محمد كمال.. أمير الدم وقائد ميليشيات الإخوان المسلحة

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

عقب سقوط حكم الإخوان في مصر إثر ثورة 30 يونيو، تم القبض على الدكتور محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد، في 1 سبتمبر 2013، على يد قوات الأمن بأسيوط، لكن سرعان ما تم الإفراج عنه.

وفي فبراير 2014، أصبح محمد كمال القائد الفعلي لتنظيم الإخوان، بعد القبض على أربعة من أعضاء مكتب الإرشاد، وشغل منصب رئيس “لجنة إدارة الأزمة” أو” اللجنة الإدارية العليا” المسؤولة عن إدارة شؤون الجماعة.

انشقاق وصراع

ولد محمد كمال الدين، في 12 مارس 1955، بمحافظة أسيوط، وبدأ حياته الوظيفية معيدًا بقسم الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب عام 1984، حتى أصبح رئيسًا لقسم الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب جامعة أسيوط، في سبتمبر 2011.

قاد “كمال” أكبر انشقاق تنظيمي في تاريخ جماعة الإخوان، عقب دخوله في صراع مع قيادات “الحرس القديم” بقيادة الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، ما نتج عنه تشكيل جبهة “الكماليون” أو جبهة الشباب، وسعيهم للإطاحة بمختلف القيادات التاريخية والتنظيمية للجماعة وعدم الاعتراف بهم.

عنف ممنهج

قال الباحث في شؤون الإرهاب والجماعات، عمرو فاروق، إن محمد كمال قاد أكبر استراتيجية للعنف الممنهج ضد الدولة المصرية، في الثلاثين سنة الأخيرة، حيث وضع عددًا من الكتب تم الاعتماد عليها في تأصيل العنف المسلح داخل الحركة الإسلامية، بمساعدة قيادات الجماعة، وأصبح امتدادًا حقيقيًّا لسيد قطب، وعبدالرحمن السندي قائد التنظيم الخاص المسلح خلال فترة حسن البنا.

وأضاف عمرو فاروق -في تدوينة له عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أمس الثلاثاء- طرح محمد كمال أخطر كتاب تم الاعتماد عليه كمرجعية أساسية للعمل النوعي المسلح داخل التنظيم، وهو كتاب “أبجديات العمل المقاوم”، وسرد فيه خطوات وطريقة وتشكيل الخلايا النوعية، التي ليست من الضرورة أن تعمل بشكل مباشر مع التنظيم، إلا أنها تدور في فلكه، وتنفذ أوامره بما يشبه “الذئاب المتفردة”؛ وتم تشكيل العديد من الحركات المسلحة التي أعلنت اعتزامها الدخول في مواجهات مسلحة مع الدولة المصرية وتكبيدها الخسائر البشرية والمادية.

وكان من أشهر الحركات التي تم تأسيسها، هي “العقاب الثوري” و”المقاومة الشعبية” و”كتائب حلوان” و”ولع” و”حسم” و”لواء الثورة”.

فقه الجماعة

قاد محمد كمال التنظيم الداخلي وعمل على إعادة هيكلة “المناهج التربوية” داخل الأسر والكتائب الإخوانية، والتي تم اعتمادها من قبل قيادات اللجنة الإدارية العليا، وأشرف عليها بنفسه مع عدد من المرجعيات الشرعية للتنظيم، أمثال مفتي الجماعة الدكتور عبدالرحمن البر، الذي قدم دراسات للتأصيل الشرعي لما يسمى بـ”فقه الاختبار والمحنة”؛ وهو الطرح الذي اتجه إليه إخوان السجون تفاديًا لتحميل الجماعة أخطائها في الحكم.

وأجازت المناهج التربوية التي وضعها محمد كمال، قتال معارضي الجماعة، والخروج على النظام السياسي الحاكم، وتطبيق حد الصائل عليهم، أي المعتدين.

مناهج العنف

شملت مناهج محمد كمال عدة كتب أهمها، كتاب “دليل السائر ومرشد الحائر”، وكتاب “كشف الشبهات.. عما وقع فيه الناس فيه من اختلافات”، وكتاب “فقه المقاومة الشعبية”، حرضت جميعها على قتال رموز الدولة المصرية.

