استهداف النفط.. ورقة أنظمة إرهابية للإضرار بالعالم

حسام عيد – محلل اقتصادي

ارتفاعات غير مسبوقة سجلتها أسعار النفط العالمية، بعد هجمات إرهابية شنتها ميليشيات الحوثي الإرهابية على أكبر منشأتين تابعتين لشركة أرامكو السعودية، التي تعد من أكبر شركات الوقود في العالم، وكذلك تعد المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط بالعالم.

فما يقرب من 50% من حصة المملكة من الإنتاج النفطي اليومي تعرضت للتعطيل، إضافة إلى 18% من الغاز.

كل ذلك كان قد أجج المخاوف وبدأت الأسواق بالتحليل.

ارتفاعات قياسية تاريخية بجلسة واحدة

الارتفاعات التي طرأت على أسعار خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في تداولات اليوم الإثنين الموافق 16 سبتمبر 2019، هي الأعلى على الإطلاق في جلسة واحدة في تاريخ النفط.

وارتفعت أسعار برنت بنحو 20% وكذلك الخام الخفيف الأمريكي بنسبة 15%، وهي أكبر زيادة منذ حرب الخليج عام 1991.

وتأتي المخاوف الجيوسياسية في مقدمة الأسباب الدافعة لتسجيل أسعار النفط ارتفاعات قياسية وغير مسبوقة.

وبالنظر إلى خام برنت، كانت الأسعار تتحرك أفقيًا مدفوعة بتصريحات منظمة أوبك أو بمساعي تخفيض حصص الإنتاج وخلق توازن بالأسواق.

لكن بعد استهداف معامل أرامكو النفطية بهجمات حوثية إرهابية، جاءت الارتفاعات كدفعة واحدة وبنسبة 19.5% في أسعار خام برنت مع طليعة الجلسة كردة فعل أولية هي الأعلى على الإطلاق في تاريخ أسواق النفط.

وقفزت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت ما يصل إلى 19.5% إلى 71.95 دولار للبرميل مسجلًا أكبر مكسب خلال التعاملات اليومية منذ 14 يناير 1991.

وقفزت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بما يصل إلى 15.5% إلى 63.34 دولار للبرميل وهو أكبر مكسب بالنسبة المئوية خلال يوم منذ 22 يونيو 1998. ولاحقا، زاد العقد إلى 59.54 دولار للبرميل بزيادة 4.69 دولار أو 7.88%.

وهذا يعني أن السوق متخوفة من شح الإمدادات النفطية، ومن ثم تضرر الأسواق العالمية وتحديدًا الأكبر استهلاكًا للنفط.

أمر دفع الرئيس الأمريكي دونالد إلى التأكيد على استعداد الولايات المتحدة بتعويض السوق العالمي بحاجته من النفط إذا استدعت الحاجة من احتياطيات بلاده الاستراتيجية، وهو ما بعث برسالات اطمئنان عاجلة للأسواق، قلصت على إثرها أسعار النفط من ارتفاعاتها المتتالية من 19.5% إلى قرابة 10%، ثم 9% و8%، فبحلول الساعة 0940 بتوقيت جرينتش من جلسة اليوم الإثنين، بلغ عقد خام برنت 65.77 دولار للبرميل بزيادة 5.55 دولار أو 8.4%.

هجمات طالت النفط السعودي في 6 أشهر

الهجمات الأخيرة التي استهدفت منشآت شركة أرامكو النفطية السعودية لم تكن هي الأولى في منطقة الخليج العربي، فمنذ 6 أشهر برز النفط كهدف استراتيجي لنظام الملالي الذي يئن تحت وطأة العقوبات الأمريكية الأقسى بالتاريخ، وذلك عبر إمداد ميليشيا الحوثي الانقلابية ذراعه المخرب بالمنطقة، بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.

تلك الهجمات دومًا ما تدفع إلى حدوث اضطرابات وتقلبات بالأسواق العالمية ومن ثم ارتفاع أسعار النفط.

– في 12 مايو 2019، كان هنالك هجوم على ناقلتي نفط قرب ميناء الفجيرة الإماراتي، وهو الثاني عالميًا في حجم استيعابه لناقلات النفط.

– في 14 مايو 2019، وقع هجوم على محطتي ضخ لخط الأنابيب شرق-غرب بالمملكة العربية السعودية، وذلك عبر طائرات مسيرة.

– في 13 يونيو، وقع هجوم على ناقلتي نفط جنوب مضيق هرمز، الممر البحري الأهم والأبرز عالميًا، والذي تمر منه ناقلات النفط من منطقة الخليج العربي محملة بالأطنان من النفط، لتتجه فيما بعد من خليج عمان إلى المحيط الهندي وبالتالي إلى كل العالم، وإلى آسيا تحديدًا.

وكان الجيش الأمريكي كشف ضلوع ميليشيا الحرس الثوري الإرهابية الإيرانية في ذلك الهجوم، وهو ما أجج المخاوف من تصعيد أمني، وبالتالي تصاعد المخاطر الجيوسياسية التي سرعان ما تتقلب معها أسعار النفط.

– في 20 يونيو 2019، وقع هجوم على محطة كهرباء قرب محطة تحلية في محافظة جازان السعودية.

– في 14 سبتمبر 2019، جاءت الهجمة الإرهابية الأبرز على الإطلاق، والتي تعرض لها معملين بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو النفطية السعودية، واللتان تقومان بعمليات تكرير نفطية، ما يعني أن نقص في السعودية هو مشتقات نفطية.

استهداف 5% من النفط العالمي

ويمثل مصنعا شركة أرامكو السعودية، بقيق وخريص، 50% من الإنتاج النفطي اليومي للمملكة، أي ما يعادل 5% من الإنتاج العالمي.

وتسببت الهجمات الإرهابية الحوثية في تعطل 5.7 ملايين برميل من حجم الإمدادات النفطية، لكن ما يقلل من حدة الضرر هو أن السعودية لديها مخزونات استراتيجية تستطيع أن تستخدمه لأغراض وغايات التصدير دون أن تنقطع عن زبائنها الخارجيين.

وبلغ مخزون النفط الخام في السعودية 73.1 مليون برميل أوائل سبتمبر الجاري، موزعة بين ثلاثة مواقع تخزين رئيسية.

ويعد مصنع بقيق، وحده، أكبر مصنع لتكرير النفط في العالم، وكذلك أكبر مرفق لمعالجة النفط، بطاقة إنتاجية تبلغ 7 ملايين برميل يوميًا.

وتقع مدينة بقيق على بعد نحو 75 كيلومتر جنوب محافظة الدمام، وتحتضن الموقع الرئيسي لأعمال شركة الزيت، ويقارب عمرها نحو نصف قرن.

فيما يصل حجم الإنتاج في حقل خريص إلى 300 ألف برميل يوميًا، ويبعد نحو 1500 كيلومتر جنوب العاصمة الرياض.
 

ربما يعجبك أيضا