“بولتون” لم يعد صقرًا.. ترامب يستغني عن داعية الحروب

كتب – حسام عيد

بعدما تسبب في منع استكمال الحوار مع طالبان الأفغانية، وإصراره على الزج بواشنطن إلى صراعات متشعبة قد تفضي إلى حروب لا يُحمد عقباها، قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتنحية مستشاره للأمن القومي جون بولتون من البيت الأبيض، مطالبًا إياه عبر تغريدة على موقع “تويتر” اليوم الثلاثاء، الموافق 10 سبتمبر 2019 بتقديم استقالته، نظرًا لأنه لم يعد بحاجة إلى خدماته، وأنه لا يتفق مع العديد من اقتراحاته.

ويعرف بولتون بأنه أحد صقور الإدارة الأمريكية الحالية، ولديه سلطة واسعة على سياسة ترامب وهو المحرك الرئيسي للمواجهة الأمريكية مع إيران.

خطوة مفاجئة

جاءت هذه الخطوة بشكل مفاجئ، حيث أعلن البيت الأبيض قبل ساعة من إعلان ترامب أن بولتون سيشارك في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير المالية ستيفن منوشين.

وبدأ المؤتمر الصحفي بعد إقالة بولتون بحضور بومبيو ومنوشين دون حضور للمستشار المقال.

وكان ترامب قد أشار إلى وجود خلافات مع بولتون بشأن السياسة الخارجية. وقال ترامب في يونيو الماضي: “جون بولتون صقر بالتأكيد، إذا كان القرار يرجع إليه، لهاجم العالم كله في نفس الوقت.. ولكن هذا لا يهم.. لأنني أريد الجانبين “.

مستشار الصراعات والحروب

بولتون المعروف بأنه مدافع قوي عن النفوذ الأمريكي ومؤيد لإرساء هذا النفوذ في الخارج، لم يتراجع قط عن مواقفه.

ولد في 20 نوفمبر 1948، في بالتيمور، وعمل في الحملة الرئاسية للسياسي الجمهوري باري جولدووتر عام 1964، ثم عمل مع سبيرو أجنيو، نائب الرئيس ريتشارد نيسكون، ودرس القانون في جامعة يال، وعمل في إدارات الرؤساء الجمهوريين منذ الفترة الرئاسية الأولى للرئيس السابق رونالد ريجان.

وقد اشتغل بالمحاماة وكذلك بالدبلوماسية، حيث عمل سفيرًا لواشنطن لدى الأمم المتحدة في الفترة بين أغسطس 2005 وديسمبر 2006، في إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الإبن.

وكانت أسعد لحظاته، حينما اقنع الساسة والمسؤولين الأمريكيين بعدم التوقيع على اتفاقية الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية التي أسست عام 2002.

لم يعترض على أي من الحروب التي تورطت فيها الولايات المتحدة، فقد كان أحد مهندسي الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ولم يُشكك أبدًا في هذا القرار رغم الخسائر التي تكبدتها بلاده ومنطقة الشرق الأوسط بسبب هذه الحرب، فهو لا يزال يعتقد أن الإطاحة بصدام حسين كانت صائبة.

وهو ثالث مستشار أمن قومي للرئيس الحالي دونالد ترامب، يخوض العديد من المعارك داخل البيت الأبيض، وفي الآونة الأخيرة بشأن أفغانستان وكوريا الشمالية، على عكس رغبات الرئيس، كما كان وراء النهج المتشدد إزاء دول مثل إيران وفنزويلا.

– على صعيد العلاقات مع كوريا الشمالية؛ أعرب بولتون عن اعتقاده بأن كوريا الشمالية وبرنامجها النووي يشكلان “تهديدًا وشيكًا” للولايات المتحدة، مستبعدًا وجهات نظر مفادها أنه مازال هناك وقت للعمل الدبلوماسي.

ورأى أنه أمر مشروع للولايات المتحدة أن تبادر بالهجوم ردا على تهديد السلاح النووي من قبل كوريا الشمالية”.

– في الحالة الإيرانية؛ أكد جون بولتون أن الحل العسكري هو الوحيد لمشكلة البرنامج الصاروخي النووي لإيران، ومثل هذا الإجراء يجب أن يواكبه دعم أمريكي قوي للمعارضة الإيرانية بهدف تغيير النظام في طهران.

– وفيما يتعلق بروسيا؛ وصف بولتون التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية في عام 2016 بأنه “عمل من أعمال الحرب تجاه واشنطن لا يجب أن تتسامح إزاءه”.

وعندما تم تسميم العميل السابق سيرجي سكريبال في بريطانيا، وهو الهجوم الذي ألقيت مسؤوليته على روسيا، قال بولتون إن الغرب لابد وأن يرد على روسيا بقوة.

– وفي خضم التوترات والاضطرابات المتصاعدة في فنزويلا؛ غضب ترامب من بولتون هذا العام بسبب فشله في التعامل مع انتفاضة خوان غوايدو.

مهندس تصفية القضية الفلسطينية

سابق جون بولتون الزمن طيلة فترة تواجده داخل البيت الأبيض لتصفية القضية الفلسطينية بمختلف الأساليب.

التصفية السريعة، بدأت مع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وحذف القدس من جدول أعمال المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال، ومرت أيضا بقرار وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، لحذف حق العودة لملايين الفلسطينيين الذين شردوا من بلادهم، وصولًا إلى أمر إغلاق مكتب منظمة التحريرالفلسطينية في واشنطن.

طالبان سر الإقالة

فور إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل مفاجئ إلغاءه لمحادثات سرية في كامب ديفيد مع طالبان والرئيس الأفغاني أشرف غني، بعد مفاوضات استمرت شهورًا بين مفاوضين أمريكيين والحركة التي تسيطر على مساحات كبيرة من أفغانستان، كشفت صحيفة “واشنطن بوست”، أن خلافات بين مسؤولين داخل إدارة ترامب أدت إلى انهيار المحادثات.

وأوضحت أن التوترات بشأن اتفاق محتمل مع طالبان وضع وزير الخارجية مايك بومبيو والمفاوض الأمريكي زلماي خليل زاده، في موقف ضد مستشار الأمن القومي جون بولتون الذي عارض الاتفاق.

واشنطن تتجنب تهديد الحرب

رأت شبكة “سي إن إن” الأمريكية في تقرير منشور في مايو الماضي، أن حماس بولتون الشديد لاستخدام القوة العسكرية يبدو في غير موضعه، خاصة وأنه عضو في إدارة رئيس دعا طوال الوقت لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي وإنهاء الحروب في الشرق الأوسط.

فيما رأى السيناتور الجمهوري راند بول أن تهديد الحرب في مختلف أنحاء العالم سيتراجع بدرجة كبيرة مع خروج بولتون من البيت الأبيض”.

ربما يعجبك أيضا