“أرشيفنا لا يخصكم”.. هكذا ترد الجزائر على تلاعب أردوغان

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي 

في محاولة غير نزيهة لا تنم إلا عن فشل دبلوماسي وخسائر متكررة في العلاقات التركية مع جيرانها الإقليميين، وكأنها تصارع لإثبات عكس وجهة نظر “داوود أوغلو” حول العمق الاستراتيجي وسياسة “صفر مشاكل”، حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جر الجزائر إلى صراعاته مع دول المتوسط، محاولًا إخراجها من التوافق العربي بشأن الأزمة الليبية، وإدخالها ضمن حربه الكلامية مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.

بيد أن الرئيس الجزائري خرج اليوم ليرد على تصريحات أردوغان حول مزاعمه بشأن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها فرنسا بجارتها الجنوبية، وأعلن عبدالمجيد تبون أن تركيا أخرجت الحديث عن سياقه حول قضية الذاكرة الوطنية، وأن علاقة الجزائر بفرنسا لا تخص إلا الجزائر.

زيارة حملت بذور سقوطها

كانت البداية مع زيارة أردوغان إلى الجزائر الأسبوع الماضي في محاولة لـ”جر” الجزائر إلى الصراع القائم في حديقتها الخلفية بجارتها الليبية، وذلك بعدما فشل من قبل في جذب دعم الرئيس التونسي قيس سعيد لنقل الأسلحة إلى مليشيا طرابلس.

أثارت زيارة السلطان غضبا واسعا في الأوساط الشعبية والإعلامية، لما حملته من “سقطات” منذ لحظاتها الأولى. ومن أكثر المواقف التي أثارت غضب الجزائريين، قيام أمن الرئاسة التركية بتفتيش إحدى القاعة التي خصصت لاجتماع منتدى رجال أعمال البلدين مستخدمين” كلاب حراسة مدربة على كشف المتفجرات”.

بينما حمل آخرون سلطات بلادهم سقطات الزيارة وسماحها بتمرير تصرفات الوفد التركي التي وصفوها بأنها “تعبر عن تعالٍ وتكبر أردوغان وتشكيكه في قدرة الأمن الجزائري”.

الجزائر فوجئت بتصريحات السلطان

قالت وزارة الخارجية الجزائرية: إن الجزائر فوجئت بالتصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمتعلقة بحديث دار بينه وبين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال زيارته الأخيرة للجزائر، الأسبوع الماضي.

وفي بيان نقله التلفزيون الجزائري قالت وزارة الخارجية: إن الجزائر ” فوجئت بتصريح أدلى به رئيس جمهورية تركيا طيب رجب إردوغان نسب فيه إلى رئيس الجمهورية حديث أخرج من سياقه حول قضية تتعلق بتاريخ الجزائر”.

وزعم أردوغان -في حديث أمام البرلمان التركي- أن الرئيس الجزائري قال له: إن “فرنسا قتلت أكثر من خمسة ملايين جزائري خلال استعمارها للجزائر (1830- 1962). أردوغان قال كذلك إنه طلب من الرئيس الجزائري تزويده بوثائق تاريخية تؤكد تورط فرنسا لمواجهتها بحقيقتها التاريخية.

يحاول أردوغان الرد على اتهام فرنسا لتركيا بإبادة الأرمن بمحاولة الاستثمار في تاريخها مع الجزائر، وهو ما ترفضه الأخيرة كما يؤكده بيان الخارجية الجزائرية.

هل تتفق سياسة أنقرة والجزائر تجاه ليبيا؟

يدفع أردوغان للزج بالجيش الجزائري داخل الصراع الليبي محاولة إعادة التوازن لصالح حكومة السراج، بعدما انهزمت مسلحيها أمام تقدم الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر، وعليه دعا الرئيس التركي الجزائر لحضور مؤتمر برلين لحلحلة الملف الليبي، كما غازلها بمجموعة من الإجراءات سرعان ما تراجع عنها من ضمنها تخفيف إصدار التأشيرة التركية للجزائريين.

في المقابل، تختلف وجهة نظر الجزائر تجاه جارتها الشرقية، إذ يرى عبدالمجيد تبون أن الحل الأفضل للملف الليبي هو الجلوس على طاولة المفاوضات، وليس للحرب أي نتيجة فضلى سوى مزيد من التشرذم وهجرة أهلها، وذلك ما تخشاه الجزائر، من تأزم الوضع الليبي أبعد من ذلك، وإطالة أمده بما يضر بأمنها القومي ويفتح الباب أمام تمركز الجماعات الإرهابية.

وكان الرئيس الجديد تبون أكد في خطاب تنصيبه أن “الجزائر أولى وأكبر المعنيين باستقرار ليبيا، أحبّ من أحبّ وكره من كره، ولن تقبل أبداً بإبعادها عن الحلول المقترحة للملف الليبي”، موضحاً “سوف تبذل الجزائر مزيداً من الجهد، في سبيل تحقيق استقرار ليبيا الشقيقة والحفاظ على وحدتها الشعبية والترابية، وهذا من واجباتنا وأولوياتنا”. 

ووجه دعوة إلى جميع الإخوة الليبيين إلى لمّ صفوفهم وتجاوز خلافاتهم ونبذ التدخلات الخارجية التي تباعد بينهم وتحول دون تحقيق غايتهم في بناء ليبيا الموحدة المستقرة المزدهرة، وقال: إن الجزائر تفتح أبوابها واسعة لاستقبال الأشقاء الليبيين للتحاور متى أرادوا، ولن تقصر في توفير كل الوسائل والإمكانات في سبيل تحقيق هذا الهدف، مشدداً على أن الجزائر ستظل تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، كما ترفض بقوة محاولات التدخل في شؤونها الداخلية، مهما كانت تلك المحاولات.

ربما يعجبك أيضا