اضطرابات في جزيرة المال.. هونج كونج تنذر بكارثة عالمية

حسام عيد – محلل اقتصادي

بعد أن سعت بريطانيا على مدى 99 عامًا أن تجعل جزيرة هونج كونج الأكثر استقطابًا للمراكز المالية، وكذلك لتنشيط حركة السياحة وقطاع التجزئة والخدمات فيها.

لكن ما يحدث اليوم، هو أن هونج كونج ترفض أن تكون تحت سيادة التحكم الصيني بحسب عقلية وسياسة الحكومة الصينية التي تتمركز على فرض الديكتاتورية في كافة مفاصل الحياة.

لذلك يطالب شعب هونج كونج برفع الوصاية الصينية والتمتع بالديمقراطية والحريات التي نصت عليها دساتير العالم، وعدم المساس بمشروع الجزيرة المزهرة، لكن هذا أثر كثيرًا على اقتصاد هونج كونج.

وتشهد هونج كونج جنوب الصين، والتي تعد مركزا ماليا دوليا، أسوأ أزمة سياسية منذ إعادتها لندن إلى بكين في 1997، وبدأ القطاع الخاص لا سيما السياحة، تقييم العواقب للتظاهرات المستمرة منذ أكثر من شهرين والعنيفة أحيانا.

تراجع مبيعات التجزئة

مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية ومقابلتها بالعنف من جانب السلطات الصينية من أجل قمعها، تداعت حركة اقتصاد هونج كونج سلبًا، فكثير من المراكز الحيوية كالمطارات والقطارات ووسائل المواصلات الأخرى تعطلت.

وجاء قطاع التجزئة على رأس القطاعات الأكثر تضررًا من حالة الاحتجاجات، كونه القطاع الأكثر استقطابًا لمراكز التسوق والمستهلكين، فأداء مبيعات التجزئة تراجع في يونيو 2019 بنسبة 6.7%، بينما تسارعت وتيرة الهبوط في يوليو الماضي إلى 11.4%.

وكانت مبيعات السلع الفارهة الأكثر تأثرًا بحركة الاحتجاجات والتظاهرات، حيث سجلت تراجعًا بنسبة 24.4%.

ويعد أغلب مرتادي مراكز التسوق من غير السكان المحليين، فهم من سنغافورة واليابان وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية. وكانت قد توجهت حكومة اليابان وأستراليا إلى مواطنيها ورعاياها بتحذيرهم من التوجه إلى هونج كونج خلال الوقت الراهن إلى أن يستتب الأمن من جديد في شوارع هونج كونج.

تضرر السياحة

ليس وحده قطاع التجزئة من تضرر بالاحتجاجات، فالسياحة التي تمثل 5% من الناتج المحلي الإجمالي في هونج كونج تضررت هي الأخرى بشدة، فمن زار الجزيرة 27 مليون سائح في الستة الأشهر الأولى من عام 2019، بعد أن كانت هونج كونج هي المدينة الأكثر زيارة عالميًا بحسب الكثير من الدراسات في 2018.

لكن اليوم، باتت الفنادق ذات فئة الخمسة نجوم تعطي خصومات تتراوح بين 70 -82% من أجل استقطاب عدد كبير من الزوار إليها.

فبعد هذه الاحتجاجات، تراجع عدد الزوار إلى 4.8% في يوليو الماضي، و30% في أول عشرة أيام من شهر أغسطس الذي شهد الاحتجاجات الأكبر بعد تعطيل حركة النقل في المطارات الحيوية والمترو، فيما تسارعت وتيرة الهبوط إلى 50% بين 15 – 20 أغسطس.

فيما حمّل الوضع وكالات السفر على أن تبدأ درس مشروع إعطاء الموظفين إجازة غير مدفوعة الأجر لمواجهة ما يحصل.

خفض توقعات النمو

اقتصاد هونج كونج الذي يعاني من تباطؤ معدلات النمو، يبدو أنه سيكون أكثر تضررًا إذا ما وضعت السلطات الصينية، هونج كونج في بالها.

بمعنى أنها سوف تستهدف جعل أحد الجزر أو المدن القريبة من هونج كونج الخاضعة للسيادة الصينية، ربما منافسا لهونج كونج وستدعمها.

وكان معدل نمو اقتصاد هونج كونج قد تراجع بحدود 0.4% خلال الربع الثاني من 2019، وبما يمثل تراجعًا من نمو نسبته 1.3% في الربع الأول. فيما تشير التوقعات إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تراجعات إضافية وبوتيرة متسارعة وأكبر.

وفي ظل تنامي الضغوط الداخلية والخارجية، أكدت الحكومة أيضا خفضها لتوقعات النمو لعام 2019 بالكامل إلى نطاق بين صفر بالمئة وواحد بالمئة من النطاق السابق البالغ ما يتراوح بين اثنين وثلاثة بالمئة.

الاضطرابات في هونج كونج، القطب الآسيوي الأبرز في مسار الاقتصاد العالمي، ربما تنذر بأزمة مالية أكثر شراسة، إذا ما انتشرت في عمق الصين القارية، فذلك يحمل مخاطر هروب رأس المال والأعمال.

وفي حال حدوث التدخل العسكري الذي تجهز له الحكومة الصينية لفض التظاهرات؛ فسيكون خطوة لتدمير الاقتصاد في هونج كونج كليًا، وهو الأمر الذي سيضرب اقتصاد الصين حتمًا، وبالتالي التأثير على اقتصاديات العالم في حال تضررت الشركات العالمية الموجودة في المدينة.

ربما يعجبك أيضا