السعودية تعين وزيرا جديدا للطاقة.. ماذا تعني هذه الخطوة لـ”أوبك” و”أرامكو”؟

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

أصدر العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، فجر اليوم الأحد، أمرا ملكيا بتعيين نجله الأمير عبدالعزيز وزيرا للطاقة، خلفا لخالد الفالح، الذي كان لمدة ثلاث سنوات وجها لدبلوماسية “أوبك” النشطة لتشكيل تحالف عالمي يضم منتجين من داخل وخارج المنظمة، للحد من تخمة الإنتاج لدعم الأسعار بالأسواق العالمية.. فهل يحمل القرار الملكي الجديد إشارات على تغير ما سيطرأ على سياسات “أوبك” خلال الفترة المقبلة، وهل سيؤثر القرار على خطة الطرح العام لأرامكو؟

الفالح، قبل أيام، تم استبعاده من مجلس إدارة أرامكو، حيث صدرت أوامر ملكية الإثنين الماضي، بتعيين محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان رئيسا لمجلس إدارة درة تاج صناعة النفط السعودي، في خطوة وصفتها صحيفة “نيويورك تايمز” بأنها جاءت تحركا قويا نحو الطرح العام لأسهم الشركة في السوق المحلية والأسواق العالمية.

كما صدرت أوامر ملكية خلال الأسبوع الماضي، باستحداث وزارة جديدة للصناعة والموارد المعدنية منفصلة عن وزارة الطاقة، وبحسب “رويترز” هذه الخطوة جاءت بهدف النهوض بالقطاعين؛ إذ لم يشهدا تطورا ملحوظا أثناء وجودهما ضمن اختصاصات وزارة الطاقة التي كان على رأسها الفالح منذ 2016، وبعض المحللين يعتقدون أن القيادة السعودية حملته أخيرا مسؤولية هذا الأمر.

وقالت “نيويورك تايمز”: يمثل الفصل بين منصبي وزير الطاقة ورئيس مجلس إدارة أرامكو خطوة مهمة قبيل الطرح العام للشركة، بحيث تكتسب الشركة استقلالية أكبر في الإدارة والتفاعل مع المستثمرين في أسواق المال، ووفقا لمحللين الرميان الذي قضى معظم حياته المهنية كمصرفي، يتمتع الرميان بخبرة مالية تؤهله لقيادة طرح كبير بحجم أرامكو، والذي يتوقع أن يكون الأكبر عالميا، حيث عمل لمدة تفوق 25 عاما في هيئات ومؤسسات مالية رئيسة عدة بالمملكة، من بينها عضو مؤسس في هيئة السوق المالية، ومدير لإدارة تمويل الشركات في الهيئة، وعضو في مجلس الإدارة بشركة “تداول”، ومدير إدارة الوساطة المالية الدولية في البنك السعودي الهولندي، وعضو مجلس الإدارة لدى السعودي الفرنسي كابيتال.

وتوقعت الصحيفة الأمريكية أن يستحدث الرميان نهجا مدفوعا بالتمويل لإدارة أرامكو، خلال الفترة المقبلة.

من هو الوزير الجديد؟
بالعودة إلى الأمير عبدالعزيز بن سلمان 59 عاما، فبحسب “بلومبرج” يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه شخص تكنوقراط مخضرم في صناعة النفط وإدارة أوبك، ففي عام 1985 حصل على درجة البكالوريوس في علوم الإدارة الصناعية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، كما حصل على درجة الماجستير في الإدارة الصناعية، وفي أواخر الثمانينات انضم إلى وزارة البترول والثروة المعدنية، وتدرج في المناصب مستشارا، ثم وكيلا ثم مساعدا لوزير البترول ثم نائبا للوزير، قبل أن يتولى وزارة الدولة لشؤون الطاقة عام 2017.

الأمير عبدالعزيز عاصر 3 وزراء للبترول، ولعب دورا في إنجاز أول استراتيجية أقرتها منظمة أوبك لدعم الأسعار في مؤتمر أوبك الوزاري عام 2005، كما ترأس فريق إعداد الاستراتيجية البترولية للمملكة ضمن رؤية 2030،  وترأس أيضا اللجنة التنفيذية لحوكمة تعديل أسعار منتجات الطاقة والمياه محليا.

يقول رئيس مجموعة رابيدان للطاقة بوب مكنالي، لـ”بلومبرج”: وزير الطاقة الجديد مخضرم جدا في صناعة القرار داخل أوبك، وبالتالي لا يحتاج وقتا للتعرف إلى الوزارة وآليات عملها.

جيسون بوردوف، مستشار الطاقة في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، قال لـ”فاينانشال تايمز”: الأمير عبدالعزيز خدم وزارة الطاقة لعقود، ولديه علاقات دولية قوية، وربما ترى الأسواق في تعيينه إشارة إلى التزام أكبر من المملكة باكتتاب أرامكو ودعم أسعار النفط.

هل سنرى تغيرا في سياسات النفط؟
نقلت “رويترز” عن مسؤول سعودي اليوم تأكيده أنه لن يكون هناك أي تغيير في سياسات المملكة النفطية خلال الفترة المقبلة، مضيفا أن أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ستواصل الالتزام باتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده المنظمة.
كما يعتقد مكنالي أنه من غير المتوقع أن يؤدي تعيين الأمير عبدالعزيز إلى تغيير في ثوابت السياسة النفطية السعودية أو في العلاقات مع روسيا ضمن “أوبك “.

وترى “بلومبرج” أنه من منظور السياسة، لن يحدث الوزير الجديد تغيرا كبيرا -حتى وإن كان تعيين شخص من العائلة المالكة على رأس وزارة الطاقة هو خطوة غير مسبوقة- إذ سينصب تركيز الأمير عبدالعزيز على تعزيز سياسات الوزارة لدعم الأسعار في الأسواق العالمية بالمستوى الذي تتطلع إليه الحكومة السعودية -أعلى من الـ60 دولارا للبرميل- بما يدعم موازنة المملكة وخطة الإصلاح التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

من هذا المنطلق، من المتوقع أن يتحرك الوزير الجديد باتجاه الحفاظ على العلاقات الجديدة التي بناها الفالح مع الدول غير الأعضاء في “أوبك” وأبرزهم روسيا لدعم اتفاق خفض الإنتاج المعمول به منذ 2017، ولا ننسى هنا أن الأسعار المرتفعة للنفط ستدعم تقييم “أرامكو” -قيمة الشركة حاليا تتجاوز الـ2 تريليون دولار- عند بدء الاكتتاب بالأسواق.

من المنتظر أن تختبر الأسواق الخطوات الأولى للوزير الجديد هذا الأسبوع، حيث سيشارك في مؤتمر الطاقة العالمي بأبوظبي خلال الفترة من 9 إلى 12 سبتمبر، ومن المتوقع أن يدلي بتصريحات تتعلق بأوبك على وجه الخصوص، إذ يفترض أن تعقد اجتماعا للجنة وزراء المنظمة ومنتجي النفط غير الأعضاء الخميس المقبل.

وبحسب محللين من غير المحتمل خلال هذا الاجتماع، أن تضغط السعودية على باتجاه إجراء المزيد من التخفيضات في الإنتاج، وسط الزيادة المتوقعة في إنتاج الزيت الصخري بالولايات المتحدة، وتداعيات الحرب التجارية وتأثيرها على حركة الطلب.

ربما يعجبك أيضا