“سري للغاية”.. البيت الأبيض يشهر “الكارت الأحمر” بوجه بولتون

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

تحتم قوانين النشر في الولايات المتحدة الأمريكية على الموظفين الحكوميين ممن عملوا في قضايا تتعلق بالأمن القومي ولديهم رغبة في نشر كتاب عن خبرتهم، أن يقدموا مسودة الكتاب للمراجعة قبل النشر مع جهة العمل السابق لضمان عدم نشر أي أسرار، وهو ما فعله محامي “جون بولتون” مستشار الأمن القومي السابق،  حيث أرسل نسخة الكتاب لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في ديسمبر الماضي لمراجعته والتأكيد على عدم مخالفته قواعد نشر أي أسرار تتعلق بالأمن القومي الأمريكي”.

معلومات سرية لا يمكن نشره” هكذا جاء رد البيت الأبيض على مسودات كتاب “جون بولتون”، وجاء في الرد أيضا:” طبقا  للقانون الاتحادي واتفاقات عدم الإفصاح التي وقع عليها موكلك كشرط للوصول إلى معلومات سرية فإن مسودة (الكتاب) قد لا تنشر أو يكشف عنها النقاب دون محو هذه المعلومات السرية”.

كتاب بغيض

شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوم على “جون بولتون” المستشار السابق للأمن القومي بعد أن كتب في مسودة كتابه الذي لم ينشر بعد قائلًا، إن الرئيس أبلغه بأنه يريد تجميد مساعدات أمنية قيمتها 391 مليون دولار لأوكرانيا إلى أن تفتح كييف التحقيقات في أمر منافسه “جو بايدن” وابنه “هنتر”.

وعلى تويتر هاجم “ترامب” بولتون وقال إن بولتون “لم ينل موافقة “مجلس الشيوخ” ليصبح سفيرًا لدى الأمم المتحدة قبل أعوام ولم ينل موافقة على أي شيء منذ ذلك الحين. وتوسل إلي لكي يحصل على وظيفة لا تتطلب موافقة من المجلس، ولو كنت أنصت إليه لكنا الآن نعيش في الحرب العالمية السادسة”.

وأضاف أن بولتون، الذي غادر منصبه في البيت الأبيض في سبتمبر”خرج وسارع على الفور لتأليف كتاب بغيض وغير حقيقي، كلها معلومات سرية تتعلق بالأمن القومي. من يفعل ذلك؟”.

ورقة ضغط

السؤال الأهم الذي يرتبط بتسريب مقتطفات كتاب بولتون هو مصدر هذه التسريبات؟ وهناك عدة احتمالات، أولها أن يكون فريق بولتون نفسه هو مصدر التسريب بهدف الضغط على الجمهوريين، ربما لاستدعائه للشهادة أمام المحاكمة الجارية في مجلس الشيوخ.

وكان المجلس قد رفض طلب الديمقراطيين استدعاء بولتون للإدلاء بشهادته، وجاء الرفض على أساس حزبي، إذ رفض كل الأعضاء الجمهوريين الـ 53 الطلب في الوقت الذي صوت فيه كل الديمقراطيين الـ 47 لصالح الاستدعاء .

وتقليديا يرى الديمقراطيون “بولتون” داعية للحروب وشخصا شديد التطرف، إلا أنه أصبح يمثل الأمل الأكبر للديمقراطيين في توفير معلومات تضر بموقف ترامب.

الاحتمال الثاني أن يكون مصدر التسريب هو أحد العاملين بالبيت الأبيض ممن لهم حق الاطلاع على مادة الكتاب، بهدف مراجعتها قبل النشر.

بولتون يفضح أردوغان

يذكر “بولتون” في مسوده كتابه أنه في أواخر عام 2018، كان الرئيس التركي ” أردوغان” يتحدث على الهاتف مع الرئيس ترامب، عندما طلب منه طلبا استثنائيا، وهو أن يتدخل مع كبار أعضاء حكومته للحد من أو حتى إيقاف التحقيق الجنائي في “بنك خلق”، وهو أحد أكبر البنوك التركية المملوكة للدولة ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد استأجرت الحكومة التركية شركة ضغط يديرها صديق وجامع تبرعات لترامب لممارسة الضغط على البيت الأبيض ووزارة الخارجية لإيقاف التحقيق، كما كان هناك المزيد من المكالمات الهاتفية التي تضمنت الموضوع بين الزعيمين، وفقا للمشاركين في جهد الضغط ، والمعروف عن “بنك خلق” أنه متهم  بانتهاك عقوبات الولايات المتحدة ضد إيران .

وقال أشخاص مطلعون على الكتاب الذي لم ينشر بعد، إن بولتون كتب أنه ناقش قلقه مع المدعي العام “ويليام بار” وأن “بار” أجاب بالإشارة إلى تدخل ترامب في قضيتين مرتبطتين بتركيا والصين، وهما تحقيق بنك خلق وقرار ترامب في عام 2018 برفع العقوبات على شركة ZTE، وهي شركة اتصالات صينية كبرى.

وتناول الكتاب الذي لم يطرح بعد،  صهر أردوغان، الذي يشغل منصب وزير المالية التركي وعملية الضغط على وزير الخزانة الأمريكي “ستيفن منوشين” في هذا الصدد، كما تقدم مدير المشروع السابق في أبراج ترامب بإسطنبول، وهو مجمع مكون من برجين ومركز تجاري ويعتبر أول مشروع ناطحات سحاب لعائلة ترامب في أوروبا، بطلبات مشابهة تخص هذه القضية.

مصالح مشتركة

يقول السيناتور”تشاك شومر” زعيم الأقلية الديمقراطية: “كان لدى العديد من أعضاء الإدارة مخاوف بشأن تعامل الرئيس مع الزعماء المستبدين، فهل كان لدى الرئيس مصالح مالية على المحك عندما كان يتحدث إلى أردوغان أو شي وغيرهما ، أو ربما كان لأولاده بعض المصالح المالية في الأمر، وهل أثر ذلك على سياسة أمتنا الخارجية مع تلك الدول؟.

ويضيف السيناتور” رون وايدن” كبير الديمقراطيين في لجنة المالية بالكونجرس:” الرئيس ترامب كان يعمل لصالح الرئيس أردوغان وبنك “خلق” التركي المملوك للدولة، يجب أن يشعر كل عضو بالكونجرس بالانزعاج الشديد من أن ترامب يحاول حماية بنك متهم بأكبر خطة لانتهاك العقوبات الإيرانية في تاريخ الولايات المتحدة، لأن صديقه الاستبدادي طلب منه خدمة”.

مواقف عدوانية

أقيل بولتون، الذي ينتمي إلى تيار المحافظين الجدد والمعروف بمواقفه العدوانية، في سبتمبر الماضي من إدارة ترامب على خلفية خلاف مع الرئيس الجمهوري حول عدد من ملفات السياسة الخارجية الحساسة، من أفغانستان إلى كوريا الشمالية.

ومنذ مغادرته للبيت الأبيض، تحدث بولتون علنا عن خلافاته مع ترامب، ومع بدء محاكمة الأخير، أعرب بولتون عن استعداده للإدلاء بإفادته في مجلس الشيوخ، وهو ما يرفضه البيت الأبيض تمامًا.

ربما يعجبك أيضا