هل يطال الانتقام الإيراني أهداف أمريكا أم الحلفاء؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

بأكبر جنازة منذ تشييع الخميني، شيعت إيران جثمان قائد فيلق جيش القدس، قاسم سليماني، في العاصمة طهران. وبمشاركة المرشد الأعلى، علي خامنئي، وقادة النظام الإيراني والجيش والحرس الثوري.

ووصف تشييع سليماني بأنه أحد أكبر الجنائز في التاريخ. ووفق وكالات أنباء إيرانية، فإن التقديرات الأولية تشير إلى أن أعداد المشاركين في تشييع سليماني في طهران تصل إلى 5 ملايين.

ومنذ مقتل سليماني والمسئولون في إيران يتوعدون بالانتقام ما يجعل السيناريوهات مفتوحة على كل احتمالات، ولا يحدها إلا مدى المغامرة الإيرانية. وحجم إمكانية المجازفة.

وقد دعا خبير الشؤون الدولية علي بيغدلي في “جهان صنعت” المسؤولين الإيرانيين الحكوميين والعسكريين إلى الحيلولة دون السماح لقضية الانتقام بأن تصبح مطلبًا علنيًا، بل العمل على أن تصبح ثقافة، اعتقاداً منه أن التدابير المضادة للمسؤولين الإيرانيين غير ممكنة على الإطلاق. وحسب الخبير في الشؤون الدولية، فإن إيران ليست في وضع جيد لاتخاذ إجراء انتقامي وقد تجرها الأحداث إلى حرب غير مقصودة، وأضاف عندما نتحدث عن الانتقام منذ اليوم الأول سيرفع مستوى توقعات الجمهور ولذا يتعين علينا انتظار العواقب، فيما يتوقع بيغدلي أن الحكومة ستعبر عن هذا بحذر.

واعتبرت الصحيفة المحافظة، أنه ليس هناك احتمال للصمت “والعبور فوق دماء الشهيد”، مدعية أن رد إيران الحازم يجنبها خطر الحرب.

وأدرجت الصحيفة في صفحتها الأولى أمس الأحد، القواعد العسكرية الأمريكية في دول الجوار، مع تفاصيل عن المعدات والمواقع والمسافة عن حدود إيران، لتقول: إن كل الخيارات مطروحة، وإن وجود قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في إحدى عشرة دولة مجاورة يعني -من وجهة نظر الصحيفة- أن كل دولة من هذه الدول يمكن أن تستهدفها إيران للانتقام.

تبدو الصحيفة واثقة من أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على الدخول في حرب مع إيران، وبرهانها على ذلك أن الحرب مع إيران لا معنى لها، وأن القوات البرية للجيش الأمريكي المتمركزة في القواعد الأمريكية في المنطقة لن يكون لها أي معنى، فليس هناك أي دولة ترغب في أن تصبح منصة للعمل العسكري ضد إيران.

إخراج القوات الأمريكية

وقد صادق البرلمان العراقي على قرار يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأرض العراقية، جاء ذلك خلال جلسة استثنائية بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي.
 
وجاءت الجلسة بطلب من حكومة تصريف الأعمال وكتل سياسية وازنة، إلا أن كتلا أخرى أعلنت مقاطعتها. وعقدت الجلسة بعد تأخرها لنحو ثلاث ساعات.
 
ويأتي بحث إخراج القوات الأمريكية من البلاد البالغ عددها 5200 جندي بعد اغتيال قاسم سليماني، وأبومهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، مع ثمانية آخرين.

وتسعى أطراف داخل البرلمان إلى إقرار مطلب رحيل القوات الأمريكية عن البلاد، وربما يعقبها مطلب برحيل جميع القوات الأجنبية العاملة في إطار التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

تهديد ترامب

وردًّا على التهديدات الإيرانية، فقد أشار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلی تهديدات وتحذيرات المسؤولين الإيرانيين بالانتقام لمقتل قاسم سليماني، وکتب في حسابه على “تويتر”، أنه في حال وجود تهديدات لمواطنيه أو لمصالح بلده “فسیتم استهداف 52 نقطة في إيران”.

