احتجاجات إيران “نار مستعرة” ونظام الملالي المسؤول الأول

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

أزمة كبيرة يواجهها النظام الإيراني حاليًا وتزداد ساعة بعد ساعة، فقد اندلعت احتجاجات في معظم المناطق الإيرانية على مدار اليومين الماضيين ضد قيام الحكومة برفع أسعار البنزين ثلاثة أضعاف، تخللتها أعمال شغب وعنف ومحاولات لإحراق بعض مستودعات النفط.

وتشهد العاصمة الإيرانية طهران ومدن أخرى احتجاجات، اليوم الأحد، وسط انقطاع خدمة الإنترنت بمعظم أنحاء البلاد بعد موجة الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت ضد رفع أسعار البنزين.

كما نقلت وسائل إعلام موالية للنظام مقتل ضابط في اشتباكات كرمانشاه بين الأمن والمحتجين، فيما قالت الاستخبارات الإيرانية إنها رصدت محركي الشغب واتهمتهم بالعمالة للخارج. فيما أفادت مصادر بحسب موقع “العربية” أن محتجين في قرتشك جنوب طهران أغلقوا عددًا من الطرق كما أغلقت السلطات المترو في طهران وأصفهان لمنع نقل المحتجين.

وأفادت مصادر وفقًا لـ”العربية” و”الحدث” ببدء إضراب عام واحتجاجات في سوق طهران الكبير صباح الأحد، فيما انطلقت تظاهرات لطلاب جامعة “سنندج” بمحافظة كردستان غرب إيران، كما شارك طلاب جامعة أصفهان في التظاهرات أيضا فيما تواترت الأنباء حول مقتل متظاهر في الأحواز أمس، بعد إصابته بقنبلة غاز في رأسه.

انتقادات

وبينما صرح المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي اليوم بأنه يدعم قرار رؤساء السلطات الثلاث الخاص برفع أسعار الوقود، قائلًا: “لست خبيرًا في هذا المجال، ولكني كنت قد أعلنت سابقًا أنني أدعم القرارات التي يتخذها الاجتماع المشترك لرؤساء السلطات الثلاث”، في إشارة إلى السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

وجه نواب بمجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني)، اليوم الأحد، انتقادات لرئيس المجلس علي لاريجاني بسبب قرار رفع أسعار الوقود. وذكرت وكالة “مهر” الإيرانية أن نواب المجلس طالبوا خلال الاجتماع العلني للمجلس اليوم، بالإشراف على أسعار السلع بعد ارتفاع أسعار الوقود، واحتجوا على عدم أخذ آراء النواب بعين الاعتبار بهذا الخصوص.

ونقلت عن النائب غلام رضا كاتب، موجهًا خطابه للاريجاني، القول: “نتوقع أن تؤخذ وجهات نظرنا بعين الاعتبار في الاجتماعات التي تشاركون فيها نيابة عن مجلس الشورى”، بينما قال النائب أحد ازاديخواه: “وفقًا للمخطط السادس للتنمية، فإن موضوع ارتفاع أسعار الوقود يحتاج إلى تأكيد نواب مجلس الشورى الإسلامي، لكن لم يطلع النواب على هذا الموضوع، ونحن نعارض هذا المسار”.

كما طالب النائب جواد حسيني بتحميل رئيس الجمهورية حسن روحاني المسؤولية عن أعمال الشغب التي شهدتها البلاد، ورد لاريجاني على الانتقادات الحادة بالدعوة للهدوء من أجل اتخاذ قرارات صائبة.

توقعات

قالت مصادر، لموقع “روسيا اليوم” الإخباري:، إن العاصمة طهران إضافة إلى مدن أخرى، تشهد خلو معظم شوارعها من حركة السير، كما أن الحكومة قررت تعطيل المدارس اليوم، لما شهدته معظم المدن الإيرانية أمس السبت من ازدحامات خانقة وقطع الطرق الرئيسية ومظاهرات تخللت بعضها أعمال عنف، ناهيك عن انقطاع في خدمة الإنترنت.

ولفتت إلى أنه من المتوقع أن تشهد بعض المناطق عودة الاحتجاجات في ساعات الليل المتأخرة، وأضافت أن السلطات قامت باعتقال العشرات من “مثيري الشغب” والأشخاص خلال المظاهرات، كما تم اعتقال قادة الاحتجاجات في مدينة مشهد بشمال شرق البلاد.

خطايا الملالي

وقال الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني، أسامة الهتيمي: في تقديري أنه لا يمكن فصل ما تشهده إيران من موجات احتجاجية هذه الأيام على خلفية قرار رفع أسعار الوقود ثلاثة أضعاف عن ما شهدته نهاية ديسمبر من عام 2017 من احتجاجات اجتاحت أغلب المحافظات والمدن الإيرانية، وكانت أيضًا على خلفية تردي المستوى المعيشي وتفشي ظاهرة الفساد رغم أن إيران وقتها كانت تعيش بعيدًا عن قيود العقوبات الاقتصادية، والتي رفعت بمقتضى الاتفاق النووي الموقع في يوليو 2015 وسرى تطبيقه بدءًا من يناير 2016 وقبل أن يتم استئنافها مجددًا في أغسطس من العام 2018.

وأضاف أسامة الهتيمي -في تصريحات خاصة لـ”رؤية”- أنه على الرغم من أن إيران نجحت وبعد أسابيع من احتجاجات 2017 في أن تصور للمتابعين بأنها تمكنت من إجهاض هذا الحراك الشعبي إلا أن الحقائق كانت تؤكد أن هذا لم يكن إلا إدعاء؛ فالحراك الشعبي في إيران وخاصة مدن الأطراف لم يتوقف يومًا واحدًا والفارق أن الإعلام لم يعد يولي هذا الحراك اهتمامًا حيث ركز على تطورات النزاع بين طهران وواشنطن على خلفية انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وهو الأمر الذي أقره وزير الداخلية الإيراني نفسه والذي أكد أن الاحتجاجات في إيران لم تتوقف وإن تراجعت بنسبة 38% عما كان قبل الانسحاب الأمريكي.

مشيرًا إلى أن هذه الموجات الاحتجاجية تؤكد أن الشعب الإيراني أدرك حقيقة الأمر في إيران وأن المسؤول الحقيقي عما يحدث هو النظام الإيراني الذي اتسمت سياساته وتحركات بالفشل والفساد والاستبداد ومن ثم لم تعد تنطلي عليه “حدوتة” الحصار والعقوبات الأمر الذي يعني أن يواصل الشعب الإيراني حراكه طالما أصر النظام على عدم تغيير سلوكه والالتفات إلى احتياجات الشعب وتطلعاته.

وتابع الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني: يبدو من خلال متابعة ما يجري في إيران أن هذا النظام لا يتعظ بما يجري وأن الخيار الأمني هو الخيار الأفضل لديه في التعاطي مع هذه الاحتجاجات، وهو ما يفسر سقوط كل هذا العدد من القتلى والمصابين، فضلًا عن الاعتقالات والسياسات التعسفية خلال فترة محدودة من تصاعد الاحتجاجات بل وإصرار المرشد الأعلى للثورة نفسه على خامنئي على الإبقاء على قرار رفع أسعار القوود وعدم التراجع عنه ما يعني بساطة أن تشهد إيران في الفترة المقبلة المزيد من الضحايا والتصعيد.

ربما يعجبك أيضا