خفض جديد للفائدة بمصر.. خطوة محفزة لاستدامة التنمية

حسام عيد – محلل اقتصادي

للمرة الثانية تواليًا، أقر البنك المركزي المصري، اليوم الخميس، الموافق 26 سبتمبر 2019، تخفيض أسعار الفائدة الرئيسية بـ 100 نقطة أساس، وذلك بعد أن تراجع التضخم بدرجة أكبر ومع قيام بنوك مركزية في أنحاء العالم بتيسير السياسة النقدية.

ويتسق ذلك القرار مع تحقيق معدل التضخم المستهدف والبالغ 9٪ (� 3٪) خلال الربع الرابع لعام 2020 واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.

خفض الفائدة نقطة مئوية جديدة

وتقرر خفض أسعار الإيداع والإقراض لأجل ليلة واحدة 100 نقطة أساس إلى 13.25 بالمئة و14.25 بالمئة على الترتيب.

كما قررت لجنة السياسة النقدية، في اجتماعها، تخفيض سعر الائتمان والخصم بمقدار نقطة أساس وبنسبة 100% عند مستوى 13.75%.

وكان استمرار تباطؤ معدل نمو الاقتصاد العالمي والتأثير السلبي للتوترات التجارية على آفاق النمو، عاملًا رئيسيًا في تيسير الأوضاع المالية العالمية من خلال خفض أسعار العائد الأساسية لعدد من البنوك المركزية.

وخلال اجتماعه السابق في أغسطس، قلص البنك المركزي سعر فائدة الإيداع والإقراض لأجل ليلة 150 نقطة أساس (1.5%) إلى 14.25% و15.25% على الترتيب.

تثبيت العائد على الأوعية الادخارية

من المتوقع أن ينعكس خفض أسعار الفائدة على مودعي أموالهم في البنك بشكل سلبي، حيث تتجه البنوك في الأوضاع الطبيعية إلى خفض الفائدة التي يحصل عليها هؤلاء بعد خفض الفائدة بالبنك المركزي، وبالتالي حصولهم على عائد أقل.

ولكن بحسب ردود الفعل الأولية على قرار خفض الفائدة اليوم، هناك اتجاهًا عامًا في بعض البنوك الحكومية خاصة الأهلي ومصر بالإبقاء على أسعار العائد على شهادات الاستثمار والأوعية الادخارية وحسابات التوفير لديها، خاصة بعد خفضها مؤخرًا عقب قرار المركزي بخفض الفائدة في أغسطس الماضي.

خطوة متوقعة وسط مؤشرات إيجابية

التخفيض الجديد كان متوقعًا من قبل الكثير من المحللين، خاصة مع هبوط المؤشر العام لمعدلات التضخم إلى أدنى مستوياتها في 6 سنوات عند 7.5% في أغسطس الماضي، وهو الأمر الذي رجح إمكانية لجوء البنك المركزي المصري لعملية التخفيض.

وتؤكد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي أنها سوف تستمر في اتخاذ قراراتها بناء على معدلات التضخم المتوقعة مستقبلًا، وليس معدلات التضخم السائدة؛ وبالتالي تستمر وتيرة وحجم التعديلات المستقبلية في أسعار العائد الأساسية لدي البنك المركزي في الاعتماد على مدى اتساق توقعات التضخم مع المعدلات المستهدفة، وذلك لضمان الاستمرار في تحقيق المسار النزولي المستهدف لاستقرار الأسعار على المدى المتوسط.

كما أن معدلات النمو عادت لتسجل ارتفاعات متتالية، وبلوغها 5.7% في الربع الثاني من 2019 وهو المعدل الأعلى في 11 عامًا.

فيما هبطت معدلات البطالة إلى 7.5% وهو نزولًا عن مستوياتها القياسية والتي بلغت 13.4% في 2013.

كل هذا يأتي في ظل انتعاشة قوية يشهدها الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، حيث ارتفع 10% خلال العام الجاري وهو ما يجعله ثان أفضل عملة كأداء في العالم، وملاذ آمن للمستثمرين العالميين في أدوات الدين.

المساهمة في خفض عجز الموازنة

ساهم خفض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة الرئيسية في أغسطس الماضي بـ 150 نقطة أساس، في توفير سيولة نقدية كبيرة تتراوح بين 10 – 15 مليار جنيه بالموازنة العامة.

ومن المتوقع أن تزداد تلك السيولة مع الخفض الجديد، ومن ثم توجيهها لخدمة مخصصات الموازنة العامة، والمساهمة في إنجاز المشروعات الضخمة بالاقتصاد المصري.

تخفيف عبء الدين وجذب الاستثمارات

– ستساعد خطوة تخفيض الفائدة الجديدة على تخفيف عبء الدين الحكومي وإعطاء مزيد من القدرة على المناورة المالية.

– يشجع خفض أسعار الفائدة أصحاب الأموال من عشاق المخاطرة والخبرة في مجال أسواق المال على الإقبال على البورصة المصرية، وضخ استثمارات جديدة فيها.

– رغم الخفض الجديد للفائدة، من المتوقع أن تبقى مصر إحدى أبرز الدول الجاذبة للاستثمارات قصيرة الأجل بالأسواق الناشئة في أدوات الدخل الثابت (أدوات الدين) ذات العائد الحقيقي المربح والذي يصل حاليًا إلى 8%، متخطية في ذلك تركيا.

– يشجع خفض الفائدة المستثمرين على العودة مجددًا للاقتراض بشكل قوي من أجل تنفيذ المزيد من التوسعات والمشروعات الجديدة، وهو ما يسهم في توفير السلع والخدمات بشكل أكبر في الأسواق، وبالتالي خفض الاعتماد على الاستيراد، وزيادة المعروض وبالتالي تراجع الأسعار وزيادة الاستهلاك، وأيضا زيادة دور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي.
 

ربما يعجبك أيضا