كما كتب دونالد ترامب: “تهديدات المسؤولين الإيرانيين سببها قتل شخص أزهق روح أمريكي وجرح آخرین مؤخرًا؛ هذا عدا الأشخاص الذين قتلهم طوال حياته، بمن فيهم المئات من المتظاهرين الإيرانيين في الآونة الأخيرة”.

وأضاف: “كان يهاجم سفارتنا ويستعد للضرب في مكان آخر.. لسنوات لم تكن إيران سوى مشكلة”.

وفي إشارة إلى الرهائن الأمريكيين الـ52 الذين احتجزوا كرهائن قبل عدة سنوات في إيران، قال ترامب: “ليكن هذا بمثابة تحذير، إذا هاجمت إيران الأمريكان أو المصالح الأمريكية، فسوف نستهدف 52 موقعًا في إیران، بعضها علی مستوی عال جدًّا ومهم، بالنسبة لإيران، والثقافة الإيرانية، وهذه الأهداف وإيران نفسها، ستتلقی ضربة قاسية جدًا جدًا. الولايات المتحدة لا تريد المزيد من التهديدات!”.

تحركات الكونجرس

وقد أعلنت رئيسة مجلس النواب في الولايات المتحدة نانسي بيلوسي، أن الكونجرس سيصوت هذا الأسبوع، على مشروع قرار يهدف إلى الحد من صلاحيات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العسكرية تجاه إيران.

وأوضحت بيلوسي -في بيان، في وقت متأخر من مساء أمس الأحد- أن مجلس النواب سيقدم ويصوت على مشروع قرار للحد من صلاحيات الرئيس الأمريكي ترامب العسكرية فيما يتعلق بإيران، مشيرة إلى أن هذا المشروع يشابه للمشروع الذي قدمه السيناتور تيم كين في مجلس الشيوخ.

وأضافت بيلوسي، إن هذا القرار “يؤكد من جديد مسؤوليات الكونجرس الإشرافية الراسخة، من خلال تكليفه بأنه إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء إضافي من جانب الكونجرس، فإن الأعمال العسكرية التي تقوم بها الإدارة فيما يتعلق بإيران تتوقف في غضون 30 يومًا”.

وقالت بيلوسي -في رسالتها إلى نواب الحزب الديمقراطي في الكونجرس- إن “إدارة ترامب نفذت في الأسبوع الماضي غارة جوية استفزازية وغير متناسبة، استهدفت مسؤولين عسكريين إيرانيين رفيعي المستوى”، مضيفة: إن هذه الغارة عرضت جنودنا والدبلوماسيين وغيرهم للخطر بتهديد تصعيد خطير للتوترات مع إيران”.

واعتبرت رئيسة مجلس النواب في الكونجرس الأمريكي، أن مسؤولية أعضاء الكونجرس “هي الحفاظ على سلامة الشعب الأمريكي. لهذا السبب، نشعر بالقلق من أن الإدارة قد اتخذت هذا الإجراء دون استشارة الكونجرس ودون احترام سلطات الحرب في الكونجرس الممنوحة لها بموجب الدستور.

وسيقود مشروع قرار مجلس النواب، عضوة الكونجرس إليسا سلوتكين، وهي محللة سابقة في وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA، بالإضافة إلى وزارة الدفاع  البنتاجون، وتخصصت في ملف المليشيات الشيعية.

أهداف أمريكا أم الحلفاء؟

وفي إطار التهديدات الإيرانية قال محسن رضائي -أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، أمس الأحد- إن رد طهران على مقتل قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، سيشمل حيفا ومراكز عسكرية إسرائيلية.

وأضاف: “لا توجد لدينا أي حدود من الآن فصاعدا في مواجهة القوات الأمريكية… أقول لترامب: إننا جادون في الانتقام منكم ومن جنرالاتكم”.

وتابع: “لو قامت واشنطن بارتكاب أي خطأ، سنمحو الكيان الإسرائيلي من الوجود، مشددا على أنه سيتم استهداف جميع المصالح الأمريكية بالمنطقة انتقاما على اغتيال سليماني”.