وتضمن كتاب “دليل السائر ومرشد الحائر”، فتوى إخوانية صريحة في الصفحة رقم (83)، يقول الكتاب: إن المنقلبين على حكم محمد مرسي ليسوا ولاة أمر شرعيين بل هم بغاة خوارج على الإمام الشرعي يجب دفع ضررهم عن البلاد والعباد؛ لأن في بقائهم مفسدة عظيمة نلمسها في محاربتهم للشريعة.

هذه الكتب لا يتم بيعها في المكتبات العامة لكن توزع بشكل شخصي جدًا، وتسلم باليد لعناصر التنظيم، وتحمل أرقام إيداع وهمية، وحمل كتاب “كشف الشبهات.. عما وقع فيه الناس فيه من اختلافات”، اسم مؤلف وهمي، هو أبوعبدالله مسلم أبومحمد الأزهري، ومكتوب على غلافه الداخلي رقم إيداع بدار الكتب، وهو 12584 لسنة 2014، وأن الناشر هو “دار الأزاهرة الجديدة للتراث”، وكلها مجرد بيانات وهمية.

كما تضمنت مناهج محمد كمال، فتوى تحرض على استهداف أقباط مصر، في الصفحة رقم (107)، من كتاب “دليل السائر ومرشد الحائر”.

فتاوى

كما احتوت مناهج كمال، على فتوى تحرم الالتحاق بالقوات المسلحة وأداء الخدمة العسكرية الوطنية، حيث يشير الكتاب في الصفحة رقم (140) إلى تحريم الالتحاق بالجيش المصري ووجوب قتل قياداته، ووجوب الامتناع عن سداد فواتير الكهرباء والمياه والغاز، وكذلك وجوب تخريب مؤسسات الدولة لكل قادر على ذلك من الإخوان، فضلًا عن حتمية تدمير اقتصاد مصر.

وخلال التحقيقات التي تمت مع قيادات التنظيم، محمود غزلان، وعبدالرحمن البر، عقب إلقاء القبض عليهما، قال الأول في تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا: “محمد كمال هو عبدالرحمن السندي الجديد، حيث تولى مهام تشكيل وإدارة الجناح المسلح داخل الإخوان، وأنه رفض مختلف الضغوط التي تمت عليه للتراجع عن تشكيل اللجان النوعية المسلحة لكنه رفض تنفيذها بشكل قاطع”.

استقالة وخلافات

استقال كمال من عضوية مكتب الإرشاد لتنظيم الإخوان، ومن جميع المناصب الإدارية التي تولاها، في مايو 2016، عقب اشتعال الخلافات بينه وبين جبهة الدكتور محمود عزت.

وفي 3 أكتوبر 2016، رصدت الداخلية المصرية، بعض قيادات “الجناح المسلح لتنظيم الإخوان”، في شقة بالعقار رقم 4147 بالدور الثالث بمنطقة المعراج في منطقة البساتين، وخلال عملية المداهمة فوجئت قوات الأمن بإطلاق أعيرة نارية تجاهها ما دفعها للتعامل مع هذه العناصر، وأسفرت المواجهة عن تصفية محمد كمال، المسؤول الأول عن الكيانات المسلحة.

كما ذكر بيان الداخلية المصرية -آنذاك- أن محمد كمال قام بإدارة وتخطيط وتدبير عمليات عدائية وكان على رأسها اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، والعقيد وائل طاحون، ومجموعة من ضباط وأفراد هيئة الشرطة والقوات المسلحة، ومحاولة اغتيال مفتي الديار المصرية السابق الدكتور علي جمعة بمدينة 6 أكتوبر.

وحكم عليه بالسجن المؤبد في القضيتين رقمي 52/2015 جنايات عسكرية شمال القاهرة، بتشكيل مجموعات مسلحة للقيام بعمليات عدائية ضد مؤسسات الدولة، والقضية رقم 104/81/2016 جنايات عسكرية أسيوط، بتفجير عبوة خلف قسم ثاني أسيوط، وأنه مطلوب في العديد من قضايا التنظيم المتعلقة بالأعمال العدائية ومن أبرزها اغتيال النائب العام المصري، المستشار هشام بركات، وقتل العقيد وائل طاحون.

ربما يعجبك أيضا