تحت الحصار الهندي.. “كشمير” صامدة والعالم يكرر خطأه مع “هتلر”

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

عاد التصعيد بين الدولتين المسلحتين نوويا “الهند وباكستان” إلى واجهة الأحداث، بسبب صراعهما التاريخي على إقليم كشمير، ففي 5 أغسطس الجاري، ألغى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وحكومته، الحكم الذاتي في القسم الخاضع لسيطرته من كشمير، بشكل مفاجئ ودون تشاور مع ممثلي الولاية المضطربة، ليضع هذه المنطقة التي يسكنها المسلمون، بشكل رئيسي تحت وصاية هندية مباشرة، ومنذ ذلك الوقت لا تزال كشمير محاصرة بوجود عسكري كبير وتعزيزات أمنية مشددة.

خلال الأيام التي سبقت إلغاء الحكم الذاتي في الإقليم المتنازع عليه، أرسلت الحكومة الهندية 45 ألف عنصر إضافي من قواتها إلى الإقليم المتنازع عليه مع باكستان، لتحكم بذلك قبضتها على منطقة تشتهر بكونها إحدى أكثر المناطق العسكرية تجييشا في العالم، بالإضافة إلى اعتقال زعماء المعارضة، ووضعت الآلاف من الكشميريين تحت الإقامة الجبرية.

وأدى قرار الهند، إلى اندلاع عنف قابلته السلطات بحظر تجوال صارم وشامل غير مسبوق، ليلا ونهارا، إضافة لقطع الإنترنت والاتصالات، ولم يتمكن الكشميريون من التواصل مع عائلاتهم، وشمل هذا الإجراء حتى الصحفيين، وأغرقت عشرات الآلاف من تعزيزات القوات مدينة سريناجار.

وبسبب الحصار الشديد، يواجه ساكنو كشمير نقصا حادا في السلع الأساسية، بما في ذلك أغذية الأطفال والأدوية، واشتكى السكان من وجود بيئة خانقة، في ما يبدو أنه أزمة إنسانية.

وعقب دعوات قادة الحرية إلى القيام بمسيرة إلى مكتب للأمم المتحدة، في سريناجار، احتجاجا على إلغاء الهند الوضع الخاص لكشمير المحتلة، شددت السلطات الهندية الإجراءات الأمنية في المنطقة.

وتظاهر نحو ألف شخص من بينهم رجال ونساء وأطفال في مظاهرة في منطقة سورا في سريناجار بعد صلاة الجمعة، حيث أطلقت القوات الهندية النار والغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وأصيب عدة أشخاص بجروح خلال اشتباكات عنيفة بين القوات والمتظاهرين.

وحث خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة الهند على وضع حد للحملة على حرية التعبير والاحتجاجات السلمية في كشمير المحتلة، وقال الخبراء: “إغلاق شبكات الانترنت والاتصالات بدون مبرر من الحكومة الهندية لا يتفق مع القواعد الإنسانية، وإن التعتيم هو شكل من أشكال العقاب الجماعي لشعب كشمير، دون حتى ذريعة لجرم واضح”.

وأعرب خبراء حقوق الإنسان عن قلقهم البالغ، حول ما نشر بأن أماكن وجود بعض المحتجزين غير معروفة، فضلاً عن تزايد حالات الاختفاء القسري، التي انتشرت على خلفية الاعتقالات الجماعية.

غزة كشمير

وفي تحدٍ لقرار حكومة الهندية المثير للجدل، أغلق حي صورا في ضواحي سريناجار كبرى مدن كشمير، نفسه أمام قوات الأمن، وأقام السكان حواجز متداعية من الصفيح وألواح الخشب وخزانات الوقود وأعمدة خرسانية، كما حفروا خنادق وحفرا في الشوارع للحيلولة دون دخول قوت الأمن إلى حيهم وسط احتجاجات يومية ضد الهند، بحسب “فرانس برس”.

