صندوق النقد.. ملاذ لبنان لمواجهة الأزمة المالية

حسام عيد – محلل اقتصادي

استحقاقات مالية كثيرة أمام لبنان وسيناريوهات عديدة، فهناك سندات بقيمة 1.2 مليار دولار تستحق في مارس 2020، فيما سارعت الحكومة عبر بيان وزاري بالإعلان عن خطة إنقاذ مالية.

اليوم، أفصح مصدر حكومي عن توجه لبنان إلى صندوق الدولي للحصول على مساعدة تمكنه من مواجهة أزماته المالية العاصفة، سواء عبر حزم قروض، أو الحصول على مساعدة فنية لوضع خطة لتفادي انهيار مالي، بما في ذلك كيفية إعادة هيكلة دينه العام.

وسرعان ما أعلن صندوق النقد الدولي تلقيه طلبًا رسميًا من لبنان لتقديم مشورة وخبرة تقنية، مؤكدًا في الوقت ذاته، جاهزيته للمساعدة ولبنان هو الذي سيتخذ أي قرارات بشأن ديونه.

وكانت الأزمة المالية والاقتصادية غير المسبوقة تصدرت المشهد في لبنان خلال العام الماضي، ولا تزال، مع تباطؤ تدفقات رأس المال وهدر وفساد في الدولة.

وتواجه الحكومة اللبنانية الجديدة التي تولت السلطة شهر يناير الماضي هبوطًا في العملة المحلية وارتفاع التضخم، ويجب عليها أيضا أن تتخذ قرارًا حيال استحقاقات الديون السيادية التي تحل قريبًا، فكيف سيفي لبنان باعتماداته والتزاماته.

معالجة الأزمات عبر بيان وزاري

عبر بيان وزاري، نالت على أساسه الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب، الثقة في مجلس النواب بتأييد 63 نائبًا، حيث تضمن التأكيد على ضرورة الحفاظ على الموجودات من العملات الأجنبية، وذلك مع دراسة احتمالات تعامل مع السندات الدولية المستحقة السداد خلال هذا العام.

فيما تعهدت الحكومة أيضًا بإقرار استراتيجية مكافحة الفساد، وتحديدًا الثراء غير المشروع، هذا بالإضافة إلى رفع السرية المصرفية، والتحقيق بالأموال التي تم تحويلها إلى خارج لبنان قبل وبعد السابع عشر من أكتوبر الماضي.

ودعت الحكومة الجهات والدول المانحة للكشف واسترجاع الأموال المنهوبة، ملتزمة في الوقت ذاته بتنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر”.

كما وعدت حكومة حسان دياب بخطة لتقليص العجز في الناتج المحلي من خلال تحسين الجباية، ومكافحة التهريب عبر المعابر، وأيضًا التهرب الضريبي.

أما في النفقات العامة، ستعمل حكومة دياب على إعادة هيكلة القطاع العام، ومكافحة الهدر، وأيضًا البدء بإجراءات إلغاء أو دمج عدد من الوزارات والإدارات العامة.

وستضع الحكومة أيضًا خطة لخفض الدين العام من خلال التعاون مع مصرف لبنان لتحقيق خفض ملموس في معدلات الفائدة، كما تعهدت باتخاذ إجراءات لوضع آليات لحماية صغار المودعين، وضخ السيولة، بالإضافة إلى فوائد القروض؛ ومنها قروض المؤسسة العامة للإسكان.

طلب مساعدة صندوق النقد

من جانبه، أعلن مصدر حكومي، يوم الأربعاء الموافق 12 فبراير 2020، إن لبنان تقدم بطلب رسمي من صندوق النقد الدولي مساعدة فنية لوضع خطة لتفادي انهيار مالي، بما في ذلك كيفية إعادة هيكلة دينه العام.

ويئن لبنان تحت وطأة واحد من أكبر أعباء الدين في العالم بما نسبته 150 % إلى الناتج المحلي الإجمالي، ويجب عليه أن يتخذ قرارا سريعا إزاء سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار يحين موعد استحقاقها في مارس/ آذار.

ومن المتوقع أخذ قرار بشأن السندات، يوم الخميس الموافق 13 فبراير، في اجتماع في قصر الرئاسة بحضور رئيس البلاد وحاكم مصرف لبنان ووزير المال.

وكان رئيس الوزراء حسان دياب، وصف مهمة حكومته في حديث قبيل التصويت على الثقة، بـ”بالانتحارية”.

وأضاف دياب أن حكومته تعطي أولوية للحفاظ على الاحتياطيات من العملات الأجنبية من أجل الواردات الضرورية مثل المواد الغذائية والطبية والوقود. وقال إن الحكومة تدرس كل الخيارات للتعامل مع السندات الدولية المستحقة السداد هذا العام.

بينما نقلت تصريحات عن نبيه بري رئيس مجلس النواب (البرلمان)، تشير إلى معارضة لبنان لبرنامج كامل لصندوق النقد الدولي حتى مع سعيه للحصول على مساعدة فنية من الصندوق، فلبنان لا يستطيع أن “يسلم أمره” لصندوق النقد نظرًا “لعجزه عن تحمل شروطه”.

استحقاقات مارس الاختبار الأول

بدورها، رأت جمعية مصارف لبنان ضرورة سداد سندات الدين الدولية “اليورو بوندز” بقيمة 1.2 مليار دولار تُستحق في مارس في موعدها “حماية لمصالح المودعين وللمحافظة على بقاء لبنان ضمن إطار الأسواق المالية العالمية وصونًا لعلاقاته مع المصارف المراسلة”.

وأضافت الجمعية أن الفترة المتبقية قبل موعد استحقاق السندات الدولية في التاسع من مارس/آذار قصيرة جدا “لا تتيح التحضير والتعامل بكفاءة مع هذه القضية” داعية إلى حل مشكلة الدين العام فور سداد السندات.

لكن منتقدين يقولون إن سداد السندات قد يقلص احتياطيات النقد الأجنبي المستنزفة بالفعل.

واستحقاق مارس هو الأول من ثلاثة إصدارات تستحق هذا العام بقيمة إجمالية تبلغ 2.5 مليار دولار؛ يضاف إليها نحو ملياري دولار فوائد مستحقة على كامل المحفظة البالغ قيمتها نحو 30 مليار دولار، فهناك استحقاق في أبريل بقيمة 700 مليون دولار، وآخر بقيمة 600 مليون دولار في يونيو المقبل.

هندسة مالية مقترحة لسندات يورو بوندز

وقد تُقدم حكومة دياب على عدة سيناريوهات للوفاء بالتزامات سندات اليورو بوندز، أولها هو هندسة مالية مقترحة؛ وتعني استبدال السندات التي تحملها المصارف بسندات من صرف لبنان وضخ السيولة بالليرة اللبنانية.

أو الذهاب لخيار إعادة الهيكلة وذلك سيتطلب موافقة الدائنين الأجانب، وهم تقريبًا 65% من حملة السندات، وستكون تحت إشراف صندوق النقد الدولي.

وربما يكون الدفع من الاحتياطيات الأجنبية لدى مصرف لبنان، خيارًا ثالثُا. أو الذهاب إلى التعثر والتخلف عن السداد.

ربما يعجبك أيضا