مؤامرات وإدانات.. هل يعلن “كورونا” حربا بيولوجية؟

ياسمين قطب

رؤية – ياسمين قطب 

فايروس كورونا الجديد المتحور القاتل لا علاج له، ولا تطعيم، والمحاكاة الفعلية للعدوى أوضحت قدرته على قتل 65 مليون شخص في العالم خلال 18 شهرا“.. تصريح مرعب لباحثين في “جونز هوبكنز” الأمريكية حول الشبح الغامض الذي يهدد العالم أجمع بحصد الأرواح منذ الإعلان عن ظهوره في الصين منذ قرابة شهر.

يتابع العالم بشغف أنباء “كورونا” أين وصل؟ وكم أصاب؟ وكيفية الوقاية منه؟ وكلها أسئلة لها إجابات واضحة، إلا أن منشأ الفيروس، وكيف ظهر، يكتنفه الكثير من الغموض والتضارب في التصريحات، بدءا من تكتم الصين على الخبر في البداية، ورفضها الإفصاح عن مصدره، وصولًا إلى تصريحات مقتضبة عن الحيوانات البرية والثعابين والخفافيش، وأنها المتهم الرئيسي.

ويبدو أن الحيوانات كمصدر للفايروس المدمر لم يكن تفسيرًا مقبولًا لدى البعض، لاسيما مع تأخر الإفصاح عنه، وتوصلت أبحاث وتصريحات صادمة عن أسباب أخرى أكثر احتمالًا، إلا أنّها تنبئ عن وقوع حرب “بيولوجية” كبرى.

لغز “ووهان”

بات الجميع يعرف أن مدينة “ووهان” هي منشأ السلالة الجديدة لفايروس “كورونا”، والذي انطلق منها إلى أغلب الصين، وبعض دول العالم، وما لا يعرفه الكثير أن “ووهان” تملك مختبر أبحاث الفيروسات الأكثر تقدمًا في الصين، والمعروف باسم مختبر “ووهان” لعلم الفيروسات.

يقع المختبر على بعد حوالي 20 ميلًا من سوق “هونان سيفورد” التي تفيد التقارير الواردة من الصين بأنها ربما كانت نقطة انطلاق الفيروس.

ونقلت صحيفة “واشنطن تايمز” عن داني شوهام، وهو ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية درس الحرب البيولوجية الصينية، قال: إن المعهد مرتبط ببرنامج بكين السري للأسلحة البيولوجية، والمختبر هو الموقع الوحيد المعلن في الصين القادر على العمل مع الفيروسات القاتلة.

وأضاف شوهام، لصحيفة واشنطن تايمز: “بعض المختبرات في المعهد ربما تكون قد شاركت في البحث والتطوير على الأسلحة البيولوجية لأسباب وقائية”.

وقال: إن العمل في الأسلحة البيولوجية يجري كجزء من بحث مدني وعسكري مزدوج وهو “سرى بالتأكيد “.

وأوضح أن معهد “ووهان” لعلم الفيروسات خاضع للأكاديمية الصينية للعلوم، وأن بعض المختبرات الموجودة داخلها “لها صلة بعناصر جيش التحرير الشعبي الصيني أو العناصر ذات الصلة بالأسلحة البيولوجية داخل مؤسسة الدفاع الصينية”.

في عام 1993، أعلنت الصين عن منشأة ثانية، هي معهد “ووهان” للمنتجات البيولوجية، كواحد من ثمانية مرافق أبحاث حرب بيولوجية مشمولة باتفاقية الأسلحة البيولوجية (BWC) التي انضمت إليها الصين في عام 1985.

وقال شوهام: إن معهد “ووهان” للمنتجات البيولوجية هو مرفق مدني، ولكنه مرتبط بمؤسسة الدفاع الصينية، ويُعتبر مشاركًا في برنامج الأسلحة البيولوجية الصيني.

وأضاف التقرير: “لدى الولايات المتحدة مخاوف تتعلق بالامتثال فيما يتعلق ببحوث وتطهير المؤسسات الطبية العسكرية الصينية، بسبب التطبيقات ذات الاستخدام المزدوج المحتملة وإمكاناتها كتهديد بيولوجي”.

ودرس موقع “ووهان” الفيروسات التاجية في الماضي، بما في ذلك السلالة التي تسبب متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، وفيروس الأنفلونزا H5N1، والتهاب الدماغ الياباني، وحمى الضنك، كما درس الباحثون في المعهد الجرثومة التي تسبب الجمرة الخبيثة، وهو عامل بيولوجي تم تطويره في روسيا.

موقف الصين

أعلن المركز الصيني لمكافحة الأمراض الفيروسية والوقاية منها، في بيان اليوم الإثنين؛ أن 33 عينة من بين 585 عينة تم جمعها من سوق للمأكولات البحرية في مدينة “ووهان” بمقاطعة “هوبي” وسط البلاد جاءت إيجابية بالنسبة للسلالة الجديدة من فيروس “كورونا” التي تسببت في تفشي الالتهاب الرئوي في المدينة وانتشاره في شتى أنحاء الصين.

وذكر المركز أن العينات الإيجابية للفيروس وجدت في 22 كشكا وشاحنة قمامة في السوق، وأن 93.9% من العينات كانت موجودة في الجزء الجنوبي من سوق المأكولات البحرية في “ووهان”، حيث تنشط تجارة الحيوانات البرية غير المشروعة.

وأضاف أن الحالات الأولى المؤكد إصابتها بالفيروس في “ووهان” ترتبط بشكل وثيق بسوق المأكولات البحرية، ويعتقد أن الخفافيش هي حامل الفيروس، وانتقل منها إلى البشر عن طريق وسيط لم يتم التأكد منه بعد.

