إسرائيل 2019 (2).. هدايا “ترامب” مستمرة ومواجهات مع إيران وحزب الله

محمد عبد الدايم

كتب – د.محمد عبدالدايم

�  قصف غزة.. عرض مستمر.
�  مخططات الاستيطان في الضفة جاهزة للتنفيذ.
�  استهداف القوات الإيرانية في سوريا والعراق.
�  إحباط نشاط حزب الله.
�  الجولان هدية ترامب في 2019.
�  استمرار خطة السلام الاقتصادي.

اغتيال أبي العطا بالحزام الأسود

في 12 نوفمبر من هذا العام بدأ الجيش الإسرائيلي جولة جديدة من العدوان على غزة، وهذه المرة كانت حركة الجهاد الإسلامي هي المستهدفة، وتحديدًا القائد الميداني لسرايا القدس بهاء أبوالعطا.

هذه العملية الأخيرة أطلقت عليها إسرائيل اسم “الحزام الأسود”، وهي الجولة السادسة عشرة من جولات الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة منذ عدوان 2014، وتزامنت عملية اغتيال أبي العطا وقصف أهداف الجهاد في غزة محاولة لاغتيال القيادي أكرم العجوري الذي كان متواجدًا حينها في سوريا.

استهدفت إسرائيل من هذه العملية الأخيرة تنفيذ ثلاثة محاول، هي:

– توجيه ضربة كبيرة مزدوجة إلى حركة الجهاد، باغتيال قائدها الميداني أبي العطا في غزة، ومحاولة اغتيال أكرم العجوري في سوريا.

– السعي لإثبات شرخ في العلاقة ما بين حركتي الجهاد وحماس، حيث ركزت إسرائيل هذه المرة على استهداف الجهاد وحدها، فيما امتنعت حماس عن المشاركة في الرد.

– اختبار نجاعة الاستراتيجية الجديدة للجيش الإسرائيلي في التحديد الانتقائي، والتدمير السريع.

وكان العدوان الأخير على غزة هو أول تحرك عسكري إسرائيلي ضد القطاع المحاصر بينما يمسك حقيبة الدفاع الإسرائيلية في حكومة تسيير الأعمال الوزير نفتالي بينط، بعد أن تنازل عنها بنيامين نتنياهو.

عدوان مستمر على غزة

رغم الجهود التي تبذلها مصر لفرض الهدنة على إسرائيل وكل من حماس والجهاد في غزة، للحفاظ على حياة السكان، فإن التوتر لم يكف خلال هذا العام، ففي فبراير أعلن الجيش الإسرائيلي عن رصد قذيفتين صاروخيتين تم إطلاقهما من قطاع غزة المحاصر باتجاه تل أبيب، ورغم تشغيل منظومة “القبة الحديدية” (كيبات برزيل)، التي تعمل كنظام دفاعي مضاد للصواريخ، فإنها لم تستطيع اعتراض القذيفتين، بيد أنهما سقطتا في منطقة مفتوحة.

وبعد ساعات من إطلاق القذيفتين، بدأ سلاح الجو الإسرائيلي في شن غارات على القطاع المحاصر، ابتداء من خان يونس، وشملت أهداف الغارة الإسرائيلية منطق في رفح وجنوب غرب غزة.

وفي مايو 2019 تدهورت الأوضاع الأمنية مرة أخرى على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، بعد مقتل أربعة فلسطينيين، وبعد إطلاق صواريخ من غزة كرد على العدوان الإسرائيلي أُعلن خبر إصابة مستوطنة بجروح متوسطة بعد سقوط صاروخ على كريات جان، ودوت صفارات الإنذار في مناطق عدة على طول مستوطنات غلاف غزة،  قبل أن تدخل الهدنة حيز التنفيذ بجهود مصرية معتادة. 

الرد باستهداف نتنياهو نفسه

أثناء قيامه بجولة انتخابية قبيل انتخابات الكنيست الـ22 في سبتمبر الماضي؛ تعرضت أشدود لقصف صاروخي مصدره غزة، واضطر بيبي للنزول عن المنصة والهروب من التجمع الانتخابي.

حققت إسرائيل في 2019 جزءًا من أهدافها المرتبطة بغزة، بإرهاق حماس، ودفعها للخمول، والتفرقة بين أهداف حماس وأهداف حركة الجهاد، لكنها إلى الآن لم تحقق الهدف الرئيس، وهو إخماد التهديدات القادمة من غزة بشكل نهائي، لذا فالعام المقبل سيشمل في الغالب جولات أخرى من العدوان، تبعًا للأهداف الإسرائيلية منه، سواء كانت أمنية، أو سياسية تتعلق بالانتخابات.

تنفيذ نشط لمخططات الاستيطان

في شهر أغسطس  2019؛ وضع بنيامين نتنياهو حجر الأساس لبناء حي جديد في مستوطنة بيت إيل (بيت الرب)، ويشمل الحي الجديد 650 وحدة سكنية، في توسيع جديد للمستوطنة اليهودية التي تأسست عام 1977، وتقع في مدينة البيرة بالضفة الغربية.

