هونج كونج.. غليان متصاعد في ذكرى تأسيس “الصين الشعبية”

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

تواصلت الاحتجاجات بهونج كونج، أحد أكبر مراكز المال والاقتصاد في العالم وباتت اليوم تواجه اختبارا حقيقيا قد يخلف وراءه خسائر اقتصادية كبيرة، نتيجة تصاعد وتيرة المظاهرات المطالبة بالديموقراطية التي تعيشها البلاد منذ 4 أشهر، وهى الأزمة الأكبر من نوعها منذ عودتها إلى الصين عام 1997 وحتى الآن.

ورغم الوجود الأمني المكثف وموقف الصين الصارم فإن الحركة الاحتجاجية، التي بدأت قبل عدة، لا تزال تحظى على ما يبدو بدعم واسع في المدينة التي يقطنها أكثر من سبعة ملايين نسمة.

وبعد أسابيع من احتلال ناشطون يرتدون اللون الأسود وهو اللون الرمزي للحركة الداعمة للديمقراطية باحات الوصول في مطار العاصمة الدولي تسبب في إلغاء الرحلات الجوية من وإلى المطار.

وقد نظم المحتجون اليوم مسيرة سلمية ضخمة ظلت كذلك إلى حد كبير، لكن الاحتجاجات في مناطق أخرى تحولت إلى اشتباكات عنيفة، أصابت هونج كونج بالشلل، حيث احتدمت المواجهات بين المحتجين والشرطة بالتزامن مع احتفال الحكومة المركزية في بكين بالذكرى 70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

رأي الشارع

متظاهر ملثم في هونج كونج قال: إن “الطريقة التي تتعامل بها الشرطة مع أهالي هونج كونج هي نفسها طريقة النازيين الألمان أو الطريقة التي تتعامل بها الصين مع شينجيانغ (تركستان الشرقية)، ولقد وضعت الحكومة الصينية أهالي شينجيانغ [مسلمي الأويغور] في معسكرات الاعتقال وقمعوا الأشخاص الذين يدعمون المسلمين”.

وتابع: “شينجيانغ (تركستان الشرقية) اليوم هي هونج كونج غدا، وتايوان ستكون التالية، ونحن سنستخدم كل قوتنا للوقوف أمام الحزب الشيوعي الصيني، وعلى أي شخص يدعم الحرية في العالم أن ينضم إلينا ويقاوم الحزب الشيوعي”.

شرطة هونج كونج

من جانبها أطلقت شرطة هونج كونج، الرصاص الحي على متظاهر للمرة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات المناوئة للحكومة قبل 4 أشهر، وذلك فيما احتدمت المواجهات بين المحتجين والشرطة بالتزامن مع احتفال الحكومة المركزية في بكين بالذكرى 70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

وقالت المتحدثة باسم شرطة هونج كونج يولاندا يو -في تصريحات أدلت بها في مقطع فيديو نشر على صفحة الشرطة على “فيسبوك” إن المتظاهر الذي أطلق عليه الرصاص يبلغ من العمر 18 عامًا، وأصيب في الكتف الأيسر.. مضيفة أنه كان في كامل وعيه أثناء نقله إلى المستشفى.

وأوضحت أن الضابط الذي أطلق النار على المتظاهر تعرض لهجوم من حشود عنيفة هددت حياة الضباط، وقالت “من أجل إنقاذ نفسه وزملائه، أطلق رصاصة واحدة على المهاجم”.

وفرضت الشرطة طوقا أمنيا واستخدمت خراطيم المياه لإبعاد المتظاهرين عن مكتب الاتصال التابع للحكومة المركزية في بكين، كما أطلقت الشرطة في مواقع أخرى أعيرة نارية كطلقات تحذيرية، وطارد أفرادها المتظاهرين.

وقالت شرطة هونج كونج -عبر صفحتها على “تويتر”- إن “مثيري الشغب” في إحدى المناطق أصابوا العديد من الضباط والمراسلين حيث هاجموهم “بسائل مسبب للتآكل”.

المخاطر على الاقتصاد

وإلى جانب الحرب التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية على الاقتصاد الصيني، فإن التوترات السياسية في هونج كونج ألقت بظلالها على القطاع الاقتصادي الذي يستند في المقام الأول إلى السياحة، إذ تشهد تراجعاً قاسياً بعد أكثر من 4 اشهر من التظاهرات المؤيدة للديمقراطية التي يبدو أنها لن تتراجع، فغرف الفنادق فارغة والمحال التجارية تواجه صعوبات، وحتى الحشود التي تقصد ديزني لاند تراجعت.

وصرح رئيس مجلس صناعة السياحة في هونج كونج جايسون وونج: “أعتقد أن الوضع يزداد سوءاً”، وأضاف أن “الوضع حمل وكالات السفر على أن تبدأ درس مشروع إعطاء الموظفين إجازة غير مدفوعة الأجر لمواجهة ما يحصل”.

وقد تراجع النمو من 4.6% إلى 0.6% على أساس سنوي في الفصل الأول، وهذا أسوأ أداء فصلي منذ عقد.

فيما اتهمت رئيسة السلطة التنفيذية “كاري لام”، المتظاهرين  بتعريض اقتصاد المنطقة للخطر، وحذرت من أن العواقب قد تكون أسوأ من تلك التي نجمت عن السارس (المتلازمة التنفسية الحادة) في 2003 والأزمة المالية في 2008، مشيرة إلى أن الانتعاش الاقتصادي سيستغرق وقتاً طويلاً للغاية.

الاضطرابات في هونج كونج، ربما تنذر بأزمة مالية أكثر شراسة، إذا ما انتشرت في عمق الصين، فذلك يحمل مخاطر هروب رأس المال والأعمال.

وفي حال حدوث التدخل العسكري الذي يقال بأن بكين تجهز له لفض التظاهرات؛ فسيكون خطوة لتدمير الاقتصاد في هونج كونج كليًا، وهو الأمر الذي سيضرب اقتصاد الصين حتمًا، وبالتالي التأثير على اقتصاديات العالم في حال تضررت الشركات العالمية الموجودة في المدينة.

بريطانيا

فيما قالت “راب”، الخارجية البريطانية في بيان لها، إنه لا يوجد أي مبرر لاستخدام العنف، مشيرًا إلى أن استخدام الذخيرة الحية غير مناسب، وقد يؤدي إلى تصعيد الموقف.

وأضافت: “أن حادث إطلاق الذخيرة الحية على المحتجين يؤكد الحاجة إلى إجراء حوار بناء لمعالجة المخاوف المشروعة لشعب هونج كونج”، موضحًا أننا نحتاج إلى ضبط النفس ووقف التصعيد من جانب الطرفين.

ربما يعجبك أيضا