات معكم.

وانتقد رئيس الوزراء المستقيل، سالفيني “لعدم احترامه القواعد والمؤسسات” واتهمه للعمل من أجل مصالحه الشخصية والحزبية، قائلا: التحرك الذي تتخذه قوى سياسية بالتقدم بمقترح سحب الثقة من الحكومة دون سحبها من وزرائها ينطوي على تناقض، عزيزي وزير الداخلية سمعت مطالبتك بـكامل السلطات، ودعوت أنصارك للنزول إلى الشارع لدعمك، هذا موقف يقلقني.. نحن لا نحتاج إلى صلاحيات تامة بل إلى قادة لديهم حس المؤسسات.

سالفيني “الرجل القوي”

في الثامن من الشهر الجاري، أعلن سالفيني انهيار الائتلاف الحكومي، إثر خلاف مع شريكه “5 نجوم” حول عدة مشاريع كان أبرزها مشروع للسكك الحديدية، وقال في خطاب: لنذهب فورا إلى البرلمان لإبلاغه بأنه لم تعد هناك أغلبية، ولنعد الكلمة سريعا إلى الناخبين، لا طائل من الذهاب إلى الأمام بلاءات وخلافات، مثلما حصل في الأسابيع الأخيرة، الإيطاليون بحاجة إلى ثبات وإلى حكومة تعمل.

ردا على ذلك وصف  مؤسس حركة “5 نجوم” بيبي غريلو، سالفيني بـ”الخائن غير الجدير بالثقة”، مغلقا الباب بوجه أي محاولة من شريكه السابق وزير الداخلية لرأب الصدع، بل أن الحركة بدأت تتحرك إلى الأمام بحثا عن شريك انتخابي، على الأرجح سيكون “الحزب الديمقراطي”.

سالفيني كان يخطط أن تكون جلسة مجلس الشيوخ أمس، جلسة لسحب الثقة من كونتي، وفي حال فشل في ترتيب هذا الخيار، كان سيعلن على الفور سحب وزراء الرابطة السبعة، للذهاب نحو انتخابات مبكرة، حيث يعول على استطلاعات رأي أخيرة أظهرت ارتفاع شعبيته إلى نسب تتراوح بين 36 و38%، خلافا لنتائج انتخابات 2018، حيث حصدت ” 5 نجوم” 32% مقابل 17% فقط لـ”الرابطة”.

لكن كونتي قلب الطاولة وأعلن استقالته، ليضع سالفيني وإيطاليا أمام حالة من عدم اليقين، وشهدت شعبية كونتي ارتفاعا ملحوظا خلال الأيام الأخيرة، فبحسب الخبير في الأزمات الإيطالية الصحفي آلدو غارسيا، تحول كونتي في غضون 10 أيام فقط من رجل غير معروف إلى السيد رئيس الوزراء، وليس أدل على ذلك من رفع متظاهرين قبيل جلسة “الشيوخ” أمس، لافتات أمام المبنى كُتب عليها “كونتي.. إيطاليا تحبك”.

من جانبه وصف زعيم حركة “5 نجوم” لويجي دي مايو “كونتي” بالجوهرة النادرة، وخادم الأمة الذي لا غنى لإيطاليا عنه.. كلمات تؤكد أن الحركة بدأت تعد للمعركة الانتخابية أيضا، فهي تتحرك في أكثر من جهة، فمن ناحية بدأت تدعو إلى التصويت على التخفيض المقرر لعدد البرلمانيين الحالي “950” قبل العودة إلى صناديق الاقتراع، ومن ناحية أخرى بدأت تتقارب في وجهات النظر مع الحزب الديمقراطي، وتغازل شخصيات مستقلة لها شعبية مثل كونتي.

خيارات الرئيس

خلال الأيام المقبلة، سيكون على الرئيس سيرجيو ماتاريلا إجراء عدة مشاورات، وصولا إلى حل لأزمة الحكومة، وبحسب الصحف المحلية، سيكون أمامه أربعة خيارات هي:

– حل البرلمان على الفور والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة.

– بدء المشاورات مع الأحزاب لمعرفة ما إذا كان يمكن تشكيل أغلبية برلمانية جديدة، وتشكيل ائتلاف حكومي من الديمقراطي و”خمس نجوم” أو “حكومة الأحمر والأصفر”، يمكنها تهميش سالفيني.

– تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية تمهد لإجراء الانتخابات العام المقبل.

– تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة رئيس مجلس النواب روبرتو فيكو ورئيسة مجلس الشيوخ إليزابيتا كايسلاتي)، لتكون مهمتها تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق استقرار البلاد.

رئيس الوزراء الأسبق ماتيو رينزي، كان أول من دعا إلى تشكيل ائتلاف بين “الديمقراطي” و”خمس نجوم”، لضمان الوصول إلى حكومة “تحترم المؤسسات”، تتولى مهمة وضع موازنة 2020، والإعداد للانتخابات المقبلة.

فيما اقترح رئيس الوزراء الأسبق ورئيس المفوضية الأوروبية الأسبق رومانو برودي خطة أخرى تقضي بتشكيل حكومة مؤيدة لبروكسل، قوامها تحالف من اليسار واليمين يعمل على تعزيز الروابط مع بروكسل وإزالة الغموض الذي يلف ثالث اقتصاد في منطقة اليورو، بعد أن ارتفعت ديونه إلى نحو 132% من الناتج المحلي الإجمالي، ليحل خلف اليونان مباشرة من حيث مستوى المخاطر المرتفعة.

ربما يعجبك أيضا