توسيع المستوطنة جاء، وفقًا لزعم نتنياهو،  “وفاء لوعد سبق أن وعد به” عام 2012 ويقضي ببناء 300 وحدة سكنية جديدة، وفي عام 2017 تمت المصادقة رسميا على توسيع المستوطنة وبناء الوحدات الجديدة.

الاحتلال يصر على فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية المحتلة، دون انتظار ضوء أخضر أمريكي كامل، خصوصًا وأن حلفاء نتنياهو من أحزاب اليمين والحريديم يعتبرون أمر الاستيطان في الضفة حجر زاوية في تحالفهم الوطيد مع حزب هاليكود ونتنياهو الذي جدد تعهداته في سبتمبر 2019 بشأن فرض السيادة الإسرائيلية على أراض بالضفة الغربية، وأوضح أنه سيعمل على ضم المستوطنات الإسرائيلية في الخليل عقب الانتخابات، وفي السياق ذاته كان قد أعلن تعهده بإعلان السيادة الإسرائيلية على منطقة الأغوار وشمال البحر الميت في حال تم انتخابه وتكليفه بتشكيل الحكومة الإسرائيلية، وذلك بالتنسيق الكامل مع الإدارة الأمريكية.

وفي هذا السياق، أعلن نفتالي بينط، عزم إسرائيل بناء حي استيطاني يهودي جديد في الخليل، حيث أعطى الضوء الأخضر لمنسق الأنشطة الحكومية والإدارة المدنية في الضفة الغربية، كي يشرع بالتخطيط لإقامة الحي الاستيطاني الجديد في منطقة سوق الجملة، سوق الحسبة، المعروف كذلك بسوق الخضار المركزي يقع في منطقة السهلة أحد أهم أسواق الخليل.

تأتي خطة وزير الدفاع بهدف خلق نقطة واصلة بين الحرم الإبراهيمي وبين الحي الاستيطاني “أفراهام أفينو” (أبونا أفراهام) الذي أقيم عام 1979، وتقضي الخطة بالاستيلاء على المنطقة الواقعة فوق سوق الجملة وبناء الحي اليهودي الجديد عليها لمضاعفة عدد السكان اليهود المستوطنين، وهذا يعني هدم مباني السوق.

مواجهة إيران بسوريا والعراق

في 2019 استمرت المواجهة بين إسرائيل وإيران، سواء في سوريا أو في العراق، أو حتى في جميع خطابات نتنياهو، ففي يناير أعلن الجيش الإسرائيلي ووزيره حينئذ، نتنياهو، عن قيامه بشن هجمات جوية على أهداف إيرانية في سوريا، ونشر الجيش صورًا لمواقع في دمشق قال إنها معسكرات إيرانية، وأظهرت الخرائط التي عرضها الجيش عشرة مواقع في محيط العاصمة السورية، تابعة لـ”فيلق القدس” الإيراني إضافة إلى قوات من سلاح الجو السوري الذي أطلقت دفاعاته صواريخ مضادة للصواريخ الإسرائيلية، وكان هذا الهجوم هو الأول في عهد أفيف كوخافي بعدما تسلم في مطلع يناير 2019 مهام منصبه كرئيس أركان للجيش الإسرائيلي خلفا لجادي أيزنكوط.

من سوريا إلى العراق

لم تكن تلك هي الغارة الجوية الإسرائيلية هي الوحيدة ضد إيران في 2019، ففي أغسطس من هذا العام نفسه تعرضت قاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي الشيعي في آمرلي للقصف الجوي، وخرجت مصادر سياسية تعلن مسئولية إسرائيل عن القصف الذي استهدف مخزن الأسلحة المعروف بالصقر، وأعقبه انفجارات ثانوية للمتفجرات بالمخزن.

كان شهر أغسطس هو موعد قصف أهداف إيران في العراق، حيث جرى قصف جوي لمخزن سلاح تابع للحشد الشعبي في جنوب غرب بغداد، وقصف لمستودعات أسلحة بقاعدة جوية في محافظة صلاح الدين.

أدى القصف الإسرائيلي المتكرر إلى خسائر كبيرة في صفوف الحشد الشعبي الشيعي بالعراق، وبالتبعية لدى الحرس الثوري الإيراني التي تحولت للتمركز في العراق، لكن إسرائيل ترصدت لها، فتعددت هجمات سلاح الجو لقصف تمركزات الحشد الشعبي والحرس الثوري، منعا لإنشاء طريق بري لنقل الأسلحة الإيرانية من طهران إلى سوريا ولبنان عبر العراق.

إنهاك حزب الله

في شهر يناير من العام 2019 أعلن متحدث الجيش الإسرائيلي عن انتهاء عملية “درع شمالي” التي بدأها في 4 ديسمبر 2018 لهدم ما قيل إنه أنفاق حفرها حزب الله تصل إلى إسرائيل.