ويؤكد خبراء المركز أن تعقب مصدر الفيروس والسيطرة عليه وتحديد المضيف للفيروس هي مفاتيح مهمة للسيطرة على انتقال الفيروس المستمر من الحيوانات إلى البشر.

ونفت الصين في الماضي امتلاكها لأية أسلحة بيولوجية هجومية، وقالت وزارة الخارجية -في تقرير لها العام الماضي- إنها تنفي مشاركة الصين في أعمال سرية في الحرب البيولوجية.

وصرح “قاو فو-” مدير المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها لوسائل الاعلام الحكومية الصينية- بأن الإشارات الأولية حتى يوم الخميس الماضي تشير إلى أن الفيروس نشأ من الحيوانات البرية التي تباع في سوق للمأكولات البحرية في “ووهان”.

وقال ريتشارد إبرايت -عالم الأحياء الدقيقة بجامعة” روتجرز”  لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية- “في هذه المرحلة، لا يوجد سبب لإثبات الشكوك” بأن المختبر قد يكون مرتبطًا بتفشي الفيروس.

أمريكا حذرت منذ 2017

ذكر موقع “روسيا اليوم” منذ عدة أيام أنه في عام 2017 حذر خبراء أمريكيون من احتمال تسرب فيروس “كورونا” بشكل كبير من مختبر “ووهان”  الذي يعمل على دراسته، وبحسب ريتشارد إبرايت -أستاذ علم الأحياء الجزئي لدى جامعة “روتجرز” في نيوجيرسي- فإن هناك قلقًا يحيط بالعمل الصيني، ويشير إلى أن فيروس سارس تفشى بعد تسربه بمستويات عالية”.

وفي سياق مماثل، تُشير تقارير يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي الصينية بأصابع الاتهام نحو أمريكا، وأنها قد تكون وراء تسريب الفايروس، للحد من قوة الصين الاقتصادية، ومعاقبتها سياسيًّا بشكل آخر، أشبه بالحرب الباردة لكنها “جرثومية”، لاسيما بعد وعود ترامب المتكررة بمعاقبة الصين اقتصاديًّا.

اتهم زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، فلاديمير جيرينوفسكي، الولايات المتحدة بالوقوف وراء انتشار فيروس “كورونا” من نوع جديد عبر العالم.

وأثناء لقاء مع طلاب وأساتذة في معهد الحضارات العالمية بموسكو، السبت الماضي، قال جيرينوفسكي: إن الفيروس الجديد يتفشى بسرعة هائلة، من قارة إلى أخرى.

وأضاف متسائلًا: “هل هو بالفعل نوع جديد من مرض الإنفلونزا؟ كلا؛ فالحديث يدور عن أزمة مصطنعة تقف وراءها الولايات المتحدة التي تتصرف بدوافع اقتصادية؛ إذ يخشى الأمريكيون من أنهم سيفشلون في مسابقة الصينيين أو اللحاق بهم على الأقل”، وفقًا لـ”روسيا”.

وأشار جيرينوفسكي إلى أنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها أزمات من هذا القبيل، مذكرًا بأن تفشي فيروس “كورونا” الجديد له سابقات مثل إنفلونزا الطيور أو فرض حظر على استيراد لحم البقر البريطاني.

وأضاف: “ستهدأ الأوضاع في غضون شهر.. كانت تلك الحملات مصطنعة، أدت إلى شراء الأدوية المطلوبة بكثرة، وهناك من كسب المليارات من ذلك، وهم يعيشون في سويسرا بالأساس”.

ووفقًا لصحيفة “واشنطن بوست” يرى مسؤول أمريكي أن تلك الشائعات هي “منافذ دعائية صينية لمواجهة الاتهامات المستقبلية”، فقبل أن تواجه الصين اتهامات بهروب الفايروس من معاملها، بادرت باتهام أمريكا بأنها وراء تسريبه لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية متعددة.

شركات الأدوية “المنقذ والمتهم”

لا يمكن الحديث عن “مؤامرات” وحروب جرثومية دون الإشارة إلى دور شركات الأدوية الكبرى، واحتمالية تورطها في مثل تلك القضايا، فمع كل وباء يجتاح العالم تبرز شركات الأدوية العملاقة بالمصل المضاد للفايروس، وتساهم في القضاء عليه في سبيل جني مليارات الدولارات من الأرباح، ما يجعلها المستفيد الأكبر من الأزمة، وفي قانون الجريمة دوما ما يقال “ابحث عن المستفيد”.

وبالفعل أعلن عدد من شركات الأدوية عن خطط للمشاركة في إيجاد مصل للفيروس.

وبرزت شركة “إنوفيو” -إحدى أكبر الشركات الرابحة من عودة كورونا للظهور- حيث ارتفعت أسهم الشركة في البورصة محققة 12% وهو أعلى إغلاق منذ 9 مايو الماضي.

وبحسب موقع ماركت ووتش، قالت الشركة، ومقرها بنسلفانيا بالولايات المتحدة، إنها حصلت على منحة بقيمة 9 ملايين دولار من قبل تحالف ابتكارات التأهب للأوبئة، لتطوير مصل لمواجهة السلالة الجديدة من فيروس كورونا.

تراشق التهم مستمر بين الصين وأمريكا وشركات أدوية وأطرافٍ أخرى خفية، وأيًّا كان المتهم أو دوافعه؛ فإن “كورونا” يكشف اللثام وبقوة عن حرب “بيولوجية” عنيفة تنذر بمستقبل أسوأ للكرة الأرضية التي لم تتعاف بعد من الحروب العسكرية ولا الانهيارات الاقتصادية، ولا الاحتباس الحراري وكوارثه على المناخ، تعددت العوامل التي تقود الأرض نحو الهلاك، ولا يملك ضحاياها سوى الصمت.

ربما يعجبك أيضا