بآمال تقليص عجز الموازنة.. الهند تبيع أصولها الحكومية

حسام عيد – محلل اقتصادي

يبدو أن هناك اتجاهًا من قبل الحكومة الهندية لبيع بعض الأصول الحكومية لتوليد الإيرادات وأيضا المحاولة لتخفيف مستويات العجز.

وتواجه موازنة الهند للعام المالي (2020 – 2021) ردود أفعال غاضبة بدعوى أنها لم ترق إلى مستوى التوقعات.

ويعاني اقتصاد الهند من تباطؤ ملحوظ في النمو خلال الفترة الماضية، ما آثار توقعات بقيام الحكومة بضخ حزم تحفيزية كبيرة لانتشال الاقتصاد من كبوته.

وتستهدف الحكومة الهندية عجزاً مالياً في العام المالي الذي سيبدأ في 1 أبريل المقبل نحو 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

موازنة 2020-2021

بالنسبة لآخر الأرقام، تتوجه الحكومة الهندية لبيع نحو 30 مليار دولار من الأصول الحكومية لمعالجة العجز.

وتأمل الحكومة خفض العجز إلى أقل من معدلات 3.8% في 2019، وبلوغ المستهدف عند 3.5% خلال العام الجاري.

وأشارت وزيرة المالية “نيرميلا ستيرامان” إلى هدف الحكومة في الوقت الراهن يتمثل في تحقيق مستويات نمو بين 6 – 6.5 % في 2021، وهو الأمر الذي تعتبره من الأمور الواقعية، باعتبار أن هناك توجهات كبيرة لتوليد المزيد من الإيرادات عبر بيع العديد من الأصول الحكومية.

وأيضًا تحصيل الإيرادات سيسهم في رفع معدلات الاستثمار في البنى التحتية، ومن توليد المزيد من الوظائف، وتدفق العملة الصعبة، وبالتالي تحسين عجلة النمو الاقتصاد.

وكانت وزيرة المالية أكدت أن الحكومة لن تحقق المستهدف البالغ  3.3% في العام المالي الحالي (2019/2020) المنتهي في نهاية مارس المقبل، بدلاً من ذلك سوف يصل العجز إلى 3.8%.

في حين ترى وكالة التصنيف “موديز” أن الموازنة الجديدة تسلط الضوء على “التحديات التي تواجه دعم المالية العامة من تباطؤ النمو الحقيقي والاسمي”.

وأضافت أن هدف الحكومة المتمثل في العجز المالي 3.5% سيكون من الصعب تحقيقه.

وكتبت “بريانكا كيشور” رئيسة اقتصاديات الهند وجنوب شرق آسيا في أوكسفورد للاقتصاد في مذكرة: “كانت الموازنة كبيرة بالنسبة للرسائل وأداؤها جيدًا في تحديد رؤية الحكومة للاقتصاد الهندي، لكنها لم تقدم سوى القليل فيما يتعلق بخطة عمل لدعم الطلب المحلي المتدهور”.

وتأمل الهند أن تحقق إيرادات بقيمة 316.03 مليار دولار (22.46 تريليون روبية) في العام المالي المقبل، بزيادة 12% عن العام المنتهي في 31 مارس المقبل، مع زيادة 4% لعائدات الضرائب.

وتقول وزيرة المالية الهندية أن الإيرادات سوف تتحسن بسبب إغلاق الثغرات في نظام ضريبة السلع والخدمات غير المباشر، مع استمرار خطط سحب الاستثمارات للأصول المملوكة للدولة بما في ذلك محاولات الحكومة المستمرة لبيع حصتها في شركة طيران الهند.

وتتوقع الحكومة أن تحصل على عائدات بقيمة 21.3 مليار دولار من خطط الخصخصة، بمعدل نمو نسبته 223% على أساس سنوي.

أما فيما يتعلق بالإنفاق، فتستهدف الحكومة الهندية إنفاق 423.03 مليار دولار (30.42 تريليون روبية).

وتعهدت الهند بمبلغ 2.83 تريليون روبية ( 40 مليار دولار) للزراعة والتنمية الريفية.

كما سوف تنفق الهند عبر موازنة العام المالي المقبل 45.45 مليار دولار على الدفاع ونحو 14 مليار دولار على التعليم.

واقترحت الموازنة فرض ضريبة توزيع الأرباح على المستثمرين بدلاً من الشركات، وأعلنت خفض ضريبة الدخل الشخصي.

الاقتصادي الهندي بالأرقام

لجأت الحكومة الهندية إلى عملية بيع بعض أصولها، بعد تسجيل الاقتصاد لـ 6 أرباع متتالية من التراجع في معدلات النمو، فبعد أن بلغت 8% في مارس 2018، هبطت إلى 7% في يونيو من العام ذاته، لتتسارع بعدها وتيرة الانخفاض لتلامس الـ 5.8% في يناير 2019 إلى أن تراجعت إلى 4.5% في يونيو 2019.

في حين من المتوقع أن يتباطأ نمو اقتصاد الهند إلى 5.7% في العام المالي الجاري ليسجل أقل وتيرة نمو منذ 2013.

وفي أواخر العام الماضي، أعلنت الهند عزمها استثمار حوالي 103 تريليون روبية (1.4 تريليون دولار) في الآلاف من مشاريع البنية التحتية على مدى السنوات الخمس المقبلة في مجال الرعاية الصحية والنقل والخدمات اللوجستية.

ومن جانبه، يرى “سونال فارما” كبير الاقتصاديين في شركة “نومورا”: “بشكل عام، نرى أن الموازنة محايدة إلى حد كبير للنمو على المدى القصير”.

ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى تراجع إنتاج المصانع، وهبوط حجم الصادرات، وكذلك التباطؤ في الاستثمارات الأجنبية.

ويعتبر الاقتصاد الهندي خامس أكبر اقتصاد في العالم، وقد شهد نوعًا من الارتفاعات في معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الفترة بين 2009 – 2014، بحجم ناهز 190 مليار دولار، فيما وصل إلى حدود 284 مليار دولار في الفترة بين 2014 – 2019.

لكن فيما يتعلق بالدين الحكومي حتى مارس من العام 2019 بلغت مستوياته إلى الناتج المحلي 48.7%، وكانت أكبر من ذلك في عام 2018 عند مستويات 68.3%، فعلى الأقل هنا نجحت الحكومة في تقليص مستويات المديونية بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي.
 

ربما يعجبك أيضا