تحت شعار “من الإمكان إلى الإلزام”.. الإمارات تحتضن “منتدى تعزيز السلم”

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

تحت رعاية وحضور الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، انطلقت صباح اليوم الإثنين، فعاليات الملتقى السنوي السادس لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، تحت شعار “دور الأديان في تعزيز التسامح – من الإمكان إلى الإلزام”.

وتستمر فعاليات الملتقى لمدة 3 أيام، خلال الفترة من 9 إلى 11 ديسمبر الجاري، برئاسة الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وبمشاركة نحو 1000 شخصية من القيادات الدينية والفكرية حول العالم.

تعزيز أسس التسامح ومظاهره في الإسلام

التجمع الذي يعد الأكبر من نوعه للقيادات الدينية من صناع ثقافة التسامح والوئام والسلام حول العالم، يسعى إلى تعزيز أسس التسامح ومظاهره في الإسلام، من خلال التأصيل العلمي والتأثيث الفقهي للتعددية الدينية في الإسلام، وتجديد النظر وتحقيق القول في التعامل مع الآخر، خصوصًا فيما يتعلق بالنسك والمعابد والتهنئة بالأعياد وغير ذلك من القضايا التي تتجاذبها الأصول.

كما يهدف الملتقى إلى إحداث تحول في المنظور الديني والقانوني للتسامح، بما يدعم مسارات المواطنة الحاضنة للتنوع، ويضمن حق أهل الأديان جميعًا في ممارسة شعائرهم في جو من الكرامة والسكينة والحرية المسؤولة.

وعن مفهوم التسامح كقيمة أخلاقية، يستعرض المشاركون في المنتدى مناقشة تلك القضية كقيمة لها جذورها العميقة في الرواية الإسلامية، كما يعرض الجذور الأخلاقية للتسامح في التعاليم الدينية والفلسفية المختلفة، من خلال آليات ومناهج التربية على التسامح، واستعراض بعض النماذج والمبادرات الناجحة، لتنشئة الأجيال على سلوكيات إيجابية متسامحة.

ميثاق “حلف الفضول العالمي الجديد”

فعاليات المنتدى تضمن إصدار ميثاق جديد تحت عنوان “حلف الفضول العالمي الجديد”، والذي يعادل وثائق حقوق الإنسان الدولية، ويسترشد بـ”إعلان مراكش التاريخي”، “مؤتمر واشنطن”، “مؤتمر أبوظبي”، “وثيقة عمان”، “وثيقة مكة المكرمة”، و”وثيقة الأخوة الإنسانية”، وذلك بحضور دولي لافت من ممثلي الأمم المتحدة وصناع القرار والشخصيات الاعتبارية الفاعلة في مؤسسات المجتمع المدني على المستوى الدولي.

ويتدارس المشاركون سبل تأسيس حلف الفضول الجديد، بعد النجاح الذي حققته مبادرات ومشاريع مشتركة بين مجموعة من قادة الأديان الإبراهيمية، من خلال ميثاق عالمي يعمل على نقل الحرية الدينية وعلاقات التّعاون وقيم التسامح من مجرّد الإمكان إلى درجة الالتزام الأخلاقي والإلزام القانوني، عبر حماية دور العبادة التي أصبح الاعتداء عليها يهدد حرية الدين في أنحاء كثيرة من العالم، والإسهام في التخفيف من حدة المعاناة التي تعيشها البشرية.

ومن المقرر أن يشهد أيضًا الملتقى تكريم الفائزين بجائزة “الحسن بن علي للسلم الدولية”، التي يمنحها المنتدى سنويًا لشخصيات دولية لعبت أدوارًا بارزة في تعزيز وترسيخ قيم التسامح والسلام والوئام.

وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية “الطريق لتحقيق سعادة البشر”

وفي كلمته -خلال فعاليات اليوم الأول بالمنتدى- أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح الإماراتي، على أن “وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، هي الطريق الأكيد لتحقيق السعادة للبشر، وتحقيق مستقبل أفضل للإنسان في كل مكان”.

