الاستثمار بالعقارات التركية.. انهيار سريع تقوده الليرة

حسام عيد – محلل اقتصادي

تقلبات كبيرة للغاية شهدتها الليرة التركية في آخر عامين، عام 2018 وحده كان له نصيب الأسد من الخسائر الكبيرة، فالليرة تراجعت في المتوسط بنسبة 30%، ولكنها في الربع الأخير من العام ذاته هبطت بأكثر من 40% مقابل الدولار الأمريكي.

فماذا سيحدث إذا رغب فرد في شراء منزل في تركيا أو أراد مستثمر دخول سوق العقار التركي؟، وهل هناك مخاطر تترتب على تلك الخطوة؟!.

وتعتمد جدوى الاستثمار في القطاع العقاري بشكل أساسي على نوعية المستثمر ومدى مخاطرته وتوقعاته للعائد على الاستثمار ومنها يقرر المستثمر جدوى الاستثمار في العقار، كما أن للاستثمار العقاري تأثير على سائر الأنشطة الاقتصادية الأخرى.

ويعاني قطاع العقارات في تركيا أزمة كبيرة، جراء نقص السيولة في العملة الأجنبية بسبب انهيار الليرة، وهو ما أدى إلى توقف العديد من المشروعات التي كانت قيد الإنشاء.

ولجأ عدد من شركات العقار إلى بيع وحدات سكنية قبل الشروع في أعمال البناء وتأخروا في تسليم الوحدات ومنها ما توقف بالكامل عن استكمال المشروعات، مما ترك المشترين في ورطة كبيرة.

وكانت الليرة التركية تفاعلت سلبًا يوم الجمعة الموافق 25 أكتوبر الجاري، مع قرار البنك المركزي بخفض سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي خلال 3 أشهر.

الاستثمار بالعقارات التركية.. عالي المخاطر

هناك مخاطر بالغة يتضمنها سوق العقارات في تركيا بالوقت الراهن، فبداية قبل شراء أي عقار هناك أمور فنية يجب على المستثمر الأجنبي معرفتها، وأهمها الدراية بقانون الاستثمار، ومراقبة أسعار العقارات بشكل دوري.

في الحالة التركية، هناك تقلب كبير على العملة المحلية “الليرة”، وهذا يعني أن أي استثمار بالعقارات التركية يتضمن مخاطر بالغة، وبالتالي كل ما يمكن أن يربحه المستثمر في حال ارتفاع أسعار العقار سيفقده على الفور بجلسة أو جلستين فقط إذا تكبدت الليرة تراجعات كبيرة.

أما فيما يتعلق بالقوانين، فالمستثمر الأجنبي مُطالب بمتابعة كل ما هو جديد في قوانين الاستثمار داخل تركيا، وأيضا يجب أن يكون على دراية كافية بالأمور المتعلقة بالمشروع الذي يرغب في تدشينه بتركيا، سواء عبر معرفة حجم الشركات التي ستعمل عليه وفي أي مدى زمني تستطيع إنهائه، أو معرفة المشروعات المنافسة له في مجال العقارات، وكذلك معرفة الرسوم التي تفرض بعد البيع وأيضا رسوم الصيانة وذلك تجنبًا لأي تكاليف باهظة هو في غنى عنها، فغاية المستثمر تتمثل في تحقيق أكبر ربح ممكن بأقل تكلفة.

وتعتزم الحكومة التركية فرض رسوم إضافية على العقارات التي تتجاوز قيمتها أكثر من 5 ملايين ليرة.

هبوط جديد لليرة بفعل أردوغان

وفور إعلان خفض الفائدة الرئيسي بنسبة 2.5%، وهو أكثر مما كان متوقعاً، بدأت الليرة التركية اتجاهها نحو الهبوط مجدداً بعد أن صعدت في اليوم السابق إلى أعلى مستوى في شهرين عندما رفعت واشنطن العقوبات عن أنقرة.

وسجلت الليرة 5.763 مقابل الدولار يوم الجمعة الموافق 25 أكتوبر، وهو سعر أضعف بنحو 0.5% عن إغلاق الأربعاء البالغ 5.735 ليرة.

ويعد ذلك هو الخفض الثالث لأسعار الفائدة التي تراجعت بنسبة 10% منذ إطاحة إردوغان بمحافظ البنك المركزي السابق مراد شتينكايا قبل 3 أشهر، بسبب رفضه خفض سعر الفائدة؛ خوفاً من تفاقم الأزمات المالية العميقة التي يعاني منها الاقتصاد.

مبيعات العقارات إلى أدنى مستوياتها

وقد شهدت الـ 9 أشهر الأولى من عام 2019 الجاري، تراجعًا بنحو 14% في عدد العقارات المباعة في تركيا، حيث بيع 865 ألف و473 عقارًا بعدما بلغت نحو مليون وألفين و391 عقارًا خلال الفترة عينها من العام السابق، بحسب بيانات هيئة الإحصاء التركية.

وشهدت الفترة عينها من أعوام 2015 و2016 و2017 مبيعات أكبر من العام الجاري ليسجل عام 2019 أدنى مبيعات عقارات في الفترة بين شهري يناير وسبتمبر خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

وخلال عام 2019 تراجعت مبيعات العقارات إلى الأجانب بنحو 26% مقارنة بالعام السابق لتسجل 4 آلاف و177 عقارًا. وتصدر العراقيون قائمة أكثر الأجانب شراء للعقارات خلال شهر سبتمبر بواقع 781 عقارًا.

وجاء الإيرانييون في المرتبة الثانية بواقع 489 عقارًا، تلاهم الروسيون بواقع 248 عقارًا، وكانت المرتبة الرابعة من نصيب السعوديين بواقع 214 عقارًا، ثم الكويتيون في المرتبة الخامسة بواقع 191 عقارًا.

المستثمر الخليجي يغادر

وفي مطلع أكتوبر الجاري، حذر رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية في السعودية عجلان العجلان المستثمرين في بلاده من مغبة الاستثمار في تركيا، وشدد العجلان على أن المستثمرين السعوديين في تركيا مهددين بخسائر كبيرة بعد التضييق عليهم وتعطيل مصالحهم والضغط عليهم إلى حد الابتزاز في بعض الحالات من قبل جهات متنفذة ومدعومة هناك.

وأشارت السفارة السعودية في تركيا إلى مشاكل عديدة تواجه المواطنين السعوديين الذين يستثمرون في العقارات حيث ينتهي المطاف بالبعض إلى عدم الحصول على سند ملكية أو التعرض للاحتيال.

ونشرت السفارة السعودية تحذيرا على موقعها الإلكتروني من المشكلات التي يقع فيها السعوديون من مالكي العقارات في تركيا.

هذا ونصحت السفارة في أنقرة والقنصلية السعودية في إسطنبول المواطنين السعوديين ممن لديهم مشاكل مع أصحاب العقار أو الراغبين في الاستثمار بالتواصل أولاً مع السفارة لمعرفة الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، ولمعرفة مصداقية الشركات العاملة في هذا المجال.

ربما يعجبك أيضا