بعد مكالمة ترامب “المثيرة”.. تفاصيل فضيحة بايدن الابن تحت سماء كييف

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

بعد تحرك مجلس النواب الأمريكي لمساءلته، اضطر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الإفصاح عن مضمون مكالمته المثيرة للجدل مع نظيره الأوكراني، لكنه فاجأ الجميع بالإقرار بأنه بالفعل طلب من  فولوديمير زيلينسكي إعادة فتح ملفات “فساد” نجل خصمه جو بايدن، ما يعتبره الديمقراطيون استغلالا للنفوذ واستعانة بدولة أجنبية من أجل تشويه سمعة أحد خصوم الرئيس المحتملين في انتخابات 2020.

وبحسب ما نشره “البيت الأبيض” أمس قال ترامب لزيلينسكي في مكالمة جرت في الـ25 من يوليو: ثمة حديث كثير عن نجل بايدن وعن أن بايدن أوقف التحقيق، ويريد أناس كثيرون أن يعرفوا المزيد عن هذا الموضوع، من هنا سيكون رائعًا أن تجروا تحقيقا في هذا الشأن، بالتعاون مع المحامي رودي جولياني ووزير العدل الأمريكي بيل بار.

أيد زيلينسكي ترامب فيما قاله، ورد بالقول: الولايات المتحدة هي “شريك كبير” لأوكرانيا، وبما أننا فزنا بالأغلبية المطلقة في برلماننا، فإن المدعي العام المقبل سيكون 100 %رجلي ومرشحي، وسوف ينظر في الموقف على وجه التحديد مسألة التحقيق في القضية التي ذكرتها.

هذه المكالمة تحديدا كانت موضع شكوى استخباراتية ضد ترامب، وقدم بشأنها الأسبوع الماضي المدير العام للاستخبارات الأمريكية مايكل أتكينسون إفادة للكونجرس في جلسة مغلقة، إلا أن الصحف لم تتوقف عن النشر وكشفت فحوى المكالمة، ما دفع مجلس النواب إلى تحريك دعوى لمساءلة ترامب بشأن صحة هذه التسريبات.

 جو بايدن – الطرف الثاني في القضية – أكد عدم صحة مزاعم ترامب بشأن تورط نجله هانتر في جرائم فساد مالي خلال عمله في إحدى شركات الغاز الأوكرانية خلال الفترة من “2013 إلى أبريل 2019″، متهمًا ترامب بسوء استغلال السلطة.

لكن ماذا حدث في أوكرانيا؟
بحسب تقرير لـ”بلومبرج” بعد أن تولي بايدن منصب نائب الرئيس “باراك أوباما” في 2009، سعى هانتر الذي أسس شركة للاستشارات الاستثمارية فضلا عن عمله في مجال المحاماة إلى بناء علاقات تجارية مع دول أجنبية، وفي مايو 2014 تم تعيينه – بعد زيارة لوالده الذي كان يشرف على ملف العلاقات الأمريكية مع أوكرانيا – ضمن مجلس إدارة واحدة من أكبر شركات الغاز الأوكرانية “بوريسما”.

وهانتر كان يتقاضى شهريا نحو 50 ألف دولار من “بوريسما”، وتقاعد هذا العام بعد أن عرضت عليه فترة ولاية جديدة، إلا أنه خشي التأثير على حملة والده الانتخابية سلبا، وبحسب تصريحات سابقة له، كان دوره بمجلس الإدارة يختص بتقديم استشارات للشركة بشأن مسائل الشفافية والحوكمة والتوسع الدولي.

لكن بعض الصحف الأوكرانية تحدثت عن إمكانية تورط هانتر في عمليات ثراء غير مشروع، من خلال دوره في تسهيل حصول الشركة على مناقصات كبرى، وعزز هذه الفرضية أن هانتر “المحامي” وضابط البحرية المتقاعد، لم يكن له أي خبرات سابقة تؤهله لعضوية “بوريسما” سوى أنه نجل بادين، وحتى لم يسبق وأن عمل في مجال الطاقة أو السوق الأوكرانية عمومًا.

كما أثارت الصحف الأمريكية في عام 2015 مخاوف بشأن تقويض دور أمريكا ممثلة في نائب الرئيس آنذاك جو بايدن في الضغط على كييف من أجل مكافحة الفساد على نحو أفضل، نظرا لوجود هانتر ضمن مجلس إدارة إحدى الشركات التي كانت تمثل عنوانا لاستغلال النفوذ والفساد.

