مظاهرات العراق.. الشعب يتأهب مجددا والحكومة تترقب

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

بدأ العد التنازلي لعودة المظاهرات في العراق، وذلك بعد إعلان ناشطين على منصات التواصل الاجتماعي عزمهم استئناف احتجاجاتهم المناهضة للحكومة والنظام السياسي “الفاسد” في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وكان المحتجون في المحافظات العراقية قد قرروا إيقاف الاحتجاجات بشكل مؤقت حتى انتهاء زيارة “أربعينية الإمام الحسين” في كربلاء، التي توافق 20 أكتوبر الجاري، على أن تتجدد التظاهرات في الـ25 من الشهر نفسه.

الخطورة هذه المرة أن هذه المظاهرات التي تدعو لإنهاء نظام المحاصصة الطائفية وإنهاء الفساد المتفشي في العراق، ويقابلها من الجهة المقابلة مظاهرات في لبنان، تطالب بالمطالب نفسها، وأخطر مطالب الحراكين هو إنهاء هيمنة إيران وأدواتها على العراق ولبنان.
ويعتبر العراق من بين أكثر دول العالم فسادا على مدى السنوات الماضية.

بدء تلقي طلبات المتظاهرين

وقد بدأت الحكومة العراقية، استلام طلبات المتظاهرين، في مسعى لامتصاص الغضب الشعبي قبيل أقل من أسبوع على موعد تجدد الاحتجاجات.

عملية استلام الطلبات بحسب وسائل إعلام محلية تتم عبر لجنة شكلتها الحكومة يرأسها وزير العمل والشؤون الاجتماعية، باسم عبد الزمان.

وأوضح الوزير العراقي أن الجدول الزمني لتنفيذ الخطة الخاصة بمحافظة المثنى يمتد إلى ثلاثة أشهر.

ولفت إلى أن الخطة تستند للحزم الثلاثة التي أطلقها مجلس الوزراء، وتتضمن تشغيل العاطلين عن العمل، وتوزيع قطع أراضي، وبناء دور سكنية.

المظاهرات الماضية  

وانطلقت احتجاجات مطلع أكتوبر الجاري من العاصمة بغداد؛ للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات جنوبية، وتستمر لمدة أسبوع.

ووقع خلال الاحتجاجات نحو 120 قتيلا، بينهم عدد من أفراد الأمن، فضلا عن إصابة أكثر من 6 آلاف آخرين، فيما أقرت الحكومة باستخدام قواتها العنف المفرط ضد المحتجين، وتعهدت بمحاسبة المسؤولين عن العنف.

وإثر التظاهرات، تعهدت الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن العنف، فضلاً عن إجراء إصلاحات من بينها محاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة وتوفير المزيد من فرص العمل وتخصيص رواتب إعانة للفقراء والعاطلين عن العمل، وذلك بعد أن أقرت باستخدام قواتها العنف المفرط ضد المتظاهرين.

الإصلاحات والفساد

وتعهدت الحكومة، حينها، بإجراء إصلاحات من بينها محاربة الفساد وتحسين الخدمات العامة وتوفير المزيد من فرص العمل وتخصيص رواتب إعانة للفقراء والعاطلين عن العمل.

وقوض الفساد المالي والإداري مؤسسات الدولة العراقية التي لا يزال سكانها يشتكون من نقص الخدمات العامة مثل الكهرباء والصحة والتعليم وغيرها، رغم أن البلد يتلقى عشرات مليارات الدولارات سنويا من بيع النفط.

المرجعية السنية

فيما أصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق بيانًا بشأن استهداف شباب الانتفاضة العراقية في بغداد وعدد من محافظات البلاد، وقالت:  “قد بات واضحًا أن إصرار المتظاهرين على بلوغ أهدافهم ووقوف الشعب العراقي معهم، مباركًا لعزمهم وداعمًا لهم بكل الوسائل الممكنة في بلوغ أهدافهم وانتزاع حقوقهم المشروعة؛ قد أفزع (حكومة الاحتلال السابعة)، ودفعها إلى جعل ساحات التظاهر السلمي ساحات حرب غير متكافئة بين شبابٍ متظاهرٍ أعزل وبين حكومةٍ ظالمةٍ فاقدةٍ لشرعيتها وميليشياتٍ مجرمةٍ تستخدم الأسلحة القاتلة لإرهاب المتظاهرين وقمعهم”.