وأوضح رضائي، القائد السابق بالحرس الثوري الإيراني، أن “فيلق القدس” سيواصل طريقه في دعم المقاومة بالمنطقة، مشددا على أن قائد “فيلق القدس” الجديد اللواء قاآني هو قاسم سليماني ثانٍ، وسيواصل طريقه بقوة.

وكانت وكالة “تسنيم” للأنباء قد نقلت، مساء السبت الماضي، عن غلام علي أبوحمزة القيادي الكبير بالحرس الثوري الإيراني قوله: إن إيران ستعاقب الأمريكيين أينما كانوا في مرماها، ردا على مقتل قاسم سليماني قائد “فيلق القدس”.

وقال أبوحمزة: إن 35 هدفا أمريكيا حيويا في المنطقة بالإضافة إلى تل أبيب، “في مرمى القوات الإيرانية”، مؤكدا أن “الولايات المتحدة وإسرائيل يجب أن تكونا في حالة ذعر دائمة بعد اغتيال الشهيد قاسم سليماني”.

وأضاف: “يعد مضيق هرمز طريقا حيويا للغرب، حيث يعبر عدد كبير من المدمرات والسفن الحربية الأمريكية هرمز وبحر عمان والخليج”. وشدد على أن إيران تحتفظ بحقها في الانتقام من الولايات المتحدة على اغتيال قاسم سليماني.

أيضًا، حذرت ابنة سليماني من أن وفاة والدها “ستسبب المزيد من اليقظة في جبهة المقاومة”، و”ستجلب أيامًا أكثر قتامة” للولايات المتحدة وإسرائيل، على حد وصفها.

ووجهت ابنة سليماني حديثها إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلة: “ترامب، أيها المقامر، خطتك الشريرة للتسبب في انفصال بين دولتي العراق وإيران، وارتكابك لخطأ استراتيجي باغتيال كل من الحاج قاسم وأبومهدي، تسببت فقط في وحدة تاريخية بين الدولتين، وكراهيتهما الأبدية للولايات المتحدة”.

ووصفت ابنة قاسم سليماني، في جنازة والدها، الرئيس الأمريكي بـ”المجنون”، مضيفة في حديثها إلى ترامب، “أنت رمز الغباء ولعبة في يد الصهاينة الدوليين”، “لا تظن أنه باغتيال والدي، فقد انتهى كل شيء”.

واعتبرت زينب سليماني أن “هذه الجريمة البشعة التي يرتكبها الأمريكيون تعبر عن روح الإجرام والبلطجة التي تغطي جميع جرائم سفك الدماء، وخاصة على أرض فلسطين”، كما حذرت من أن “أسر القوات الأمريكية في غرب آسيا يجب أن تنتظر موت أطفالها”.

من داخل أوروبا

وفي إطار التهديدات التي تجاوزت سيناريوهات المنطقة، قال المساعد السياسي للحرس الثوري الإيراني، يد الله جواني، أمس الأحد 5 يناير، على الولايات المتحدة أن تنتظر الانتقام حتى من داخل الدول الأوروبية.

وتابع جواني: “حتى إذا غادرت القوات الأمريكية العراق، فإن حق إيران في الرد لا يزال محفوظًا، والانتقام من القتلة ليس له علاقة أبدًا بخروج القوات الأمريكية من العراق”.

وفي معرض إشارته إلى أن الشعب الإيراني لن ينسى دم سليماني، وسينتقم لدمه من الولايات المتحدة، أردف هذا المسؤول العسكري أن الرد الإيراني على قتل سليماني سيكون قاسيًا للغاية، “وسيأتي على وسع جغرافيا محور المقاومة”. وهي إشارة منه إلى أن الانتقاتم سيكون في دائرة مليشيات إيران التي تتوزع في محيطها الإقليمي.

حذر أمريكي

وحسب وكالة رويترز، فإن الجيش الأمريكي يتابع عن كثب تحركات القوة الصاروخية الإيرانية. وهناك حالة من عدم الوضوح لدى الأمركيين إن كانت حالة التأهب الإيرانية دفاعية أم استعدادا للهجوم، وإذا ما كانت الصواريخ الإيرانية تستهدف مواقع محددة.

ربما يعجبك أيضا