وتابع: “لقد جاءت هذه الوثيقة لتؤكد على مكانة التسامح والأخوة الإنسانية في مسيرة العالم باعتبارها الأساس الأخلاقي المتين لمواجهة تحديات العصر وتحسين نوعية الحياة للجميع”.

وأشار وزير التسامح الإماراتي إلى أن مفهوم التسامح في الإمارات “يتأكد بحمد الله في كافة ربوع الدولة، بفضل قادة الإمارات الحكماء والمخلصين، وبفضل شعب الإمارات المسالم والمتسامح، وبفضل تكاتف كافة مؤسسات المجتمع لمكافحة التعصب والتطرف”.

وأضاف: “تحقيق التسامح والتعايش السلمي في المجتمع والعالم إنما يحتاج إلى دعم وتأكيد دائمين، لتكون هذه القيم والمبادئ حزءً طبيعيًا في حياة الفرد والمجتمع”، منوهًا إلى أن “الاحتفال بعام التسامح في الإمارات، يؤكد على الاعتزاز الكبير بالإنجازات الهائلة للدولة في هذا المجال”.

وفي ذات السياق، قال الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، ورئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، خلال كلمته بالمنتدى: “نحتفي في الإمارات بالتسامح عنوانًا لسنة 2019، حيث اختاره الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة قيمة مركزية عليها مدار كافة المبادرات والتدابير طيلة العام”.

وأضاف رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي: “ارتأى المنتدى أن يجعل من هذه السنة مناسبة ثمينة لإطلاق حوار حضاري حول صياغة مفهوم جديد أكثر إنسانية وسخاء يدمج مختلف الروايات ليرتقي بالتسامح من الإمكان إلى الإلزام ومن الاعتراف إلى التعارف والتعاون”.

ومن جانبه قال الدكتور محمد عبدالكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: “السماحة قيمة أصلية من قيم الإسلام الرفيعة، ومنتدى السلم يرسل رسائل مهمة للمشتغلين بالسلام العالمي في القيام بدورهم وتحمل مسؤليتهم في نشر السلام للعالم والوأم بين أهله”.

وتابع: “العلماء والمفكرون الدينيون يأتون في مقدمة المسؤولين عن تحقيق السلام والتسامح، وأن الأديان هي الملهم الرئيسي في تحقيق التسامح، ولابد لها من مخاطبة العقل”.

وعن وثيقة “مكة المكرمة” وعلاقتها بالتسامح والسلام، قال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: “وثيقة مكة المكرمة عبرت عن المكون الإسلامي، فضلًا عن تأسيس رؤية جديدة ترتكز على السلام”.

وفي سياق متصل أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، في الجلسة الافتتاحية للملتقى، على أن “الدين الإسلامي هو دين السلم، وأن الدعاة هم دعاة سلام، وأن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- هو نبي السلم، وأن تحية الإسلام في الدنيا والآخرة هي السلام”.

وتابع وزير الأوقاف المصري: “هناك فرق بين التسامح الناشئ عن القوة والاستجداء القائم على الضعف، ولن يحترم الناس ديننا ما لم نأخذ بأسباب القوة وعمارة الكون ونتفوق في أمور دنيانا، فإن تفوقنا في أمور دنيانا تحترم الناس ديننا ودنيانا ولم يعد دمنا رخيصًا ولا مستباحًا”.

وأشار إلى أن آدمية الإنسان يجب أن تحترم بغض النظر عن دينه أو جنسه أو لونه، مضيفًا أنه “يجب أن نشفع دعوتنا إلى الرحمة بالحيوان بدعوة أكثر نضجًا للرحمة بالإنسان وألا يكون دم الإنسان عند البعض أرخص من دم الحيوان”.

كما أكد الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر الشريف في كلمته بالمنتدى، على أن “التسامح من أسمى ما دعت إليه الأديان، وأوصى به المرسلون، ونزلت به الكتب السماوية”، متوجهًا بخالص الشكر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وحكومة وشعبًا على ما يبذلونه من جهود عظيمة في إقرار التعايش والتسامح حتى أصبحت “دار زايد” نموذجًا فريدًا من نوعه تتطلع الأمم إلى السير على منواله.

ربما يعجبك أيضا