اعترافات الموساد.. زلة لسان أم تحذير مقصود لـ”سليماني”

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

رسميًا، الموساد الإسرائيلي يعترف باغتيال قادة من حماس، كاشفًا دوره في اغتيال من يهدد أمن الكيان الصهيوني، من خلال استهداف الشخصيات الهامة خلال إحيائهم لشعائر الجنائز، لكنها فشلت في اغتيال الرئيس الراحل صدام حسين ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، كل ذلك كشفه رئيس الموساد  في رده على اتهامات طهران بمحاولة اغتيال “قاسم سليماني” رئيس فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني.

الموساد.. ذراع قاتل

يعد جهاز الموساد ذراع إسرائيل الاستخباراتية والطويلة للمتابعة والتجسس على الدول والمؤسسات، ومطاردة واغتيال أشخاص تعتبرهم خطرًا على أمنها القومي.

وتشمل مهامه، جمع المعلومات السرية من خارج الحدود، وإحباط تطوير الأسلحة غير التقليدية، إحباط النشاطات التي تستهدف المصالح الإسرائيلية واليهودية، تهجير اليهود من البلدان التي تمنع الهجرة إلى إسرائيل، الحصول على معلومات استخباراتية إستراتيجية ضرورية لتخطيط وتنفيذ عمليات خاصة خارج إسرائيل.

وعلى امتداد سنوات الصراع، نفذ “الموساد” ما لا يقل عن 2700 عملية اغتيال خلال 70 عامًا، وقد انتهج العديد من الأساليب والأدوات لتنفيذ هذه العمليات من بينها استخدام معجون الأسنان المسمم، الذي يستغرق شهراً لإنهاء حياة المستهدف، والطائرات دون طيار، والهواتف المحمولة الملغومة، وقنابل التحكم عن بعد، بالاضافة إلى أساليب كثيرة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وهو ما ذكره محلل الشؤون الاستخباراتية د. رونين بيرغمان.

وأوضح د. بيرغمان أن الاحتلال كان على قناعةٍ تامّةٍ بأنّ الشخصية المُستهدفة ستُشارِك في تشييع أقربائها ومعارفها، وبالتالي كان الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) يترصد تلك الأحداث لتنفيذ عملية الاغتيال.

ويلخص بيرغمان فلسفة الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل بأنها تنطلق من العقيدة التي حددها مؤسس الدولة بن غوريون وهي “امن إسرائيل يقوم على الحراب” من اجل هدفين، الأول: تدمير الخطر المتوقع على الدولة . والثاني: الوصول إلى الاشخاص الذين نفذوا عمليات ضد إسرائيل، سواء داخل الدولة او خارجها وتصفيتهم.

أبرز الاغتيالات

وبحسب المحلل الاستخباراتي د. بيرغمان الذي يستقي معلوماته من قادة الكيان، فإن الموساد هو من نفذ عملية اغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ونائبه خليل الوزير (أبو جهاد) وعلي حسن سلامة (مسؤول وحدة حراسة عرفات في بيروت.

 ومن أبرز الذين اغتالهم الموساد الروائي الفلسطيني عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين غسان كنفاني، والقائد في الجبهة ذاتها وديع حداد، بالإضافة إلى اغتيال العشرات من سفراء منظمة التحرير، وكوادر فلسطينية في عواصم أجنبية.

ومن أبرز القادة الذين تمت تصفيتهم زعيم حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، والقادة عبدالعزيز الرنتيسي وإسماعيل أبوشنب، ويحيى عياش (الملقب بالمهندس)، ومسؤول كتائب القسام أحمد الجعبري، بالإضافة إلى محمود المبحوح الذي اغتيل في دبي، والمهندس التونسي محمد الزواري، وخليل الشقاقي الأمين العام الأسبق لحركة الجهاد الاسلامي.

كما طالت يد الاغتيال التي نفذها الموساد الأمين العام لحزب الله الأسبق عباس الموسوي وعددًا من قيادات الحزب وكوادره الذين استهدفوا في سوريا، ومنهم الأسير المحرر سمير قنطار ومصطفى بدر الدين، وجهاد مغنية نجل عماد مغنية، كما تعرض للاغتيال عدد من العلماء الإيرانيين أبرزهم أربعة علماء نوويين اغتيلوا بين عامي 2010 و2012.

ورغم ذلك فشل الموساد لأكثر من مرة في تنفيذ اغتيالات أو عمليات خاصة في العالم العربي، أبرزها عملية اغتيال خالد مشعل في عمان عام 1997، وكذلك محاولة اغتيال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين خلال زيارته لنصب الجندي المجهول، كما أكّدت المصادر الأمنيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.

رسميًا الموساد يعترف

دأب جهاز الموساد الإسرائيلي على عدم التعليق على عمليات الاغتيالات التي يقوم بتنفيذها رغم الاتهامات الموجهة له، ولكن هذه المرة وعلى لسان رئيس الموساد يوسي كوهين، باغتيال مسؤولين تنفيذيين بحركة حماس في عدة أنحاء من العالم بالإضافة لعدد من عمليات الاغتيال التي قادها خلال السنوات الماضية، لكنه لم يكشف عنها لأسباب خاصة – حسب تصريحاته.

وقال كوهين -في مقابلة مع صحيفة “باميشبحا” الصهيونية- إن “حماس لم تعد تنسب هذه الاغتيالات لإسرائيل”، لكنه لم يكشف عن أسماء المسؤولين الذين استهدفهم جهازه.

وكانت “حماس” قد وجهت في السنوات القليلة الماضية اتهامات لجهاز “الموساد” باغتيال عدد من نشطاء الحركة في تونس وماليزيا، فيما اكتفت سلطات الاحتلال بعدم التعليق على هذه الاتهامات.

سليماني ليس مستبعدًا

تأتي اعترافات رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين ردًا على مزاعم طهران بوقوف إسرائيل وراء محاولة اغتيال “قاسم سليماني” قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، وذلك خلال زيارته لقبر والده كما هو معتاد سنويًا، في إطار النهج المتبع في الموساد لتنفيذ عمليات الاغتيال.

يوسي كوهين أكد أن عملية اغتيال “سليماني” ليس مستحيلًا ، ولكنه ليس في قائمة الاغتيالات، لافتًا إلى أن الموساد يتابع ويراقب كل أنشطة “سليماني في المنطقة ويسعى لإفشالها.

وأضاف أيضًا أن إسرائيل بإمكانها اغتيال الأمين العام لـ حزب الله حسن نصرالله، دون الإفصاح عن سبب عدم لجوئه لهذا الخيار.

وتابع بالقول: إن “تصفيات الأعداء هدفها إزالة التهديدات وليس الانتقام”، مؤكدًا أن “كل من يهدد أمن إسرائيل في خارج البلاد سيشعر بقبضة جهاز الموساد”.

وأوضح كوهين أن إسرائيل لا تسعى لإسقاط النظام الإيراني بقدر ما تبذل قصارى جهدها لمنع امتلاك طهران السلاح النووي.

ذلك لا ينفي أن “سليماني” بات معضلة دون حل للكيان، وأن اغتياله مصلحة لإسرائيل أولًا لدوره في تمركز إيران بالمنطقة، ودوره في نقله للأسلحة من إيران إلى سوريا وحزب الله وتخطيطه لاستهداف أهداف للكيان الصهيوني.

ربما يعجبك أيضا