وقال أحد سكان الحي، ويدعى “مفيد”: “لا يمكنهم الدخول إلى صورا إلا على جثثنا، لن نعطي الهند شبرا من الأرض، مثلما تقاوم غزة الاحتلال الإسرائيلي، سنقاتل من أجل وطننا بكل قوتنا”.

وتحيط قوات الأمن من ثلاث جهات بحي صورا المكتظ، ويضم أكثر من ألفي منزل والواقع على ضفاف بحيرة، وبات المسجد الشهير جناب صائب نقطة تجمع لآلاف المحتجين في الحي، وفي كلّ ليلة، يسير السكان عبر ممرات الحي حاملين الكشافات بجوار كتابات على الجدران تقول: “الحرية لكشمير”، وأخرى تطالب الهند بالتراجع عن قرارها.

لكنّ ذلك لم يمنع خروج المظاهرات، وقاد حي صورا للطبقة العاملة والفقيرة الاحتجاجات.

ويشكل حي صورا جزءا من تاريخ كشمير، منذ تقسيم المنطقة بين الهند وباكستان بعد الاستقلال عن بريطانيا في 1947.

مطالبات كشميرية

وعلى الجانب الآخر من كشمير، نظم آلاف الباكستانيين بالجزء الخاضع لسيطرة “إسلام آباد”، مظاهرات احتجاجية تطالب حكومة بلادهم وجيشها بالسماح للمقاتلين بعبور “خط الهدنة” الفاصل بين شطري الإقليم، وتُعتبر هذه المطالب هي الأولى منذ قرار إلغاء الحكم الذاتي بالجزء الذي تسيطر عليه الهند.

ويقول المحتجون: إن الهند تفرض حصارًا على الشطر الخاضع لسيطرتها منذ مطلع أغسطس الحالي، كما أن باكستان لم تسترجع الحكم الذاتي الذي يتمتع سكانه به منذ أكثر من 70 عامًا.

“نطالب حكومة باكستان وجيشها، واللذين لم يساعدا الكشميريين بعدم وضع العراقيل أمام محاولات المجاهدين رفع الظلم عن سكان الإقليم، وندعو جميع جماعات المجاهدين الكشميريين على التحرك من أجل إنقاذ أهلنا المحاصرين”، بحسب ناشطين كشميريين.

ويقول المحلل السياسي الباكستاني طارق نقاش، إنه لا خيار للكشميريين على ما يبدو سوى الاستماع إلى أصوات تدعو إلى الجهاد، مضيفا أن ذلك أمر منطقي في ظل عدم تفاعل العالم كما يجب مع ما يجري في كشمير.

شبح هتلر

شكل قرار الهند إلغاء الحكم الذاتي استفزازا صارخا، من الممكن أن يشعل منطقة جنوب أسيا بأسرها، فمنذ بداية أغسطس، تخضع الولاية لحالة من الإغلاق والعزل التام، وبالرغم من ذلك تقاعس زعماء العالم عن مساءلة الهند عما تقوم به من قمع بحق ساكني كشمير.

 ورغم الغضب الذي عبرت عنه المسلمين حول العالم، وتنديد المراقبين المتواصل بهذا الإجراء، الذين اعتبروه انزلاقا سريعا من قبل الهند نحو السلطوية والتجاهل المحموم لحقوق الأقليات، إلا أنه لم يثر رد فعل يذكر من المجتمع الدولي.

وشبه رئيس وزراء باكستان عمران خان، صمت المجتمع الدولي في كشمير بالتغاضي عما قام به هتلر قبيل الحرب العالمية الثانية، موجهًا انتقادا لاذعا للمجتمع الدولي، متسائلا عما إذا كان العالم سيكتفي بالمشاهدة على تنامي المشاعر القومية الهندوسية في الإقليم ذي الغالبية المسلمة.

ربما يعجبك أيضا