استطاعت إسرائيل تدمير بنية تحتية عسكرية كبيرة لحزب الله كلفته الكثير من الجهد الاستخباراتي السري والعمل الميداني والتكلفة المادية الإيرانية، ومع تنفيذ عمليات هدم الأنفاق؛ بدأ الجيش الإسرائيلي في خطة لوضع حواجز عند منطقة إصبع الجليل (المسار الحدودي الشمالي الشرقي للأراضي الفلسطينية)، وربما ستبدأ في تنفيذها قريبًا، لتنتهي الخطة ببناء سور أو حاجز كبير على طول الحدود الشمالية يتكلف نحو 1.7 مليار شيقل إسرائيلي.

كما حدث في أغسطس أن سقطت طائرتان مُسيرتان فوق لبنان، واحدة طائرة استطلاع، والثانية استطلاع وتفجير فوق الضاحية الجنوبية لبيروت، في تطور لم يحدث منذ الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، وبالتزامن مع ضربات جوية إسرائيلية على منطقة عقربا جنوبي دمشق بسوريا، لاستهداف تمركزات عسكرية لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

مناورات للجيش استعدادًا لنصر الله

 لم يكتف الجيش الإسرائيلي بإحباط مخططات حزب الله، بل أجرى خلال هذا العام  تدريبًا عسكريًا مكثفا، شمل مناورة  تحاكي اجتياحا لقرية لبنانية، واشتباكات مع قوات حزب الله، وتدرب المشاركون في تلك المناورة، على اقتحام قرى لبنانية، وشارك في المناورة وحدات المشاة والمدرعات وسلاح الجو وجمع المعلومات الاستخبارية، وكذلك طائرات مُسيرة صغيرة وطائرات بدون طيار.

إهداء الجولان وإعلان بومبيو

  في مارس 2019 وصل بنيامين نتنياهو يوم الأحد الماضي، إلى العاصمة الأميركية واشنطن، لإجراء سلسة لقاءات أبرزها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث وقّع الأخير على مرسوم بـ”تبعية” الجولان لإسرائيل، بعدما أعلنه قبل اللقاء بأيام.

بعد توقيع ترامب على المرسوم أمام العالم هللت وسائل الإعلام الإسرائيلية ووصفت هذه اللحظة بأنها “تاريخية”، لتصبح الجولان هدية ترامب لإسرائيل في 2019، بعدما أهدى القدس في 2018، وكرد على “الهدية”؛ دشن نتنياهو حجر أساس مستوطنة جديدة في الجولان سماها باسم ترامب.

وفي نوفمبر الماضي أعلن وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو اعتراف بلاده بكون المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 “قانونية لا تنتهك القانون الدولي”، وذلك ردًا على الخطوة التي أقدمت عليها دول في الاتحاد الأوربي بوسم منتجات المستوطنات اليهودية المُصدرة إلى دول الاتحاد، كي يفرقها المستهلك عن غيرها، نزولا على قرار قضائي أمرت به المحكمة الأوربية.

 جاء إعلان بومبيو بعدما أعلن نتنياهو في سبتمبر الماضي نيته فرض سيطرة إسرائيل على منطقة غور الأردن الواقعة بين بيسان حتى شمال البحر الميت وصولا إلى عين جدي.

السلام الاقتصادي والعلاقات مع دول أفريقيا

في شهر يونيو 2019 وصل بنيامين نتنياهو إلى تشاد، في زيارة وصفها بنفسه بأنها “اختراق تاريخي” ، حيث أعلن عن توصله لاتفاق بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع الدولة الأفريقية ذات الأغلبية المسلمة.

زيارة نتنياهو إلى تشاد في 2019 جاءت ردًا على زيارة نظيره إدريس ديبي لإسرائيل في نوفمبر من العام 2018، وفي السنتين الأخيرتين كثف نتنياهو من تحركاته في برنامج “السلام الاقتصادي” الذي يقضي بالسير قدمًا في بناء علاقات ديبلوماسية واقتصادية وثيقة مع دول كانت في وقت سابق تقاطع إسرائيل.

زيارة نتنياهو إلى تشاد واحدة من هذه الزيارات التي تثمر عن توقيع اتفاقيات أمنية واقتصادية، خصوصًا مع الطفرة الكبيرة التي حققتها شركات السلاح الإسرائيلية والجيش في تصدير التقنيات العسكرية، إضافة إلى التعاون في مجالات الزراعة والصحة، مما يدفع بالاقتصاد الإسرائيلي قدمًا، حتى أصبح في الأعوام الأخيرة أكثر ثباتًا رغم ما يحيق بالمنطقة من خمول اقتصادي وأزمات.

كما أن زيارة تشاد تحديدًا جاءت كخطوة سياسية كبيرة لنتنياهو، بإعادة العلاقات التي انقطعت لمدة أربعين عامًا مع الدولة ذات الأغلبية المسلمة، وهو ما يدعم مخطط “السلام الاقتصادي”، ويرسخ للوجود الإسرائيلي في أفريقيا.

ربما يعجبك أيضا