هربا من جحيم إيران.. الأفغان يصارعون الموت عبر الحدود

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية منذ أيام عقوبات جديدة على 4 شركات بتروكيماوية دولية، لمساهمتها في نقل  وتسهيل بيع صادرات شركة النفط الإيرانية الوطنية، وذلك في أحدث موجة من موجات العقوبات الاقتصادية التي أعادت الإدارة الأمريكية تفعيلها عام 2018 مع الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع بين طهران والقوى الدولية في 2015، بهدف ممارسة أقصى ضغط ممكن على نظام الملالي للكف عن سياساته العدائية بالشرق الأوسط والعودة إلى طاولة المفاوضات لتأمين اتفاق يضمن عدم الاستمرار في برنامجه الصاروخي.

سلاح العقوبات يواصل بالفعل الضغط على الاقتصاد الإيراني، ففي نهاية 2019 سجل انكماشا بنحو 8.5%، ووصلت معدلات التضخم إلى 50% عموما وأكثر من 63% بالنسبة للأغذية والوقود، فيما تجاوز معدل البطالة أكثر من 25% بين الشباب.

أمام هذه الأوضاع وإضافة إلى سياسة القمع التي يمارسها نظام الملالي بشكل ممنهج ضد مواطنيه، تؤكد العديد من الإحصائيات المحلية أن أكثر من ربع الشباب يفكرون في خيار الهجرة، وفي مارس الماضي أظهرت دراسة أمريكية أن واحد من كل أربعة إيرانيين من أصحاب الكفاءات العلمية يغادر بالفعل البلاد بمجرد أن تسمح له الفرصة.. إن كان هذا هو الحال بالنسبة للمواطنين فماذا عن اللاجئين والمهاجرين؟.

اللاجئون الأفغان وجه للمعاناة
تقول صحيفة “واشنطن بوست”، في تقرير نشرته اليوم، إن التداعيات الاقتصادية للعقوبات الأمريكية، ساهمت في تفاقم الأوضاع المعيشية المتردية، خصوصا بالنسبة للاجئين، إذ أصبحت المواد الغذائية الأساسية بعيدة المنال بالنسبة للعديد من الأسر الفيرة، فيما تم تسريح شريحة كبيرة منهم من أعمالهم المتواضعة.

على رأس هؤلاء اللاجئين، يأتي الأفغان كنموذج فر من الحرب داخل وطنه الأم إلى أقرب جارة جغرافيا “إيران” بحثا عن الأمان ولقمة العيش، إلا أن هذا لم يكن الواقع حتى مع الجيل الأول من اللاجئين الذين بدأت رحلتهم في طهران منذ 1979، وكانوا يتمتعون ببعض الامتيازات المتعلقة بالرعاية الصحية والاجتماعية، حيث اقتصرت مشاركتهم في سوق العمل على المهن البسيطة وبأجور زهيدة.

وفقًا للمجلس النرويجي للاجئين -وهو واحد خمس وكالات دولية غير حكومية تعمل في إيران- الكثير من أسر الأفغان في إيران وصلت إلى مستويات حد “الجوع”، نظرا لعدة عوامل أهمها صعوبة الحصول على المساعدات الرسمية التي كانت ترسل إليهم من الوطن الأم، نظرا لرفض البنوك الدولية إتمام عمليات تحويل الأموال إلى طهران، بسبب العقوبات.

تقدر وكالات الإغاثة والأمم المتحدة،عدد الأفغان الذين يعيشون داخل إيران بنحو 3 ملايين، معظمهم لا يحملون وثائق، وبالتالي هم عرضة للسقوط بسهولة كضحايا للأزمة الاقتصادية، والاستغلال الممنهج من قبل النظام، بعض التقارير الاستخباراتية أكدت أن طهران تعمد إلى تجنيد الأفغان وإرسالهم إلى مناطق الصراع تحديدا سوريا، مقابل أموال زهيدة ووعود بـ”الجنة” في حالة الموت فداء لمشروعها التوسعي بالمنطقة!

السلطات الإيرانية أيضا عمدت إلى ترحيل عدد كبير من الأفغان، ففي 2019  رحلت أكثر من 100 ألف  منهم، فيما عاد طواعية نحو  85 ألفا إلى وطنهم الأمن.

رحلة محفوفة بالمخاطر
بين خيار مر وآخر أمر، لجأ قطاع من الشباب الأفغان الراغبين في حياة أكثر استقرارا إلى الهجرة غير الشرعية إلى تركيا -باعتبارها الجارة الأقرب والبوابة الممكنة إلى البلدان الأوروبية- بحسب تقديرات الحكومة التركية دخل البلاد العام الماضي أكثر من 184 ألف أفغاني لا يحملون وثائق رسمية، ارتفاعا من 100 ألف عام 2018.

لكن بعض منظمات المجتمع المدني الخاصة بمساعدة اللاجئين تؤكد أن العدد أكبر من ذلك، وأن هناك الكثير من الأفغان تسللوا إلى تركيا دون أن يتم اكتشافهم من قبل السلطات الحكومية، هذا فضلا عن أعداد غير معلومة تسقط خلال الرحلة المروعة للعبور من إيران إلى تركيا، سواء نتيجة للإرهاق من السير بين الجبال والتضاريس الصعبة للبلدين أو تعرضهم لإطلاق نار من قبل حراس الحدود.

يقول سيد مصطفى هاشمي -أفغاني يعيش في مدينة فان القريبة من الحدود التركية الإيرانية، لـ”واشنطن بوست”- اضطرت السلطات إلى توسيع مقبرة المدينة لاستيعاب العدد المتزايد من اللاجئين الأفغان الذين يموتون في حوادث طرق أثناء قيام المهربين بنقلهم عبر الحدود أو يتم العثور على جثثهم بين الطرق الجبلية.

راغب رضائي 50 عاما -أفغاني قدم إلى إيران عندما كان مراهقا- يقول: على الرغم من القيود التي تفرضها إيران على العمالة من الأفغان، تمكنت من فتح ورشة لتصنيع البلاستيك في مدينة قم، لكن مع زيادة العقوبات الأمريكية، بات الوضع أصعب مما كان عليه في الماضي، لم يعد في مقدورنا العيش فقررت الهرب مع أسرتي إلى تركيا في رحلة “محفوفة بالمخاطر”.

ربما يعجبك أيضا