الانتقام عبر “هرمز”.. شرارة حرب عالمية يوقدها النفط

حسام عيد – محلل اقتصادي

مضيق هرمز؛ يمر عبره خُمس الإنتاج العالمي، وأيضًا معظم صادرات السعودية، الكويت، الإمارات، العراق وإيران تمر من خلاله.

إيران اليوم تهدد بإغلاقه، رغم أنها هددت بذلك عدة مرات في الماضي، لكن بعد استهداف الولايات المتحدة الأمريكية لقائد فيلق القدس وذراع المرشد علي خامنئي الخطير بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، عبر غارة جوية بالعراق فجر الجمعة 3 يناير 2020. فهل تجرؤ إيران على تحويل تهديداتها إلى واقع وإغلاق المضيق، ومن ثم حدوث حرب عالمية؟!

الإغلاق.. أحد الردود الانتقامية

عاد المخطر الذي لطالما يحدق بمضيق هرمز إلى بؤرة الاهتمام مجددًا بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، أحد أبرز أدوات التخريب بالمنطقة.

طهران تعهدت بالانتقام، وهرمز، مكان واحد معرض للخطر أكثر من غيره قبالة الساحل الجنوبي لإيران.

ورأى محللون في مجموعة “أوراسيا” للاستشارات في مجال المخاطر، أن الرد الانتقامي من قبل إيران قد يتضمن من المرجح أن يتضمن محاولات لتعطيل الشحن في الخليج.

فقد أوضحوا في مذكرة بحثية أنه “قد تستأنف إيران التضييق على (حركة) الشحن التجاري في الخليج وقد تنفذ تدريبات عسكرية لتعطيل الشحن مؤقتاً”.

خطر يحدق بتجارة النفط العالمية

مضيق هرمز الذي يقع في منطقة الخليج ويفصل بين إيران من الشمال وسلطنة عمان من الجنوب، من بين أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها استراتيجية بالنسبة لأسواق النفط، إذ يمثل الطريق الوحيدة لنقل النفط من الخليج إلى محيطات العالم، ما يعني أن أي تهديد في المنطقة يهدد أيضاً أسواق النفط، ومن ثم الاقتصاد العالمي.

فقنوات الشحن التي تمر عبر المضيق والتي يمكنها التعامل مع ناقلات النفط العملاقة هي فقط بعرض ميلين، وهي متجهة من وإلى الخليج، مما يجبر السفن على المرور عبر المياه الإقليمية الإيرانية والعمانية.

كما أن كمية النفط التي تمر عبر القناة مذهلة، وحوالي 80% من النفط الخام الذي يمر عبر المضيق يتجه نحو آسيا. ولا يمكن للاقتصاد العالمي أن يعمل بدون تلك الإمدادات.

ولوضع ذلك في السياق، فإن كمية النفط التي تمر عبر مضيق هرمز تمثل تقريباً ضعف إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط، وذلك حتى بعد الطفرة الأخيرة في الإنتاج الأمريكي.

البحرية البريطانية ترافق سفنها

تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، دفع وزير الدفاع البريطاني بين والاس إلى إصدار بيان، أكد فيه أن البحرية الملكية البريطانية ستستأنف مرافقة السفن التي ترفع علم المملكة المتحدة وتمر في مضيق هرمز.

وقال والاس إنه أصدر تعليمات لاستعداد كل من السفينتين الحربيتين، إتش إم إس مونتروز وإتش إم إس ديفندر، “للعودة إلى واجبات مرافقة السفن التجارية”، مؤكداً أن الحكومة ستتخذ جميع الخطوات اللازمة لحماية “سفننا ومواطنينا في هذا الوقت”.

وكانت قد اتهمت إيران سابقاً بمهاجمة سفن راسية في أو كانت تمر عبر مضيق هرمز، حيث استولى فيلق الحرس الثوري الإيراني في يوليو 2019، ناقلة ستينا إمبيرو، التي كانت ترفع العلم البريطاني، ومن ثم أطلقت سراحها أخيراً بعد شهرين.

فيما تسعى الولايات المتحدة الأمريكية، منذ يوليو الماضي، إلى تشكيل تحالف دولي يتولى مهمة حماية الممرات المائية في مضيقي هرمز وباب المندب.

تضاعف الأسعار.. وطرق بديلة

التقديرات تشير إلى أن أي ضربة عسكرية سريعة سترفع أسعار النفط إلى 100 دولار، أما نزاع مستمر فسيرفع الأسعار إلى 150 دولارًا كبداية لموجة تصاعدية.

وفي العام الماضي، تسببت الهجمات على سفينتين، إحداهما تحمل النفط والأخرى تنقل شحنة من المواد الكيميائية، في خليج عمان المجاور في ارتفاع مؤقت في أسعار النفط.

عرض المضيق فقط 33 كيلومترًا في أضيق جزء منه، ولكن المفعول كبير جدًا بالنسبة إلى آسيا لأن 91% من واردات الصين النفطية تمر عبره، وكذلك 62% من واردات اليابان النفطية.

باختصار، تمر ناقلة نفط كل 6 دقائق وقت الذروة عبر مضيق هرمز، ففي عام 2016 مر عبره 18.5 مليون برميل يوميًا، و17.2 مليون برميل يوميًا في 2017، ومن بداية يناير 2018 وحتى يونيو 2019 مر حوالي 22.5 مليون برميل يوميًا، فالمضيق يتسم بميزة تنافسية وجيوغرافية تجعله أكثر أهمية من مضيق ملقا، وقناة السويس.

في النهاية هناك طرق بديلة من قبل السعودية والإمارات والعراق بأنابيب لا تمر عبر مضيق هرمز.
 

ربما يعجبك أيضا