بعد 18 عامًا.. “علاء الدين” يضع “جاستن ترودو” في ورطة

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

قبل شهر من الانتخابات التشريعية، نشرت صحيفة “التايم” الأمريكية، صورة بالأسود والأبيض لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، متنكرا بشكل رجل أسود في حفلة مدرسية أقيمت في 2001.

وأثارت الصورة التي ظهر فيها ترودو في سن “29”، ويعمل مدرسًا في أكاديمية ويست بوينت جراي، ويتوسط أربع نساء، ووجهه ويداه مغطاة بلون قاتم، ويرتدي عمامة، ضجة كبيرة في كندا بعد أسبوع على بدء الحملة الانتخابية.

واعتذر ترودو خلال مؤتمر صحفي على هامش حملته الانتخابية، قائلا: “إنه أمر لم أكن أعتبره عنصريا حينذاك، لكنني أعترف اليوم بأنه عنصرية وأعبر عن أسفي الشديد لذلك”.

وحول سؤاله ما إذا كان قد فكر في الاستقالة، لم يرد ترودو عن ذلك، حيث يعتبر هذا النوع من تلوين الوجه عنصريا، بحسب “صحيفة “الجارديان” البريطانية.

وقال ترودو (47 عاما) “كانت الحفلة تسمى “ألف ليلة وليلة”، وكنت متنكرا بزي “علاء الدين” ووضعت مساحيق تبرج وما كان يجب أن أفعل ذلك”، مكررا مرات عدة أنه خطأ ارتكبه في شبابه ومعبرا عن اعتذاراته.

وردا على سؤال عما إذا كانت هذه الصورة ستؤدي إلى تغيير في حملته الانتخابية، في القوت الذي تتشير فيه استطلاعات الرأي إلى تعادل حزبه الليبرالي مع المحافظين، قال ترودو إنه “يطلب الصفح من الكنديين”.

انتهز المنافسون السياسيون الفرصة لمهاجمة رئيس الوزراء، وأصدروا إدانات قاسية عقب الكشف عن الصورة.

وقال زعيم المحافظين والمعارض الرئيسي لترودو، أندرو شير إنه “صُدم للغاية ويشعر بـ”خيبة أمل” من تصرفات رئيس الوزراء، واصفا منافسه بأنه غير صالح لقيادة كندا، مضيفا: “لقد كانت الصورة عنصرية في عام 2001، وأيضا عنصرية الآن”.

وتقول الصحيفة، إن زعيم المحافظين يستخدم باستمرار الثغرات الأخلاقية لرئيس الوزراء لإظهار الحكومة على أنها غير قادرة على الحكم بفعالية، لكن في الوقت نفسه واجه شير دعوات لطرد أعضاء حزبه بسبب تصريحات عنصرية في الأسابيع الأخيرة، قائلا “إنه سيؤيد المرشحين الذين أبدوا ندمًا حقيقيًا على تصريحاتهم السابقة”.

بعد إدانة الصورة، نشر زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاجميت سينغ مقطع فيديو، وصف فيه العنصرية التي واجهها ونشطاء آخرون في كندا، قائلا “إن مشاهدة هذه الصورة اليوم – الأطفال والأشخاص الذين يرون هذه الصورة – سوف يتذكرون كل الأوقات التي تعرضوا فيها للسخرية، وأنهم تعرضوا للإهانة”، مضيفًا: “يرجى الوصول إلى الأشخاص الذين يعانون في صمت، يرجى إخبارهم بأنهم محبوبون”.

تقول رئيسة حزب الخضر، إليزابيث ماي، إنها شعرت بصدمة كبيرة من العنصرية التي تظهر في هذه الصورة لجاستين ترودو، وتضيف “يجب عليه الاعتذار والالتزام بنموذج قيادة العدالة الاجتماعية على جميع مستويات الحكومة”،مشددة “لقد فشل ترودو في هذا الأمر”.

من جانبه، قال المجلس الوطني للمسلمين الكنديين، إن ظهوره باللون القاتم كان “مخزيًا”، لكنه شكر رئيس الوزراء لاحقًا على الاعتذار.

ويأتي الحادث في الوقت الذي يخوض فيه ترودو معركة للحفاظ على أغلبيته البرلمانية، ويصوت الكنديون في 21 أكتوبر، في ما يتوقع الكثيرون أن يكون سباقًا محدودا.

يشير الاستطلاع إلى أن ترودو وشير، قد وصلا إلى طريق مسدود في التصويت، لكن الليبراليين يتمتعون بميزة عندما يتعلق الأمر بالفوز بمقاعد في البرلمان.

ستجرى الانتخابات على خلفية فضيحة سياسية مطولة لرئيس الوزراء الحالي، مع اتهامات بأن ترودو تصرف بشكل غير صحيح عندما طلب من محاميه العام وقف الملاحقة الجنائية لعملاق الهندسة في كيبيك “إس إن سي لافالين”.

بعد انتخابه في عام 2015 ، حظي ترودو بالترحيب بسبب تعيينه حكومة شابة ومتنوعة عرقيا، مع فريق وزاري كان لأول مرة في تاريخ البلاد متوازنا بين الرجال والنساء.

وشملت حكومته مريم منصف، التي هربت من أفغانستان كلاجئة قبل 20 عامًا وستشرف على حقيبة الإصلاح الديمقراطي، بالإضافة إلى عضوين من السكان الأصليين في البرلمان وثلاثة سياسيين من السيخ.

وقال ترودو بعد أن أدى اليمين الدستورية: “يجب أن نقدم إلى كندا حكومة تشبه كندا”.

ومع ذلك، تم انتقاد الزعيم الكندي بسبب معاملته للشعوب الأصلية، لا سيما فيما يتعلق بمشروع خط الأنابيب عبر الجبال الذي دعمته الحكومة الليبرالية على الرغم من معارضة الجماعات البيئية والسكان الأصليين.

من غير الواضح كيف ستؤثر الصورة على رئيس الوزراء، الذي قام بتشكيل صورة عنه لوسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة مُحكمة، وعندما سئل لماذا يجب أن يبقى في منصبه، أجاب ترودو: “أطلب من الكنديين أن يسامحوني على ما فعلته، لقد عملت طوال حياتي من أجل خلق فرص للناس ومكافحة العنصرية والتعصب”.

ربما يعجبك أيضا