أزمة البريكست… بريطانيا تعود لمربع الصفر

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

أقر مجلس العموم البريطاني، اليوم، تأجيل التصويت على اتفاق رئيس الوزراء بوريس جونسون، ومنح فرصة لأعضاء البرلمان ليوم الثلاثاء القادم لقراءة الاتفاق بتمعن، واستيفاء باقي إجراءات قرار الخروج. على النقيض، رفض جونسون الالتزام بمخرجات جلسة اليوم، وعودة التواصل مع الاتحاد الأوروبي بشأن تأجيل التصويت، بالرغم من وجود قانون، تم استخراجه الشهر الماضي بإلزامه بطلب تأجيل الخروج لـ2020 في حالة عدم التوصل لاتفاق.

تعود بريطانيا اليوم لمربع الصفر بعدما توصل جونسون لصيغة اتفاق الخميس الماضي، اعتبره رئيس المفوضية الأوروبية، جون يونكر، “عادل وممتاز” كما أوصى دول الاتحاد الأوروبي بأعضاء الضوء الأخضر له. بينما يبقى أمامه صخرة العموم البريطاني والتي تبدد أمامها اتفاقات بروكسل، ولذا قد يتخذ جونسون مسار تيريزا ماي في فشلها للتوصل لاتفاق يحوز على أغلبية مجلس النواب.

سيناريو تيريزا ماي

عقب تأجيل البرلمان البريطاني التصويت على الاتفاق، هل يمكن القول: إن جونسون قد يقع في فخ تيريزا ماي، رئيسة الحكومة البريطانية السابقة، وقد يقوده لنفس السيناريو، أي الاستقالة، وقد فشلت ماي في الاستحواذ على الأغلبية في البرلمان لثلاث مرات، وقد أرجأت البريكست مرتين، فقد كان محددًا الخروج في نهاية يناير الماضي، وتم تأجيله أكتوبر 2019.

من الواضح أن بنود الاتفاق مع بروكسل لم تتغير كثيرًا عن اتفاق ماي؛ لأنها لم تعالج المشكلة الرئيسية والتي يعترض عليها غالبية النواب، وبالأخص نواب أيرلندا الشمالية، جزء من المملكة المتحدة، ممثلين في الحزب الوحدوي الديمقراطي، وهي سريان عدد من القوانين التابعة للاتحاد الأوروبي على مقاطعة أيرلندا ولاسيما فيما يخص البضائع، أضافة لإنشاء مناطق حواجز جمركية “شبكة آمان، وتعرف بـ”بالباك ستوب”، تتفادى عودة حدود فعلية بين الاتحاد الأوروبي ممثلًا في جمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد، ومقاطعة أيرلندا الشمالية، جزء من بريطانيا، وذلك إعمالا الاتفاقيات السلام بين الطرفين لعام 1998.

معارضة الأحزاب

لم يلقَ اتفاق قبول لدى حزب العمال، المعارض للبريكست، وحزب الوحدوي الديمقراطي، المعارض لبنود الاتفاق، وكذلك عدد من النواب المستقلين عن حزب المحافظين، إضافة لحزب اسكتلندا.

وقال جيريمي كوربين -زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، السبت- “ببساطة، لا أستطيع التصويت لصالح الاتفاق”. وأضاف: “إنه اتفاق لا يحقق صالح بلادنا، وسوف تشعر الأجيال القادمة بآثاره. وينبغي التصويت ضده في هذا المجلس الآن”

وتابع: “أقدر مدى الإحباط والإرهاق الذي تعاني منه البلاد ويعاني منه هذا المجلس، لكننا ببساطة لا نستطيع التصويت لهذا الاتفاق الذي أرى أنه أسوأ من الاتفاق الذي توصلت إليه تريزا ماي”.

وقال إيان بلاكفورد، زعيم الحزب الوطني الأسكتلندي في ويتسمنستر، إن اتفاق بوريس جونسون للبريكست “أسوأ من الاتفاق الذي توصلت إليه تريزا ماي”. وأضاف أن: “الحكومة البريطانية لا تهتم لأمر اسكتلندا”.

وتابع: “إنجلترا تحصل على ما تريد مما صوتت لصالحه، وويلز تحصل على ما تريد مما صوتت لصالحه، وكذلك أيرلندا الشمالية تحصل على ما تريد مما صوتت له، أما اسكتلندا فقد تم تجاهلها وتنحيتها جانبا”. وقال: “اسكتلندا لن يتم تجاهلها بعد الآن، لابد من وقف هذا الاتفاق.” حسبما أشارت البي بي سي.

أي سيناريو؟

من المحتمل أن تقود جلسة الثلاثاء القادم لنتيجة مفادها تنفيذ قانون بن الذي يقضي بإلزام رئيس الوزراء بطلب تأجيل البريكست لـ يناير 2020، لاسيما وأن عددا كبيرا من النواب رأى أن الاتفاق يماثل اتفاق ماي، ويقف أمام هذا السيناريو عائق، وهو ضرورة موافقة الاتحاد الأوروبي على طلب التأجيل.

وهناك سيناريو آخر، وهو توصل الحكومة مع عدد من النواب المستقلين عن حزب المحافظين للموافقة عليه، وخاصة أنهم عارضوا خطة الحكومة للخروج بدون اتفاق، ومن الممكن أن ينجح هذا السيناريو، لأن تأجيل التصويت تم تمريره اليوم بواقع 322 صوتًا مقابل 305 صوتًا، ويبلغ عدد النواب المنفصلين عن الحزب 21 نائبًا. أما السيناريو المستبعد، فهو الخروج من دون اتفاق، وهو ما يتفق عليه غالبية أعضاء البرلمان، لما فيه من كوارث اقتصادية على المملكة المتحدة وكذلك على الاتحاد الأوروبي.

ربما يعجبك أيضا