كورونا .. يضع الاقتصاد الإيراني في الحجر الصحي

يوسف بنده

رؤية

يوم الأربعاء الماضي، أعلنت صحيفة “إيران” المقربة من الحكومة، وفاة امرأة، 63 عاماً، في إحدى مستشفيات طهران، يشتبه بسبب إصابتها بفيروس “كورونا” المستجد.

هذا الخبر يأتي بعد حالة من الاستنفار أعلنتها السلطات في إيران، خاصة أن هناك رحلات وعلاقات تجارية واسعة بين إيران والصين. وأعلنت طهران، توقيف جميع الرحلات الجوية من وإلى الصين مؤقتا؛ لمنع وصول فيروس “كورونا الجديد” إلى البلاد.

تأتي حالة الطوارئ هذه، بينما الاقتصاد الإيراني يعاني من العقوبات الأمريكية، وتمثل الصين المتنفس بالنسبة لإيران حيث العلاقات التجارية ومحاولات تخطي العقوبات عن طريق المصارف الصينية، وجذب السياحة الصينية إلى إيران.

تشبه أزمة فيروس كورونا، أزمة انتشار وباء سارس الذي اجتاح الصين عام 2002. وظل مختفيًا لفترة طويلة، استمرت حتى الأشهر الأخيرة من عام 2003. وألحق خسائر بالاقتصاد العالمي قدرت بنحو 40 مليار دولار.

اقتصاد في الحجر الصحي

يقول الاقتصادي الإيراني، جمشيد أسدي: إن الضربة الأكبر لأزمة فيروس كورونا الجديدة على اقتصاد النظام الإيراني هي انخفاض الطلب على النفط وتراجع أسعاره. حيث انخفضت أسعار النفط إلى 70 دولارًا للبرميل، بعد ارتفاع حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، واليوم بعد تراجع الطلب استمر هبوط الأسعار لتصل إلى 60 دولارًا للبرميل. وذلك؛ لأن النشاط الاقتصادي انخفض بشكل عام.

وتعاني الصين، الشريك التجاري الأكبر لإيران، من هبوط في مؤشر النمو الاقتصادي. في عام 2018، بلغت التجارة بين البلدين نحو 35 مليار دولار، مسجلة تراجعًا بمقدار 30 في المائة، مقارنة بعام 2017. وبعد العقوبات الأمريكية، انخفض هذا الرقم مرة أخرى إلى 23 مليار دولار في عام 2019. حيث خفضت الصين تحت ضغط من الولايات المتحدة واردات النفط من إيران، فيما استمرت في استيراد البتروكيماويات ومنتجات المناجم والمعادن. لكن مع أولى العقوبات الأمريكية الجديدة التي استهدفت هذه المنتجات، سجل النشاط الاقتصادي تراجعًا مرة أخرى.
 
وأخيرًا بعد أزمة فيروس كورونا، تراجع تدريجيًا طلب الصين على واردات النحاس والفولاذ والزنك وخام الحديد والميثانول والبتروكيماويات.

ونتيجة لذلك تراجعت عائدات العملات الأجنبية لإيران، والتي كانت تسجل بشكل رئيسي من ريع النفط والمعادن، وبالتالي ازدادت الضغوط على اقتصاد النظام الإيراني.

بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج وانخفاض الطلب على النفط والمنتجات المعدنية، لم تسلم الأنشطة الخدمية من أزمة كورونا؛ وقد لحق بالبنوك الكثير من الأضرار، ففي ظل الظروف المتأزمة لا يفكر الناس عادة بالاقتراض والاستثمار، ناهيك عن اقتراض من اتحاد مالي دولي كبير بهدف الاستثمار في بلد يعاني من أكبر حصار اقتصادي في القرن الحادي والعشرين.

كذلك الأمر في قطاعات خدمية رئيسية أخرى، مثل السياحة، وبعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ، خفضت الكثير من الدول الأوروبية والولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية عدد الرحلات الجوية من وإلى الصين وفرضت قيودًا على السفر.

تراجع السياحة

ويستطرد الخبير الاقتصادي جمشيد أسدى في تقريره، أن رحلات العملاء الصينيين خفض عائدات السياحة للنظام الإيراني، ولكن الحصة الأكبر كانت انخفاض عدد السياح الوافدين إلى إيران بعد تطبيق التدابير الأمنية والرقابة على السياح الصينيين الذين يدخلون البلاد لمنع وصول فيروس كورونا.

وقد أظهرت إيران مؤخرًا حفاوة وترحيبًا كبيرين بخصوص تسهيلات سفر السائحين الصينيين إلى البلاد وسط تراجع غير قابل للتعويض في ريع البلاد من النقد الأجنبي بعد العقوبات.

وكان النظام الإيراني قد ألغى تأشيرة دخول الصينيين إلى إيران لمدة 21 يومًا في السنة الماضية 2019 التي سجلت دخول 52.800 سائح صيني إلى إيران. وكان هدف وزارة الثقافة والسياحة والحرف اليدوية هو زيادة عدد السياح الصينيين في إيران إلى 1.5 مليون سائح في السنة، لكن للأسباب الموضحة أعلاه، لم تتمكن إيران من تحقيق هذا الهدف ولم تحقق زيادة في دخلها من العملات الأجنبية في مدة قصيرة.

فقد أصبحت إيران بعد العقوبات الأمريكية مرهونة أكثر من السابق بالصين، والآن سيعاني اقتصاد نظام ولاية الفقية أكثر من السابق بعد أزمة الفيروس الجديد كورونا وتراجع النمو الاقتصادي الصيني.

ربما يعجبك أيضا