وأضافت: “وهكذا تثبت الحكومة وأجهزتها الأمنية وميليشياتها الإرهابية وداعموها من أذرع (الولي الفقيه) في العراق؛ أنها لن تتردد في استخدام أي شكل من أشكال الإرهاب والقوة المفرطة، وأي وسيلة من وسائل القتل في سبيل وأد انتفاضة تشرين وشبابها الأبطال؛ وهذا ما حصل خلال الأيام القليلة الماضية؛ حيث استخدمت الحكومة وقواتها وميليشياتها الرصاص الحي بكثافة، ووفق قواعد اشتباك تنص على القتل وليس غيره من خلال اعتماد أسلوب الكثافة النارية والقنص لاستهداف الناشطين السلميين، والإجهاز عليهم بعد حصرهم في أماكن معينة؛ مما أدى إلى ارتفاع وتيرة القتل الجائر، وتجاوز عدد الضحايا الـ (120) شهيدًا، فضلًا عن آلاف الجرحى والمعتقلين في بغداد والمحافظات”.

وختم بالقول: “إن الدماء العزيزة التي بذلها شباب العراق في سبيل حقوقهم وحريتهم وكرامتهم؛ تدل على أنهم قد كسروا قيود الذل والرضوخ للمعاناة والظلم الكبير الذي يتعرض له العراقيون منذ سنوات طويلة وأليمة، وهاهم اليوم يبهرون العالم بهذا الصمود والوقوف أمام الإجرام الحكومي المدعوم إقليميًا ودوليًا، والذي يحظى بسكوتٍ عربي هو أقرب إلى التأييد منه إلى الحياد، في قضية يفترض أن لا حياد فيها”.

الصدر يدعم

من جانبه، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تأييده لتظاهرات جديدة مرتقبة في العراق، معتبراً أن الحكومة “عاجزة” عن إجراء الإصلاحات المنشودة.

وخاطب الصدر المتظاهرين في بيانه قائلاً: “لعلكم عزمتم أمركم على أن تتظاهروا في الخامس والعشرين من الشهر الميلادي وهذا حق من حقوقكم”.

واستدرك بقوله: “لكني أريد أن أطلعكم على ما يجري خلف الستار. كل السياسيين والحكوميين يعيشون في حالة رعب وهيستيريا من المد الشعبي، وكلهم يحاولون تدارك أمرهم لكن لم ولن يستطيعوا فقد فات الأوان”.

وتابع رجل الدين الشيعي “كلهم (السياسيون) يريدون أن يقوموا ببعض المغريات لإسكاتكم كالتعيينات والرواتب وما شاكل (شابه) ذلك”.

وأضاف “كلهم قد جهزوا أنفسهم لأسوأ السيناريوهات، كلهم اجتمعوا على إيجاد حلول لكن لن يكون هناك حل”.

واعتبر أن “الحكومة عاجزة تماماً عن إصلاح ما فسُد”، مضيفاً “ما بُني على الخطأ يتهاوى”.

ومجدداً توجه الصدر للمتظاهرين قائلاً: “حريتكم بيد الفاسد، فإن أردتم أن تكونوا أحرارا في وطنكم فعليكم التخلص من الفساد والمفسدين (لم يحددهم)، ولا تأمل من حكومتكم أن تحاكمهم فحاكموهم ليشهد التاريخ لكم بأنكم أُباة الفساد”.

وخيّر الصدر العراقيين بين ثورة في الشارع إن شاؤوا أو “أخرى عبر صناديق اقتراع بيد دولية أمينة ومن دون اشتراك من تشاؤون من الساسة الحاليين”.
   

ربما يعجبك أيضا