التجسس الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي.. الوسائل والتطبيقات

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

كشفت بعض التقارير المسربة من داخل وكالة الأمن القومي، والتي نشر بعضها العميل الأمريكي سنودن عام 2013 عند طلبه اللجوء في موسكو، تطبيقات وكالة الأمن القومي، بالدخول على محرك جوجل وغيره من خوادم الإنترنت، للحصول على بيانات المستخدمين والتجسس على بياناتهم الشخصية واتصالاتهم.

والقضية لا تتوقف عند وكالة الأمن القومي، بل عند غالبية أجهزة الاستخبارات الدولية، تحت باب “حماية الأمن القومي”، وبالفعل التشفير على وسائل التواصل الاجتماعي أبرزها الواتس أب كان يمثل – وربما ما زال – إحدى وسائل التواصل لدى الجماعات المتطرفة.

الألعاب وغرف الدردشة المغلقة هي الأخرى التي تعتبر تحديًا أمام أجهزة الاستخبارات بالوصول إلى أهدافها، فالمشكلة لا تتحدد في الاستخدامات الشخصية في العلاقات الخاصة والاجتماعية، بقدر استخدامها من قبل التنظيمات المتطرفة في التراسل ولأغراض التطرف والإرهاب.

أجهزة الاستخبارات وكسر التشفير

أقام تطبيق واتساب دعوى قضائية ضد مجموعة (NSO) الإسرائيلية خلال شهر نوفمبر 2019، متهمًا إياها بمساعدة وكالات تجسس حكومية على اختراق هواتف ما يقرب من 1400 مستخدم في أربع قارات في عملية قرصنة إلكترونية تستهدف دبلوماسيين ومعارضين سياسيين وصحفيين ومسؤولين حكوميين كبارًا، وأنكرت مجموعة (NSO) تلك المزاع.

 وقالت في بيان “نرفض بأشد العبارات الاتهامات التي ذكرت اليوم ونكافحها بقوة”.

وأضافت “الغرض الوحيد لمجموعة (NSO) هو تقديم التكنولوجيا لأجهزة المخابرات الحكومية ووكالات إنفاذ القانون لمساعدتها على محاربة الإرهاب والجرائم الخطيرة”.

وبات معروفاً، أن المخابرات المركزية الأمريكية، لديها القدرة على اختراق أي شيء تقريبًا، حقيقة أعلنها الرئيس التنفيذي لمركز الفضاء الافتراضي الاستراتيجي والعلوم الأمنية الكندي، رييتشارد زالوسكي، لموقع “إت ورد كندا”، تعليقًا على كشف موقع “ويكيليكس” عن استخدام المخابرات الأمريكية برامج تجسس خبيثة تخترق أغلب الأجهزة الذكية المتصلة بالإنترنت.

قانون باتريوت “آكت”

هو قانون قد تم إقراره بعداعتداءات 11 سبتمبر 2001، وهو خاص بتسهيل إجراءات التحقيقات والوسائل اللازمة لمكافحة الإرهاب، مثل إعطاء أجهزة الشرطة صلاحيات من شأنها الاطلاع على المقتنيات الشخصية للأفراد ومراقبة اتصالاتهم والتنصت على مكالماتهم بغرض الكشف عن المؤامرات الإرهابية وتم إلغاؤه قبل سنتين.

إن ما تقوم به وكالة الأمن القومي الأمريكي من تجسس على مستوى أفراد وحكومات وشركات يعتبر مخالفة قانونية تحاسب عليها الولايات المتحدة، كونها تستخدم الخوادم الأمريكية للتجسس.

فبرغم نفي المسؤولين في الخوادم الأمريكية وأبرزها Google فان المعلومات أكدت أن وكالة الأمن القومي الأمريكية لديها اتفاقات سرية، غير معلنة مع عدد من الخوادم أي محركات الإنترنت للدخول وتصفح المشاركين في مختلف دول العالم من خلال برنامجها الاستخباري الفني بريزم، هذا البرنامج يسمح لها التقاط المعلومات من خلال تغذية الملقمات

أبرز برامج التجسس الرقمي

تسريبات العميل سنودن عام 2013، كشفت، بأن وكالة NASA لديها برنامج MUSCULAR يتم تشغيله بالاشتراك مع نظيرتها وكالة GCHQ البريطانية. بالدخول بشكل طبيعي على حزم الألياف الزجاجية وبشكل مستمر، هذا البرنامج يمكنها جمع 181 مليون سجل خلال شهر واحد.

