احتراق الرئة الخضراء الثانية في غابات أفريقيا

هالة عبدالرحمن

رؤية- هالة عبدالرحمن

بينما يراقب العالم بخوف الحرائق المشتعلة في غابات الأمازون بالبرازيل، تظهر صور الأقمار الصناعية عددًا أكبر بكثير من الحرائق في القارة الأفريقية.

وصفت ناسا إفريقيا بأنها “قارة النار”، التي تضم ما لا يقل عن 70٪ من الحرائق المشتعلة في جميع أنحاء العالم.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يفكر في إطلاق حملة دولية لمساعدة الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في مكافحة الحرائق، إلا أن الخبراء يقولون: إن الوضع مختلف وليس مشكلة متنامية بعد، على الرغم من أنه قد يصبح تهديدًا في المستقبل.

وتعرضت أنغولا لحرائق أكثر بثلاث مرات من البرازيل على مدار فترة الأسبوع الماضي، وفقًا لصور القمر الصناعي التابعة لـ”ناسا”، والتي أشارت إلى حوالي 6000 حريق في أنجولا، وأكثر من 3000 حريق في الكونغو وأكثر من 2000 في البرازيل.

وقالت سالي أرشيبالد، الأستاذ بجامعة “ويتس” في جوهانسبرغ، أنه على الرغم من أن أنغولا والكونغو تسيطران على عدد من الحرائق، إلا أنها تحدث غالبًا في السافانا قليلة الأشجار وفي الحقول التي يزرعها صغار المزارعين.

وأشار الخبراء إلى أن حرائق ما يعرف بالغابات المطيرة في وسط أفريقيا، غالبا ما تكون موسمية. وعادة ما تسمى غابة حوض الكونغو “الرئة الخضراء الثانية” للكوكب بعد الأمازون.

وتغطي هذه الغابات مساحة 3,3 مليون كيلومتر مربع، وهي ممتدة عبر عدة بلدان، قرابة الثلث منها منتشر في جمهورية الكونغو الديمقراطية والبقية في الغابون والكونغو والكاميرون وأفريقيا الوسطى.

وتماما مثل الأمازون، تمتص غابات حوض الكونغو أطنانا من ثاني أكسيد الكربون في الأشجار والمستنقعات التي يعتبرها الخبراء وسيلة أساسية لمكافحة تغير المناخ، وهي أيضا ملاذ لأنواع مهددة بالانقراض.

لكن معظم الحرائق التي تظهر على خرائط “ناسا” هي خارج مناطق الغابات المطيرة الحساسة كما يقول المحللون، ومقارنتها بحرائق الأمازون أمر معقد أيضا.

وقال فيليب فيربيلن، وهو ناشط بيئي في منظمة “غرينبيس”، يعمل في حوض الكونغو: “السؤال الآن هو إلى أي مدى يمكننا المقارنة”. وأوضح غيوم ليسكوير، وهو خبير من منطقة وسط أفريقيا في المركز الفرنسي للبحوث والتنمية الزراعية، أن الحرائق التي شوهدت في صور “ناسا” كانت أغلبيتها تشتعل خارج الغابات المطيرة.

وحثت حكومة أنغولا على توخي الحذر، قائلة: إن إجراء مقارنات بحرائق الأمازون قد يؤدي إلى “تضليل كبير”. وقالت وزارة البيئة الأنغولية: إن هذه الحرائق عادية في نهاية موسم الجفاف، وأوضحت “هي عادة ما تحصل في هذا الوقت من السنة وفي أجزاء مختلفة من البلاد، إذ يضرم المزارعون النار في الأراضي بهدف إعدادها قبل حلول موسم الأمطار”.

وعلى الرغم من أن غابات حوض الكونغو أقل شهرة من الأمازون، فهي ما زالت تواجه أخطارا. وقال توسي مبانو مبانو، وهو سفير ومفاوض في مسألة المناخ في جمهورية الكونغو الديموقراطية “الغابة تحترق في أفريقيا لكن ليست الأسباب نفسها”.

وأضاف “في الأمازون، تحترق الغابة بشكل رئيسي بسبب الجفاف وتغير المناخ لكن في وسط أفريقيا، يرجع ذلك أساسا إلى التقنيات الزراعية التقليدية”.

فالعديد من المزارعين يستخدمون تقنية القطع والحرق لإزالة الغابات. في جمهورية الكونغو الديموقراطية، تصل الكهرباء إلى 9% فقط من السكان لذلك يستخدم الكثير منهم الحطب للطهو والحصول على الطاقة.

وتشهد الغابون وأجزاء من جمهورية الكونغو الديمقراطية ظاهرة إزالة الغابات، فضلا عن تعرضها للأضرار الناجمة عن مشاريع التعدين والنفط. لذلك أصبحت بعض الدول تنفذ حاليا سياسات بيئية أكثر صرامة.

وأشار عالم الأبحاث في ناسا نيلز أنديلا إلى أن حرائق السافانا قد شكلت المشهد الإفريقي لآلاف السنين. وقال: “لذلك تعد الحرائق غالبًا مكونًا حاسمًا في هذه النظم البيئية، ولا تعتبرها المجتمعات المحلية ضارة”.

في الواقع، تستخدم الحرائق للأغراض الزراعية، على سبيل المثال لإبقاء المشهد مفتوحًا لدعم الماشية، وكذلك في بعض الأحيان كجزء من التحول في الزراعة.

وقال أنديلا: إن إزالة الغابات لا تحدث بنفس الحجم الذي يحدث في أمريكا الجنوبية، مشيرًا إلى أنه في جزء منه قد يكون ببساطة بسبب القيود المفروضة على البنية التحتية القائمة وعدم الوصول إلى الأسواق العالمية، وهي العمليات التي تدفع التوسع الزراعي على نطاق واسع في أماكن أخرى”. “من المؤكد أنه من المحتمل أن يتغير هذا في المستقبل”
 

ربما يعجبك أيضا