نظام الحمدين يتلاعب بالقانون.. حرية التعبير في خطر

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

يواصل نظام الحمدين في قطر ممارساته القمعية المفضوحة أمام العالم، لكن هذه المرة من خلال القوانين، حيث أثار أمير قطر تميم بن حمد مؤخرا جدلا وقلقا دوليا بعد تعديلات “قمعية” جديدة متعلقة بحرية التعبير.

ورغم أن المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير دون تدخل، إلا أن الدوحة تسير عكس هذا الاتجاه.

قمع لحريـــــة التعبيـــــر

أمير قطر وبأسلوب استفزازي، أضاف بندا جديدا على المادة 136 مكررة من قانون العقوبات، ينص على أن “يعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز 5 سنوات وغرامة لا تزيد عن 100 ألف ريال قطري، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تناول بإحدى الطرق العلانية من الداخل أو الخارج الشأن العام للدولة أو أذاع أو نشر أو أعاد نشر أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة”.

وعلى الفور وجهت منظمة العفو الدولية انتقادات لاذعة إلى الدوحة وقالت: إن القانون الجديد “تراجع مقلق” عن الالتزامات التي قطعتها قطر على نفسها في 2018 عندما صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وصدقت عليه في المجمل 173 دولة.

واعتبرت العفو الدولية أن التعديلات “ّذات صياغة فضفاضة” وتقيد بشكل كبير حرية التعبير في قطر، ووصفتها بـ”صفعة مريرة أخرى” لحرية التعبير، و”انتهاك صارخ” للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأضاف البند الذي نشر في الجريدة الرسمية لقطر “تضاعف العقوبة إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب”.

وظهر النص الكامل للقانون -الذي استعرضته منظمة العفو الدولية- في العدد الصادر في 19 يناير من الجريدة الرسمية رغم أن الأمير أصدره قبل أسبوعين تقريباً في 8 يناير.

دعوات لإلغاء التعديلات

وسرعان ما طالبت مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، لين معلوف، السلطات القطرية بإلغاء التعديلات، قائلة: “من المثير للقلق البالغ أن الأمير القطري يصدر تشريعات يمكن استخدامها لإسكات صوت المنتقدين السلميين، ويجب على سلطات قطر إلغاء هذه القوانين، بما يتماشى مع التزاماتها القانونية الدولية، وليس إضافة المزيد منها”.

وأضافت: “قطر لديها بالفعل مجموعة من القوانين القمعية لكن هذا التشريع الجديد يوجه ضربة مريرة أخرى لحرية التعبير في البلاد ويعد انتهاكا صارخا لقانون حقوق الإنسان الدولي”.

وكانت هذه التعديلات التي أعلن عنها في 19 يناير الجاري قد أثارت جدلا واسعا، بعد أن نشرتها جريدة الراية القطرية قبل أن يصدر عنها اعتذار رسمي على هذه الخطوة.

وذكرت الصحيفة حينها أنها حصلت على تعديلات قانون العقوبات من مصدر غير رسمي، وقامت بنشرها دون التأكّد عن طريق الجهات المختصة.

بواعـــــث تـدعو للقـلق

وثمة بواعث قلق أوسع نطاقاً بشأن سجل حقوق الإنسان في قطر، وخاصة معاملتها للعمال الأجانب، خاصة بعد أن أعلنت مؤخرا أيضا عن قانون جديد يلغي شرط الحصول على “مأذونية الخروج” لعاملات وعمّال المنازل الأجنبيات.

وبشكل تعسفي صرحت وزارة الداخلية بأنها ستواصل مع ذلك تطبيق العقوبات المالية وعقوبات الهجرة على عاملات وعمّال المنازل اللائي تركن العمل دون إذن صاحب العمل على الرغم من عدم وجود من أي مادة في القانون تجيز مثل هذه العقوبات.

ولدى قطر أصلاً قوانين تقيد حرية التعبير بشكل تعسفي، مثل قانون المطبوعات والنشر الصادر عام 1979، وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الصادر عام 2014، وفقا لتقارير “العفو الدولية”.

ففي 2012، حُكم على الشاعر القطري محمد العجمي بالسجن لمدة طويلة بتهمة إلقاء قصيدة، في شقته الخاصة أثناء إقامته في الخارج، تنتقد الأمير. وقد تم إطلاق سراحه لاحقًا بعفو بعد أكثر من أربعة سنين في السجن.

منظمات المجتمع المدني

وقبل عدة أشهر انتقد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان سياسات وتشريعات قطر التي تقيد حرية الرأي، والتعبير والتجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات والنقابات، بما يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الدوحة والدستور القطري الذي يضمنها، نظرياً.

وندد المرصد الأورومتوسطي بالشروط الصعبة التي تفرضها الحكومة القطرية والقيود على إنشاء منظمات المجتمع المدني، ما أدى إلى تقييد عمل منظمات حقوق الإنسان المستقلة في البلاد.

وتحظر المادة 35 من قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة لعام 2004 مشاركة منظمات المجتمع المدني في الأنشطة السياسية.

وتنص على شرط حصول منظمات المجتمع المدني على ترخيص من وزارة الشؤون الاجتماعية، التي بدورها قد ترفض تسجيل أي منظمة تعتبرها تهديداً للمصلحة العامة، ما يجعل عدد منظمات المجتمع المدني المسجلة في قطر محدوداً للغاية.

وتحرم قطر الموظفين والعمال خاصةً الأجانب منهم من تشكيل هيئات تضمن الدفاع عن حقوقهم، في ظل رفض الدوحة توقيع اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم رقم 87 لعام 1948 الصادرة عن مؤتمر العمل الدولي في يوليو من نفس العام، واتفاقية حق التنظيم والتفاوض الجماعي رقم 98 من 1949، المنظمة لحقوق العمال المهنية.

ربما يعجبك أيضا