ما هي قصة فساد بوريسما؟
في عام 2002 أسس ميكولا زلوشيفسكي “بوريسما” وتخصصت في إنتاج الغاز، وبحلول عام 2010 احتكرت بيع الغاز الأوكراني، ساعدها في ذلك بالطبع ترأس زلوشيفسكي لوزارة البيئة خلال الفترة من يونيو 2010 إلى أبريل 2012، ومن ثم عُين نائب لوزير الأمن القومي “2012- 2014″، فضلا عن عضويته في حزب الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش.

لكن مع الإطاحة بيانوكوفيتش في فبراير 2014، وضم روسيا لشبه جزيرة القرم، مرت الشركة بمرحلة عصيبة ودخلت تحت طائلة تحقيقات فساد موسعة، ما دفع زلوشيفسكي إلى حمايتها عبر ضم شخصيات أجنبية مؤثرة إلى مجلس إدارتها مثل هانتر والرئيس البولندي السابق ألكسندر كواسنيفسكي، لكن هذا لم يجدٍ إذ هرب زلوشيفسكي من البلاد خشية الملاحقة القضائية، على خليفة اتهامات بالتهرب الضريبي والتورط في عمليات تبيض أموال.

وفي عام 2016، قضت محكمة كييف برفع اسمه من قوائم المطلوبين، مؤكدة أنها لم تعثر على أي دليل على ارتكاب مخالفات جنائية من قبل زلوشيفسكي، فيما أعلنت “بورسيما” في 2017 انتهاء جميع التحقيقات ضدها، وذلك بعد أن دفعت 7.44 مليون دولار إضافية كضرائب.
 
دور بايدن “نائب الرئيس” في أوكرانيا
خلال هذه الفترة تم تكليف بايدن بمتابعة ملف الفساد في أوكرانيا، وأجرى زيارات عدة إلى كييف، وفي ديسمبر 2014 بعث برسالة إلى مكتب المدعي العام الأوكراني يحذر فيها من تداعيات وخيمة في حال عدم التعاون مع لندن في تحقيقيات تتعلق بتورط زلوشيفسكي في جرائم تبيض أموال، وفي يناير 2015 أغلقت لندن هذه التحقيقات نتيجة لعدم تعاون كييف، وتحفظت على مبلغ بـ23 مليون دولار تعود لزلوشيفسكي.

 اعتبارا من 2015 بدأت جهود الإدارة الأمريكية تركز على إقالة المدعي العام الأوكراني فيكتور شوكين، واعترف بايدن بهذا الجهد قائلا في كتابه “عدني يا أبي”: مطلع 2016 مارسنا ضغطنا على الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو ورئيس الوزراء آنذاك أرسيني ياتسينيوك، لإقالة شوكين، الذي اعتبره فاسدًا، كما هددت بالرحيل عن المنصب في حال حصلت كييف على ضمان قرض بنحو 1.8 مليار دولار، قبل إقالته.

تمت إقالة شوكين في مارس 2016، لكن هذا لم يكن نتاج جهد واشنطن فقط، كان الجميع يلوم الحكومة الأوكرانية على الفشل في معالجة ملفات الفساد، بما في ذلك الدول الأوروبية وصندوق النقد، وفي شوراع كييف كان المتظاهرون يدعون إلى الإطاحة بشوكين.

محاولة ترامب الطائشة
إثارة ترامب لقضية هانتر في أوكرانيا، حتى وإن انتهت إلى لا شيء، كما حفظت التحقيقات الأولى عام 2017، فهي ستلقي بظلال من الشك على ترشح بايدن، وستضعه في قلب مخالفة دستورية تتعلق بـ”تعارض المصالح” بدون دليل واضح على تورط نجله في أي مخالفات قانونية.

 لكن على الناحية الأخرى ومع الكشف عن فحوى مكالمة ترامب المثيرة مع زيلينسكي، بات الرئيس في قلب فضيحة استغلال نفوذ، ومحاولة ضغط على دولة أجنبية لمساعدته في تشويه سمعة بايدن، وبدليل واضح، إذ جمد البيت الأبيض في أغسطس الماضي حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا بـ250 مليون دولار ، في خطوة للضغط بالاتجاه المطلوب كما يقول الديمقراطيون، وإن كان قد تراجع عن هذا القرار في مطلع الشهر الجاري، فهذا لا يعني أن المحاولة لم تتم.

ربما يعجبك أيضا