إضرابات “الكريسماس”.. ركود في الأفق الفرنسي

حسام عيد – محلل اقتصادي

تشهد الشوارع الفرنسية حشودًا من جموع المتظاهرين المنددين بإدخال الحكومة لإصلاحات على نظام التقاعد في البلاد، فللمرة الأولى تتفق جميع النقابات على هذه التظاهرات وعمليات الإضراب.

ومنذ مطلع شهر ديسمبر الجاري، تشهد فرنسا احتجاجات ومظاهرات على التعديلات الأخيرة التي أقرها الرئيس مانويل ماكرون.

سبب تطور الاحتجاجات

السبب الرئيسي في تلك الاحتجاجات هو استمرارها لأكثر من أسبوعين، وذلك بعد القرارات التي أقرها الرئيس الفرنسي، بإصلاح نظام التقاعد، وزيادة فترة العمل للحصول على معاش كامل.

كانت كذلك لتصريحات رئيس الوزراء إدوارد فيليب، بالعمل لعامين إضافيين في هذا النظام، والذي من شأنه أن يحدث توازنًا في ميزانية المعاشات بحلول 2027.

ومع تطبيق هذه التعديلات في عام 2020 سيتم اعتماد إصلاح نظام التقاعد الحكومي، ورفع الحد الأدنى للأجور للموظفين في بعض القطاعات إلى 1000 يورو بدءًا من 2022 لجميع المتقاعدين الجدد.

كيف تطورت أعداد المتظاهرين؟

وبالنسبة لتطورات أعداد المتظاهرين في الشوارع الفرنسية، كانت هناك إحصائيات مختلفة لوزارة الداخلية والكونفدرالية العامة للعمال.

فإحصاءات وزارة الداخلية أشارت إلى أن أعداد المتظاهرين بلغت 806 آلاف في 5 ديسمبر ثم تراجعت إلى 339 في 10 ديسمبر، ثم عاودت الارتفاع إلى 615 ألف متظاهر في السابع عشر من الشهر ذاته.

بينما ذكرت الكونفدرالية العامة للعمل أن 1.5 مليون متظاهر خرجوا إلى شوارع فرنسا في 5 ديسمبر، ثم تراجع العدد إلى 885 ألف في اليوم العاشر من الشهر ذاته، إلى أن أخذت وتيرة الحشود الفرنسية في التسارع إلى 1.8 مليون متظاهر بحلول يوم 17 ديسمبر 2019.

تداعيات سلبية على حركة الاقتصاد

جاءت التظاهرات الحاشدة بالتزامن مع استعدادات فرنسا لأعياد الميلاد (الكريسماس) واحتفالات نهاية العام، فغرفة تجارة وصناعة باريس أشارت إلى انخفاض نشاط المتاجر بالأسبوع الأول من التظاهرات تراوحت ما بين 30 – 50 %.

كذلك الكونفدرالية الخاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة أشارت إلى أن كلفة اليوم الواحد من الإضراب تبلغ 400 مليون يورو، وأيضًا كلفة تعطل المواصلات قد تبلغ 200 مليون يورو.

وكانت هناك عرقلة أو شل حركة المواصلات العامة في الشوارع الفرنسية.

ويكلف الإضراب ميزانية الأفراد 500 مليون يورو للفرد الواحد باليوم، وكذلك تأثر قطاع الفنادق والمطاعم بشكل كبير وتم إلغاء حجوزات ما بين 30 – 50% في فترة تعرف بأنه تمثل زخمًا ورواجًا للاقتصاد الفرنسي مع تدفق كبير للسياح.

مطالب اقتصادية برزت في فرنسا

كانت هناك مطالب اقتصادية برزت في فرنسا خلال العام الماضي والتي استمرت على مدار طويل، فهي كانت الأكبر منذ عام 1995 وعرفت بتظاهرات “السترات الصفر” والتي اندلعت بسبب رفع نسب الضرائب على الوقود، وكلفت قطاع التجزئة الفرنسي خسائر بأكثر من ملياري يورو.

وفي آخر المطاف، استجابت الحكومة الفرنسية لمطالب الشعب وتراجعت عن هذا القرار.

اليوم، خفض البنك المركزي في فرنسا تقديرات النمو الاقتصادي خلال العام المقبل 2020 بنحو 1.1% مقارنة مع 1.3% في 2019.

أمر يعني أن الإضرابات والاحتجاجات المستمرة في فرنسا قد تمضي بالاقتصاد إلى مزيد من التباطؤ في السنوات المقبلة. فهل يتنازل الرئيس مانويل ماكرون مرة جديدة لتهدئة الشارع الفرنسي وتجنيب الاقتصاد لأية أزمات أو أعراض سلبية مستقبلية؟ّ!
 

ربما يعجبك أيضا