الزيادة السكانية في مصر.. “قنبلة موقوتة” تهدد موارد الدولة

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – تواجه مصر خلال الثلاثين عاما المقبلة، أزمة كبرى بسبب الزيادة السكانية الكبيرة التي تعاني منها، رغم محاولات الحكومة تنفيذ عدد من المبادرات والحملات لتوعية المواطنين، الأمر الذي يحتاج إلى أن تضاعف القاهرة من إمكانياتها لمواجهة الزيادة السكانية المتوقعة، في ظل مستويات الإنجاب الحالية والتي تصل إلى 3.4 طفل لكل سيدة.

“أزمة كبرى”

وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، توقعت دراسة حديثة أن يرتفع عدد السكان في مصر من نحو 95.5 مليون نسمة عام 2017 إلى 153.7 مليون نسمة عام 2052، بزيادة حوالي 58.2 مليون نسمة خلال تلك الفترة إذا استمرت مستويات الإنجاب الحالية على ما هي عليه، بواقع 3.4 طفل لكل سيدة، بحسب متوسط الخصوبة الوارد في الدراسات التي انتهى منها الجهاز مؤخرا.

وأكدت الدراسة الواردة في العدد رقم (99) من المجلة النصف سنوية “السكان- بحوث ودراسات” والتي ستصدر عن الجهاز، أن ارتفاع عدد السكان وفقا للدراسات سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أعداد الطلاب في مراحل التعليم المختلفة، ما يستلزم مضاعفة عدد المدرسين والمدارس والمستلزمات التعليمية المختلفة المطلوبة لاستيعاب تلك الزيادة، حيث من المقدر أن تتطلب تلك الزيادة بناء 27 ألف مدرسة ابتدائية و12 ألف مدرسة إعدادية و4 آلاف مدرسة ثانوية جديدة حتى عام 2052.

وعلى مستوى الوظائف، توقعت الدراسات أن تتطلب تلك الزيادة السكانية توفير نحو 27 مليون وظيفة جديدة نظراً للزيادة المتوقعة في قوة العمل، علاوة مضاعفة الخدمات الصحية، حيث سترتفع أعداد الممرضين والممرضات المطلوبة من 214 ألف ممرض عام 2017 إلى 429 ألف ممرض عام 2052، وسيرتفع عدد المستشفيات المطلوب توفيرها من ألفين مستشفي عام 2017 إلى 4 آلاف مستشفي عام 2052، ويرتفع عدد الأطباء المطلوب توفيرهم في كافة القطاعات الصحية من 128 ألف طبيب في عام 2017 إلى 257 ألف طبيب في عام 2052.

وكانت الحكومة المصرية، أعلنت في مارس الماضي، تراجع معدلات الزيادة السكانية لأول مرة في البلاد حيث بلغت 3.1% لأول مرة، ضمن استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030.

قال مقرر المجلس القومي للسكان عمرو حسن: إنّ مصر لديها مشكلة كبيرة في عدد السكان ومعدل النمو السكاني، موضحًا أنّ أحدث الدراسات السكانية أوضحت أنّ مصر ستصبح في الفترة من 2018 لـ2050، سابع أعلى دولة على مستوى العالم في الزيادة السكانية، إذ تشهد زيادة نحو 69.5 مليون نسمة.

“2 كفاية”

الحكومة المصرية، عملت خلال العامين الماضيين على مواجهة تلك الأزمة عن طريق إطلاق عدد من المبادرات لتوعية المصريين بأهمية تحديد النسل، بدأت بإطلاق حملة “2 كفاية”، للحد من الزيادة السكانية بين الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل” في يونيو 2018، والتي تمكنت حتى نوفمبر الماضي، من تنفيذ 2 مليون و413 ألف زيارة في إطار حملة طرق أبواب وتحويل 369,668 سيدة لعيادات تنظيم الأسرة، كما قام بتنفيذ 3640 ندوة مع الفئات المستهدفة شارك فيها 345,225 رجل وسيدة، في 10 محافظات.

وأشار تقرير وزارة التضامن المصرية، مطلع يناير الجاري، إلى أنه تم إطلاق  حملة “السند مش في العدد” وبلغت نسبة المشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي  للحملة الأولى 30 مليون مشاهدة، وللحملة الثانية ما يزيد على 20 مليون مشاهدة، كما تم انتاج وإذاعة وبث عدد من البرامج الاذاعية لإيضاح  صحيح الدين وتصحيح المفاهيم الاجتماعية والثقافية المغلوطة تجاه تنظيم الأسرة.

ووضعت خطة استراتيجية ”2015- 2030“ التي تعمل عليها الحكومة للحد من الإنجاب وتتركز على 5 محاور أهمها محور تنظيم الأسرة، وتمكين المرأة والشباب وصحة المراهقين والإعلام والتعليم.

وبحسب خطة الحكومة المصرية، تهدف الدولة إلى خفض معدل الإنجاب الكلي بحلول عام 2020 ليصل إلى 3.1 أي أن تنجب كل 10 سيدات 31 طفلاً، وفي عام 2030 يصل العدد إلى 2.4 وهو ما يعني إنجاب 24 طفلاً من كل 10 نساء.

وفي مطلع ديسمبر الماضي، قدم عضو مجلس النواب المصري علي الكيال، بيانا عاجلا، موجها لرئيس الوزراء حول خطة الحكومة للسيطرة على الزيادة السكانية، موضحا أن الحكومة ووزراءها يتحدثون منذ سنوات عن مخاطر الانفجار السكاني، مع إعلان خطط لمواجهتها، إلا أنه حتى الآن ما زالت الأعداد في تزايد مستمر بسبب غياب الرؤية المتكاملة لهذه الأزمة الطاحنة.

وأكد الكيال أكد أنه لن تفلح أي محاولات لأي إصلاح اقتصادي إذا لم يكن هناك حل جذري لهذه المشكلة التي تتطلب تضافر جميع الجهات المعنية في الحكومة، بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني، مطالبا الحكومة بإعلان خطة مواجهة الزيادة السكانية، وكشف الإجراءات التحفيزية لحث المواطنين على الالتزام بعدد معين من الأطفال.

“تشريع جديد”

عدد من أعضاء مجلس النواب سعوا إلى تقديم تشريعات لتشجيع الأسر على “تحديد النسل”، من خلال تقديم مشاريع قوانين تتضمن مكافآت للأسر المثالية، والعمل على رفع وعي المواطنين، والتي كان أهمها المشروع المقدم من رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مصر النائب كمال عامر.

مشروع عامر، تضمن حوافز إيجابية للأسر المثالية التي تتكون من 4 أفراد ممثلة في (أب وأم وطفلين)، وتكريمًا للأسر التي أنجبت طفلا واحدا فقط باختيارها، عبر منح الأسر النموذجية “كارت ذكي” يحتوي على عدد من المزايا، وإصدار وزارة التموين قرارا لزيادة نسبة الدعم التمويني على البطاقات التموينية للأسرة النموذجية.

وشملت المزايا أن تختار وزارة الداخلية نسبة سنوية لقضاء فريضة الحج للأبوين (كبار السن)، وتسهيل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الإجراءات عند إنشاء مشروع تحت مظلته، عن طريق توفير قروض بدون فوائد، وتخصيص نسبة من المشروعات القومية التي تنفذها الدولة في مجالي الإسكان الاجتماعي وتخصيص أراضي.

ربما يعجبك أيضا