عقوبات أمريكية بالأفق.. اقتصاد إيران “المتأزم” يعاني مجددًا

حسام عيد – محلل اقتصادي

تلويح أمريكي جديد بإمكانية فرض عقوبات جديدة على إيران، لكن كم سيتحمل الاقتصاد الإيراني المزيد من هذه العقوبات خصوصًا بعد تلك الأخيرة التي طالتها بمجرد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، وكذلك تقليص وصول صادراتها النفطية حول العالم، عبر سياسة التصفير النفطي التي انتهجها ترامب ضد نظام الملالي.

وفيما يتعلق بآخر التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، أبديا كلا الطرفين الرغبة بعدم الخوض نحو إطلاق حرب جديدة، لكن الرئيس دونالد ترامب شدد على أن قوة أمريكا الاقتصادية ستكون عامل الردع الأكبر لانتهاكات وإرهابي النظام الإيراني.

عقوبات اقتصادية جديدة مرتقبة

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة بصدد فرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران، وذلك ردًا على الهجمات الصاروخية الإيرانية على قاعدتين عراقيتين تضمان قوات أمريكية، فجر الأربعاء الموافق 8 يناير.

وقال ترامب اليوم الخميس الموافق 9 يناير 2020، “لقد تم بالفعل. لقد زدنا العقوبات، لقد كانت شديدة للغاية، ولكنها زادت الآن بشكل كبير. لقد صدقت عليها منذ فترة قصيرة مع وزارة الخزانة الأمريكية”.

وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي لم يعلن طبيعة وتفاصيل العقوبات المرتقبة، إلا أنه أضاف “سوف نرى. أعني أننا سنضع إعلانًا بسيطًا. إنه في الواقع حدث كبير”.

وكان الرئيس ترامب، تعهد، في كلمة له، بفرض عقوبات جديدة على إيران، مشيرًا إلى أن العقوبات الإضافية المفروضة على إيران ستظل سارية إلى أن “تغير الجمهورية الإسلامية سلوكها” تجاه الولايات المتحدة ودول المنطقة.

إيران في مرحلة ركود

إذًا، بالنظر إلى الاقتصاد الإيراني وتاريخ تأثره بالعقوبات الأمريكية، كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قد شدد العقوبات على طهران في الفترة من 2011 وحتى 2014، ليتسبب على الفور في انكماش الاقتصاد الإيراني بحدود الـ7.71% في 2012، لكن بمجرد توقيع الاتفاق النووي في 2015، سجل الاقتصاد انتعاشة قوية ما بعد ذلك العام، وصولًا في 2016 لنمو يتجاوز الـ12%.

لكن الانسحاب الأحادي من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، تسبب في إدخال الاقتصاد الإيراني من جديد في الانكماش، وبمستويات قياسية تقوى عامًا بعد الأخر، ففي عام 2019 سجلت إيران انكماشًا بنسبة 9.44%.

النفط الإيراني في رحلة من الهبوط

كما ذكر الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن العقوبات الأمريكية قد كلفت الاقتصاد مئتي مليار دولار، وخصوصًا فيما يتعلق بالإيرادات النفطية، مع نزول مستويات الصادرات دون نصف مليون برميل، وهو ما نسبته 72%.

وتأتي مداخيل إيران بشكل رئيس من النفط، فهي تمتلك رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم وذلك بحسب تقديرات البنك الدولي.

لكن اليوم هذه الاحتياطيات تجد صعوبة في الوصول إلى مناطق مختلفة من العالم، لتتقلص معها الصادرات بشكل كبير، وهو ما يدفع النظام الإيراني اليوم إلى التفكير في بناء الكثير من احتياطيات النقد الأجنبية عبر صناديقها السيادية، الممثلة في صندوق الدفاع الوطني، وصندوق النقد الأجنبي، في محاولة منها لتكوين احتياطيات فوق الـ130 مليار دولار دون المساس بها.

معضلة تواجه تجارة إيران الخارجية

يبدو أن النفط الإيراني يظل عاجزًا في العام الجديد أمام دخول الأسواق العالمية، الأمر الذي يعد معضلة في حد ذاته، وهو ما تسبب في تسجيل التجارة الخارجية عجزًا كبيرًا، حيث بلغت الواردات 60 مليار دولار، متجاوزة الصادرات التي هبطت إلى 31 مليار دولار في 2019، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.

كما أن الحواجز على قطاعي المصارف والتعدين، تسببت في تراجع حجم التجارة الخارجية لإيران.

ويتوقع صندوق النقد الدولي استمرار انخفاض الصادرات دون مستوى الواردات في 2020.

ارتفاع تكلفة المعيشة

مع زيادة أسعار البنزين بأكثر من 50%، تسارعت وتيرة التضخم المتفاقم إلى 40%، وانخفاض قيمة الريال الإيراني مقارنة بالدولار منذ مايو 2018، ليتجاوز مستويات الـ140 ألف ريال للدولار الواحد، تضاعفت تكلفة المعيشة للمواطن الإيراني.

فهذه الزيادات أثرت على أسعار المواد الغذائية والسلع في إيران، وفي بعض محلات العاصمة طهران، بات من الصعب العثور على اللحوم الحمراء، كما أصبح الفستق الذي يحضر عمومًا على كل طاولات الأفراح، بمثابة ترف غير متاح بالنسبة إلى كثيرين.

وارتفعت أسعار أنواع الفواكه والخضراوات في مايو الماضي بنسبة 112% إلى 136%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وتضاعفت أسعار المنازل في العاصمة منذ مارس 2018 بحسب المصرف المركزي الإيراني، وتراجعت أيضاً فرص التوظيف كما أصبحت أسعار السيارات المستوردة بعيدة عن متناول الكثيرين.

ويلخص الباحث في الشركة الاستشارية الأمريكية “أوراسيا جروب” هنري روم، الوضع الاقتصادي في إيران بأنّه سيء ويتجه نحو “المزيد من السوء”.
 

ربما يعجبك أيضا