موازنة السودان 2020.. كسر للمعاناة واستشراف للازدهار

حسام عيد – محلل اقتصادي

السودان بلد آخر مزدهر بدءًا من 2020. رسالة تطمين وتأكيد حملها مجلسا السيادة والوزراء إلى الشعب، بإقرارهما موازنة الدولة للعام المقبل بإيرادات إجمالية بلغت 567.3 مليار جنيه سوداني، ما يعادل نحو 12.6 مليار دولار.

الموازنة الجديدة تجنبت إرهاق المواطنين بأية أعباء مالية إضافية؛ حيث أرجأت قرار رفع الدعم عن المحروقات، على أن يترك الأمر لمؤتمر اقتصادي في مارس 2020.

موازنة هي الأولى منذ الإطاحة بعمر حسن البشير الذي شابت السنوات الأخيرة من حكمه الذي استمر فترة طويلة مخاوف اقتصادية عميقة.

ويواجه الاقتصاد السوداني أزمة حادة تعود جزئيًا إلى حظر اقتصادي أمريكي استمر 20 عامًا (1997 – 2017) بسبب اتهام واشنطن النظام السابق برئاسة البشير بتقديم دعم لتنظيمات متطرفة بينها تنظيم القاعدة.

موازنة توسعية

وزير المالية إبراهيم البدوي أوضح أن موازنة 2020 ستكون توسعية، نظرًا لمراعاتها تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في السودان.

ويقدر حجم الموازنة المالية الجديدة بـ 1.155 تريليون جنيه سوداني (ما يعادل 25.6 مليار دولار)، فيما بلغت المصروفات الجارية 626.6 مليار جنيه (13 مليار دولار) مقارنة بـ194.8 مليار جنيه في 2019، بمعدل تغير بالعملة يُقدر بـ431.8 مليار جنيه وبنسبة 221.6%، وتعويضات العاملين 131 مليار جنيه مقارنة بـ48.8 مليار جنيه في 2019، سلع وخدمات 640 مليار جنيه مقارنة بـ124.9 مليار جنيه في 2019 بمعدل تغير 268.3%، و43% إنفاق على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، عبر إطلاق برامج حماية اجتماعية تستهدف 4 ملايين شخص، حيث ستسجل مخصصات الصحة ارتفاعًا نسبته 7% من الناتج المحلي الإجمالي، ورفع مخصصات التعليم بنسبة 9%، وكذلك رفع الحد الأدنى للأجور 100% من 425 إلى ألف جنيه سوداني، وتوفير 250 فرصة عمل للشباب والخريجين لتقليص معدلات البطالة الحالية التي تفوق 20%، بينما تراجع الصرف على الأمن والدفاع من 9% إلى 7%.

وتشير تقديرات الموازنة إلى أن الإيرادات ستبلغ 568.3 مليار جنيه (12.63 مليار دولار)، والمنح الأجنبية المتوقعة ستبلغ 323 مليار جنيه.

وقدرت للضرائب مبلغ 158.9 مليار جنيه، الإيرادات الأخرى 128.8 مليار جنيه، المشروعات التنموية النقدية 44 مليار جنيه مقارنة بـ9.4 مليارات جنيه في 2019 بمعدل تغير 3.33%، والمنح المتوقعة من أصدقاء السودان 279.3 مليار جنيه.

الموازنة السودانية الجديدة ستمثل الإيرادات فيها  في 27.3% من إجمالي الناتج المحلي والإنفاق مثل 30.8% وذلك بعجز كلي نسبته 3.5% من إجمالي الناتج المحلي، ما يعني بقاءه في الحدود الآمنة، بحسب وزير المالية.

ويتوقع أن تسجل موازنة 2020 عجزًا يصل إلى 73 مليار جنيه، وهو ما يعادل 1.62 مليار دولار، وذلك بارتفاع نسبته 2.8% مقارنة مع 3.7% في موازنة 2019. كما أن الموازنة الجديدة تستهدف نموًا بمعدل 3.1%، ومعدل تضخم عند 28.7%.

وكان اقتصاد السودان تضرر بشدة عندما انفصل الجنوب في 2011 مكلفاً إياه ثلاثة أرباع إنتاجه من النفط الذي يمثل أحد المصادر المهمة للعملة الأجنبية.

وارتفع معدل التضخم في السنوات الأخيرة مدفوعاً بارتفاع أسعار المواد الغذائية وضاعف من ذلك وجود سوق سوداء للدولار.
وأدى نقص الخبز والوقود، وكلاهما تدعمه الحكومة، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في الأسعار إلى اندلاع احتجاجات أدت في نهاية الأمر إلى الإطاحة بالبشير في أبريل.

تحفيز الاقتصاد

الخيار الأمثل لبناء أي اقتصاد هو الإنتاج سواء كان ثروة حيوانية أو زراعية أو تعدينًا أو بترولًا أو صناعة وهكذا، وبالنسبة لاقتصاد السودان فإنه يعاني من ضعف الإنتاج على الرغم من توافر الموارد الطبيعية بخاصة قطاع الزراعة والثروة الحيوانية لكن هناك مشكلة في البنية التحتية والتسويقية.

وتجاوز الفترة الانتقالية من الناحية الاقتصادية يتطلب إيجاد برنامج إسعافي يعمل على اتباع سياسات ترشيدية في الاستيراد لتخفيف الفجوة في الميزان التجاري البالغة 6 مليارات دولار بخاصة أنه كان يتم في فترة النظام السابق استيراد 80% من حاجة الاستهلاك المحلي، كما أنه لابد من تحرك خارجي لدعم الصادر ودعم مسألة الاستيراد من خلال رفع العقوبات الاقتصادية وإعادة العلاقات مع المؤسسات التمويلية الدولية والإقليمية لضخ رأسمال تشغيلي تستفيد منه قطاعات منتجة عدة لفترات طويلة، بجانب أهمية العمل على ثبات السياسات الائتمانية النقدية والضريبية والجمركية وقانون الاستثمار. فضلًا عن العمل على استقطاب مدخرات المغتربين من خلال وضع سياسات تشجيعية واضحة.

ربما يعجبك أيضا