الأمر لم يتحدد على وكالة الأمن القومي، بل إلى أجهزة استخبارات أوروبية، أبرزها وكالة الاستخبارات الألمانية الخارجية، (BND) والتي بذلت جهودًا كبيرة منذ عام 2015 ولحد الآن من أجل فك شفرة الواتس آب تحديدًا و”تيلغرام”، إلى جانب بقية وسائل التواصل الاجتماعي وحصلت على مبلغ 160 مليون دولار للقيام بذلك . طور جهاز الـ (BND) طريقة لاستظهار المعلومات من خلال مشروع (ANISKI)، لمعالجة طرق التشفير المطبقة من قبل تطبيقات الرسائل في وقتنا الحاضر.

وتشمل مفاتيح التشفير استخدام الرموز الشخصية لفك شفرة الملفات المشفرة. وتلقت NETSPOLATIK  وثائق تبين خطة BND لإنفاق نحو 160 مليون دولار لكسر التشفير. وأعلن البرلمان الألماني أنه سيمنح BND مبلغًا إضافيًا للمساعدة في تحديث قدراتها في العمل على فك التشفير، وهذه الزيادة في ميزانيتها الإجمالية بنسبة 12% من قبل البرلمان.

وأثار مشروع القانون الذي أقره البرلمان الفرنسي في 24 يونيو 2015، المزيد من الجدل والغضب بين نواب البرلمان، بحيث أقر القانون بمنح أجهزة المخابرات الحكومية مزيدًا من الحرية بالتنصت على المواطنين والتي أصدرته الحكومة باسم مكافحة الإرهاب.

وأعلنت العديد من أجهزة الاستخبارات الأمنية أستحداث أنظمة جديد تضم برامج تقنية جديدة، تجعلها قادرة على الوصول إلى تفاصيل دقيقة بشأن معلومات عن المحتوى المتطرف في مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما أن تلك المواقع كان لها دور كبير في تجنيد واستقطاب المتطرفين.

يوجد الآن في الاتحاد الأوروبي ما يسمى مركز (EU INTCEN) للاستخبارات ، وظيفته تزويد مفوضية الشؤون الخارجية بالمعلومات، وكذلك خدمة نظام الإنذار المبكر بالتهديدات العسكرية والإرهابية. ومن المقرر أن تقود الجمهورية التشيكية مشروعًا قادرًا على شن حرب إلكترونية، بهدف إنشاء قوة حربية إلكترونية أوروبية مشتركة.

الخلاصة

تواجه أجهزة الاستخبارات والحكومات تحديا كبيرًا أمام تشفير بعض وسائل التواصل الاجتماعي، أبرزها الواتس آب، وهذا ما دفع العديد من أجهزة الاستخبارات إلى اعتماد تطبيقات وبرامج من أجل كسر التشفير والوصول إلى المعلومات، وهذا ما يثير الكثير من المخاوف حول خصوصية الأفراد باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

اليوم هناك انتهاك كبير لخصوصية الأفراد على محركات الإنترنيت أبرزها شبكة الفيسبوك، التي تقوم بجمع البيانات الشخصية عن المستخدمين، بل تذهب أبعد من ذلك فتدخل على دائرة علاقات المستخدمين أيضًا.

وفي ظل تصاعد موجة الإرهاب والتطرف، وسّعت الكثير من أجهزة الاستخبارات صلاحيتها، لتشمل التنصت والدخول على بيانات المستخدمين على النت ووسائل التواصل الاجتماعي تحت يافطة “مكافحة الإرهاب”. التقديرات تقول إن مساحة الحريات الشخصية أو تحديدا خصوصية الأفراد على الإنترنت، ما عادت موجودة، ومن المتوقع أن تحصل الاستخبارات دوليا على صلاحيات أوسع، وهذا ما يدق ناقوس الإنذار، في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت.

التوصيات

ما ينبغي أن تقوم به الحكومات، هي النهوض بمسؤوليتها، بحماية أمن مواطنيها، باعتبار تجسس وكالات خارجية على مواطنيها يمثل تهديدًا لأمنها القومي ولخصوصيتهم، من خلال عقد اتفاقات مع محركات الإنترنت، الالتزام بمواثيق الخصوصية. الحكومات معنية أن تنشر القوانين والتوعية الخاصة بالجرائم الرقمية والسايبر والتنبيه إلى مخاطرها والكشف عنها.

ربما يعجبك أيضا