الإقليم السني.. هل يتم فدرلة العراق؟

محمود سعيد

رؤية – محمود  سعيد

عاد مجددا إلى الواجهة، الحديث عن إنشاء إقليم يضم المحافظات السنية في العراق، حيث تناقلت وسائل إعلام معلومات عن عقد اجتماع الخميس والجمعة الماضيين، بين رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي وعدد من الشخصيات والقيادات السياسية السنية، لمناقشة عدد من الأمور ومنها ضرورة إنشاء إقليم سني خصوصا في ظل محاصرة المشروع الإيراني في المنطقة.

الساسة السنة من جهتهم سارعوا بإنكار أي مشروع للإقليم السني، حيث يخشون من ردة فعل المليشيات الشيعية في العراق.

في 2013م كان الحراك السني في ساحات الاعتصام الذي يحرص ممثلوه على رفع علم العراق في عهد حكم الرئيس الأسبق صدام حسين، قد دعا كل القيادات السنية لأخذ زمام المبادرة وإنقاذ ”ما تبقى لأهل السنة قبل فوات الأوان” وشدد حينها على مطالبة سنة العراق بتطبيق القانون الدولي للحصول على “حق تقرير المصير”، وقاد هذه الحملة “الحراك الشعبي السني” و”الحراك السني في العراق” في العراق حملة “إعلان الإقليم السني”، وهو كان يرى التطورات الخطيرة التي يشهدها العراق الآن وهي تعبر عن انقسام واضح في البلد.

رئيس البرلمان العراقي

من جانبه، نفى رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، الأنباء التي تتحدث عن ترأسه اجتماعات لبحث تشكيل إقليم للسنة في العراق، قائلاً: “لا وجود لأي طرح بشأن تشكيل الأقاليم”.

وقال الحلبوسي، في بيان مقتضب: “كنا ولا زلنا وسنبقى نؤمن ونعمل على وحدة العراق أرضاً وشعباً”، وأضاف: “لا وجود لأي طرح بشأن تشكيل أقاليم في البلاد”، وكان الحلبوسي قد كتب على تويتر في وقت سابق رسالة إلى من سماهم “مخلفات العملية السياسية من الخَرِفين”: “لا تزايدوا على المؤمنين بوحدة العراق وشعبه، أولئك الذين يمتلكون من الوطنية ما لا تملكونه”.

تأكيدات

من جهته، قال النائب عن محافظة الأنبار فيصل العيساوي، في تصريح صحفي، إن خطوات عملية بدأت نحو تشكيل إقليم الأنبار (غربي العراق).

وبين أن التجاهل الحكومي للمحافظات السنية والرغبة الجامحة في تطبيق فكرة الدكتاتورية على مكون معين من الأسباب الرئيسية التي دفعت القوى السياسية للمضي نحو تأسيس إقليم الأنبار.

أسباب

ويشكو السنة من التهميش منذ وصول الشيعة إلى سدة الحكم عقب اسقاط النظام الذي كان يقوده الرئيس الراحل صدام حسين، على يد قوات دولية قادتها الولايات المتحدة في 2003.

ويقول الكثير من السياسيين السنة: إن السياسات الطائفية للحكومات العراقية المتعاقبة، المقربة من إيران، ساهمت بشكل كبير في ظهور تنظيم القاعدة، ومن ثم بروز تنظيم “داعش”.

ولا تزال المخاوف تساور السنة بشأن إمكانية تحقيق شراكة حقيقية في المرحلة المقبلة تمكنهم من إدارة مناطقهم بمعزل عن قادة العسكر وزعماء الحرب.

والإقليم السني محور الاجتماع وفقاً للمعلومات المسربة، سيشمل الأنبار وصلاح الدين في مرحلة أولى تلتحق بهما نينوى فيما بعد.

والدستور العراقي يتيح لمحافظة أو عدة محافظات المطالبة بإقليم إداري ضمن نظام العراق الاتحادي الفيدرالي، على غرار إقليم كردستان في شمال العراق.

الأقاليم حق كفله الدستور

نفى النائب عن تحالف القوى أحمد مظهر الجبوري، مناقشة قضية الإقليم السني، فيما أشار إلى أن هناك شعورًا بالغبن نتيجة عدم الشعور بالشراكة الحقيقية.

وقال الجبوري: إن “الأنباء التي نشرت عن طرح قضية الإقليم السني في اجتماع للقيادات السنية عار عن الصحة”، مبينا أن “الأقاليم هي حق كفله الدستور الذي كتب بأيدي جميع القوى السياسية الممثلة لجميع المكونات بالتالي فهو حق مشروع ولا نحتاج للذهاب والاجتماع في مكان آخر لمناقشة هذا الأمر”.

وأضاف: إن “الموضوع لم يناقش في داخل العراق ولم يطرح بشكل رسمي او خلال الحوارات رغم انه حق مشروع”، لافتا الى “اننا لدينا شعور بالغبن نتيجة عدم الشعور بالشراكة الحقيقية اضافة الى ان مناطقنا ما زالت اغلبها حتى اللحظة بعد تحريرها دون اعمارها او اعادة العوائل النازحة اليها”.

واقع سنة العراق

مئات الآلاف من أبناء العرب السُنة، من سكان مخيمات البؤس المنتشرة في كل حدب من مناطقهم، في مدنهم المحطمة والفاقدة للحد الأدنى من الخدمات العامة الضرورية، وما يضاهيهم من اللاجئين في كردستان والدول الإقليمية، يجدون أنفسهم يوما بعد آخر يدفعون أثمان تدهور كل شيء في العراق.

الأمر نفسه بالعراق، فقد تم تهجير مئات الآلاف من مناطق سنية في حزام بغداد كجرف الصخر وعدة مناطق في بغداد والبصرة وديالى، ولم يتم السماح لسكانها بالعودة، رغم أن الحكومة العراقية أعلنت مرارًا وتكرارًا أنها تعمل على عودة النازحين من “إقليم كردستان العراق” والمناطق الأخرى التي تم النزوح إليها (3 مليون نازح سني في كردستان العراق وحدها)، وللأسف بدأ الآلاف من العراقيين في الهجرة رفقة إخوانهم السوريين، الأمر الذي بات يشكل كارثة على توزيع المكونات السكانية في العراق.

مستقبل سنة العراق

إن المتأمل لما يجري في المحافظات العراقية ذات الأغلبية السنية من تهجير وتغيير ديموغرافي ممنهج واختراق إيراني عسكري، لا بد أن يشعر بالخطر العظيم الذي لا يهدد العراق فقط، وإنما المشرق العربي بأكمله، فأمن الشرق من أمن العراق، وهذا الصمت الرسمي غير المبرر جراء ما يحدث من إبادة غير مفهوم على الإطلاق.

التدخل الإيراني “الفج” في عموم العراق بات معلومًا للقاصي والداني، وتخرج ضده اليوم المظاهرات الشيعية، وحتى التصريحات الرسمية الإيرانية لا تنكر ذلك بل وصور القادة العسكريين الإيرانيين في المدن العراقية تملأ فضائيات ما كان يسمى سابقًا “محور المقاومة والممانعة”، وما مقتل الجنرال قاسم سليماني في العراق عنا ببعيد.

ولابد من أن يكون للسنة رد فعل ينهي هذه المأساة.

ربما يعجبك أيضا