“صفقة القرن” ودلالات التوقيت الأمريكي.. ورسالة نتانياهو إلى العرب وعبدالناصر

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

قالت الدكتورة رانيا فوزي، المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، إنه فوجئ الجميع بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نشر صفقة القرن قبل الزيارة المقررة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو وزعيم ائتلاف “كاحول لافان” إلى البيت الأبيض الثلاثاء المقبل، لإطلاعهم على تفاصيل خطة السلام الأمريكية.

وتراجع دونالد ترامب عن اختيار يوم الثلاثاء، تحديدًا لإعلان الصفقة بحضور بنيامين نتانياهو إلى البيت الأبيض له دلالات عدة تتعلق بضغوط أمريكية محلية وإعلامية تمارس ضده لرفع الدعم الأمريكي المطلق وغير المشروط لرئيس حكومة الاحتلال الموصى بتقديم ثلاث لوائح اتهام بحقه، والتدخل الأمريكي الواضح في سير العملية الانتخابية في إسرائيل.

وأضافت الدكتورة رانيا فوزي في تصريحات خاصة لـ”رؤية”، اليوم السبت: بعد يوم من قراءة ترامب للتقارير التي تناقلتها وسائل الإعلام الأمريكية والدولية ردًا على دعوة إدارته لرئيس الحكومة الإسرائيلية وغريمه غانتس إلى البيت الأبيض، أيقن أنه قد أساء الاختيار الذي يتماشى مع هوى صديقه نتانياهو وليس مصادفة إعلان الصفقة مع نفس اليوم المقرر فيه مناقشة الكنيست لطلبه للحصانة البرلمانية، وهو ما دفع ترامب للتراجع عن توقيت الإعلان وتقديم إعلان الصفقة قبل زيارة نتانياهو إلى البيت الأبيض بيوم أو يومين.

وتابعت: بدورها كشفت مصادر رفيعة المستوى في الحكومة الإسرائيلية، بعد تراجع ترامب عن إعلان مبادرة السلام الأمريكية، الثلاثاء، أن الصفقة الأمريكية برمتها قد عرضت كاملة على نتانياهو في الأسابيع الأخيرة وأن الدعوة إلى البيت الأبيض كانت بناءً على رأي رئيس حكومة الاحتلال ووساطته.

تخبط داخلي

أكدت الباحثة المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، أن توقيت الإعلان الأمريكي للصفقة آتي بالتزامن مع اختلاط الحابل بالنابل في الانتخابات الإسرائيلية الثالثة، حيث باتت شرعنة اليمين المتطرف من أبرز علامات المعركة الحالية للجولة الثالثة من الانتخابات الإسرائيلية، وهو ما أوصل الصراع بين غانتس ونتانياهو إلى أشده على ضم غور الأردن ليغير قواعد المنافسة بينهما؛ للتحول من صناديق الاقتراع إلى الملفات الإقليمية والدولية، التي دفعت غانتس للتحول من معارض لفرض السيادة إلى متعهد لها والبدء في تطبيقها بعد الانتخابات.

فيما كشفت مصادر مقربة من رئيس الحكومة الإسرائيلية أنه من المقرر أن يعلن في الجلسة الأسبوعية للحكومة المقرر لها الأحد، ضم غور الأردن فعليًا ورفعها للتصويت عليها في الكنيست الثلاثاء، الذي يتزامن مع نفس اليوم المقرر مناقشة طلبه الحصانة.

رسائل نتانياهو

ونوهت المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي إلى أن سعي نتنياهو لدفع صديقه ترامب للإعلان عن نشر الصفقة مع وصول زعماء من دول العالم للمشاركة في منتدى الهولوكوست الدولي، يأتي للتأكيد من ناحية على أن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل ومن ناحية أخرى المتاجرة بالذكرى الـ75 لتحرير معسكر أوشفيتز النازي.

ويهدف نتانياهو لضمان تأييد المجتمع الدولي للصفقة وكبح أي ردود فعل دولية غاضبة على بنود الصفقة التي تجير على حقوق الفلسطينيين وتنهي ملف القضية الفلسطينية واللاجئين للأبد؛ ليس هذا فحسب بل إخراج القضية الفلسطينية برمتها من الأجندة الدولية، حتى يتفرغ العالم فقط لمسألة التهديد الإيراني لمنطقة الشرق الأوسط.

رسالة نتنياهو للعرب وعبدالناصر

وقالت رانيا فوزي: من ضمن الرسائل المهمة التي استغلها نتانياهو في منتدى الهولوكوست، هو التأكيد على خطر التهديد الإيراني، ففي تدوينة له على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” كتب يقول نصًا:

“في النهاية، فإن ذلك الهدف الكبير هو التغلب على التهديد الإيراني، الذي هو أيضًا تهديد تقليدي، ونووي، وكذلك إرهابي، يجب التغلب عليه كما تغلبنا على التهديد الكبير للوحدة العربية”.

هكذا قال نتنياهو متباهيًا بنجاح إسرائيل في القضاء على الوحدة العربية التي كان يتزعمها الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر ليتحول المسار الآن من القضية الفلسطينية إلى المسألة الإيرانية ومن بعدها المسألة السورية وهكذا لتفكيك الوطن العربي إلى دويلات صغيرة؛ لتنفيد مخطط التقسيم الذي بدأ من 2011 ويسير في مراحله إلى الآن. 

ترامب والرهان الخاسر

وأشارت الباحثة المتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي الإسرائيلي إلى أن البعض يعتقد أنه بالهدية الترامبية الجديدة لنتانياهو المأزوم قد يمنح قبلة الحياة الثلاثاء المقبل ليستمر في الحكم دون ملاحقات قضائية، إلا أنه في ظل الضغوط التي تمارس على غريمه غانتس لعدم تلبية دعوة الرئيس الأمريكي والتوجه إلى البيت الأبيض للتباحث بخصوص صفقة القرن، قد تأتي لقلب الطاولة على نتانياهو وتربك من جديد حسابات التوقيت.

وتابعت قائلة: الهدف من طرح الرئيس الأمريكي ترامب صفقة القرن بهذا التوقيت هو عبارة عن إنقاذ نتانياهو من ملف الحصانة.

وتشير التوقعات إلى أن “الكنيست سيرفض طلب نتنياهو الحصول على حصانة، وعلى الأرجح أن غانتس سيعلن عن رفض مناورة نتانياهو السياسية بقيادة الرئيس ترامب للتخديم على مصالح نتانياهو في حملته الانتخابية وثني الأنظار عن مسألة الحصانة وملفات الفساد.

وبالرغم من دخول الملفات الإقليمية إلى حلبة المنافسة بين نتنياهو وغانتس إلا أن آخر استطلاعات للرأي تؤكد أن كليهما لن يحصل على أكثر من 60 مقعدًا ليبقى حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة أفيجدور ليبرمان هو “بيضة القبان”، هكذا هو السيناريو الأقرب للانتخابات الإسرائيلية الوشيكة.

ربما يعجبك أيضا