بين إسرائيل وإيران.. لبنان لم يعد صندوق البريد الوحيد

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

اهتزت الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، فجر اليوم الأحد، مع سقوط طائرة إسرائيلية مسيرة “بدون طيار” وتحطم أخرى، تسببت في أضرار جسيمة بمبنى المركز الإعلامي التابع لحزب الله في الضاحية، وإصابة 3 أشخاص على الأقل بشطايا ناجمة عن انفجار الطائرة.

 وقال الجيش اللبناني، في بيان صحفي: إنه بتاريخ 25/ 8/ 2019 وتحديدا في تمام الساعة 2:30، وأثناء خرق طائرتي استطلاع تابعتين للعدو الإسرائيلي الأجواء اللبنانية فوق منطقة معوض – حي ماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت، سقطت الأولى أرضاً وانفجرت الثانية في الأجواء متسببة بأضرار اقتصرت على الماديات.

وأضاف، على الفور حضرت قوة من الجيش وعملت على تطويق مكان سقوط الطائرتين واتخذت الإجراءات اللازمة، كما تولت الشرطة العسكرية التحقيق في الحادث بإشراف القضاء المختص.

اعتداء مكشوف على السيادة

من جانبه أكد “حزب الله” أنه لم يسقط أي ​طائرة​ إسرائيلية في الضاحية الجنوبية صباحا، وأوضح المسؤول الإعلامي في ​الحزب​ محمد عفيف: أن الطائرة الأولى سقطت من دون أن تحدث أضرارا تذكر، أما الطائرة المسيرة الثانية فكانت مفخخة وانفجرت وتسببت بأضرار جسيمة في مبنى المركز الإعلامي للحزب، ووصف ما حصل بـ”الانفجار الحقيقي”.

وأشار عفيف إلى أن الحزب سيرد بشكل قاسٍ عند الخامسة من عصر اليوم في كلمة للأمين العام للحزب حسن نصرالله، من بلدة العين.

على الصعيد الرسمي، وصف رئيس الحكومة سعد الحريري سقوط طائرتي الاستطلاع الإسرائيليتين فوق الضاحية الجنوبية لبيروت، بأنه اعتداء مكشوف على السيادة اللبنانية وخرق صريح للقرار 1701.

وقال في بيان رسمي: سنبقى على تشاور مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري لتحديد الخطوات المقبلة، ولاسيما أن العدوان الجديد الذي ترافق مع تحليق كثيف لطيران إسرائيل فوق بيروت والضواحي، يشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي ومحاولة لدفع الأوضاع نحو مزيد من التوتر، مؤكدا أن حكومته ستتحمل مسؤولياتها الكاملة في هذا الشأن بما يضمن عدم الانجرار لاي مخططات معادية تهدد الامن والاستقرار والسيادة الوطنية.

واعتبر رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون،​ أن اعتداء ​الضاحية بمثابة عدوان سافر على سيادة لبنان وسلامة أراضيه وفصل من فصول الانتهاكات المستمرة لقرار ​مجلس الأمن​ ١٧٠١، ودليل إضافي على نوايا إسرائيل العدوانية واستهدافها للاستقرار والسلام في لبنان والمنطقة.

يذكر أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لم تعلق حتى اللحظة على سقوط الطائرتين.

رسالة لإيران
يأتي اعتداء الضاحية، بعيد ساعات من شن الاحتلال الإسرائيلي لغارات جوية على سوريا، تصدت لها مضادات الدفاع الجوي بحسب بيانات رسمية من دمشق، كما يتزامن مع إغلاق أجواء الجولان المحتل وتكثيف حركة طائرات الاستطلاع الإسرائيلية.

وقال بيان لجيش الاحتلال: إن الغارات على سوريا أمس السبت، استهدفت قوة فيلق القدس وميليشيات شيعية كانت تخطط لشن هجمات تستهدف مواقع في إسرائيل انطلاقا من داخل سوريا خلال الأيام الأخيرة.

من جانبه قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس اليوم: إن الغارات على سوريا، تهدف إلى نقل رسالة إلى إيران، مفادها أنه لا حصانة لإيران في أي مكان.

إلى ذلك لمح نتنياهو الخميس الماضي، إلى احتمال ضلوع قواته في تنفيذ سلسلة هجمات استهدفت خلال الأيام الأخيرة، مستودعات أسلحة وقواعد تابعة لقوات “الحشد” في العراق -وهي جماعات مسلحة تدين بالولاء لإيران- وقال في تصريحات صحفية: إسرائيل تعمل ضد إيران في العراق والعديد من الجبهات الأخرى، بالطبع أطلقت يد قوات الأمن وأصدرت توجيهاتي لها بفعل أي شيء ضروري لإحباط خطط إيران.

اعتداء الضاحية الجنوبية لا يمكن أن يقرأ بمعزل عن الهجمات على سوريا والعراق، وحتى عن محاولة الاحتلال الإسرائيلي الدائمة والمتسمرة للعدوان على قطاع غزة، لكن الرابط بين لبنان وسوريا والعراق، فعليا هو تواجد مليشيات إيرانية أو تدين بالولاء لإيران على أراضي الدول الثلاث، وهذا ما قاله نتنياهو نصا في مقابلة مع القناة التاسعة الإسرائيلية “إيران تقيم قواعد ضد إسرائيل في العراق وسوريا ولبنان”.. فهل يقرع نتنياهو طبول الحرب ضد إيران؟

دعاية انتخابية
يجمع المراقبون للشأن الداخلي الإسرائيلي أن قرار الحرب على أعتاب انتخابات الكنيست في سبتمبر المقبل، هو بمثابة قرار بالانتحار السياسي، لكن ما يريده نتنياهو هو تقديم نفسه في صورة الرجل القوي عبر مدابعة الهاجس الأمني لدى الناخب الإسرائيلي، وهو يدرك جيدا أن هذا الهاجس يرجح كفته الانتخابية حتى مع وصمة تورطه في قضايا فساد مالي وإداري.. فالأمن في إسرائيل أولا.

يقول المعلق العسكري بصحيفة “هاارتس” عاموس هرئيل: الاعتراف الإسرائيلي الواضح والصريح بالهجمات الجوية على سوريا، لا يخلو من الدعاية الانتخابية، لكن إسرائيل سعت بهذا الهجوم أيضا إلى إحباط النوايا الإيرانية بالرد على الهجمات الإسرائيلية هذا الشهر على العراق، مرجحا أن نشاهد مواجهة قريبا بين الطرفين.

إلى ذلك قال أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي اليوم: إن إسرائيل وأمريكا لا تملكان الجرأة على مهاجمة المواقع الإيرانية، وأن مزاعم إسرائيل بضرب مواقع إيرانية كاذبة، مضيفا المقاتلون في سوريا والعراق سيردون قريبا على العدوان الإسرائيلي.

على خط إيران -إسرائيل أو إيران- الولايات المتحدة، يبدو أن لبنان لم يعد صندوق البريد الوحيد بالمنطقة، فالجبهة تتسع في سوريا والعراق وغيرهما، والوجود الإيراني الذي تتخذه إسرائيل مبررا للهجوم على هذه الدول بذريعة الدفاع عن أمنها بات فجا، يتطلب وضع حدا له، حتى لا تتحول أراضي هذه البلدان إلى ساحات مفتوحة للعب بالنار بين إسرائيل وإيران.

 

ربما يعجبك أيضا