“النقشبندي”.. قيثارة السماء التي تؤنس القلوب

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

“صوت رباني عذب يأسر القلوب.. لقب بكروان الإنشاد وأستاذ المداحين.. ارتبط صوته بأثير الإذاعة المصرية، ورغم ذلك إلا أن فضائيات العصر لا تزال تجد في صوته ملاذا لروحانيات شهر رمضان المبارك.. إنه المنشد والمبتهل الديني سيد النقشبندي”.

النقشبندي والذي احتل مكانة فريدة في مصر والعالم الإسلامي، رحل عن عالمنا في 14 فبراير عام 1976 إثر أزمة قلبية عن عمر ناهز 56 عاما، تاركا لنا صوتا ملائكيا تطرب له الآذان.

المولد والنشأة

ولد سيد محمد النقشبندي بقرية دميرة بمحافظة الدقهلية، وعندما بلغ 10 سنوات انتقل مع أسرته إلى مدينة طهطا في محافظة سوهاج بصعيد مصر، وهناك حفظ القرآن الكريم، وتعلم أصول وقواعد الإنشاد الديني بين مريدي الطريقة النقشبندية ووالده الذي كان أبرز شيوخ الطريقة الصوفية في ذلك الوقت.

وبمرور الأيام والسنوات لمع اسم الطفل الصغير وذاعت شهرته، وبات الناس يحرصون على الذهاب إلى موالد أبوالحجاج الأقصري وعبدالرحيم القناوي وجلال الدين السيوطي من أجل الاستمتاع بصوته العذب.

لقبه الناس بـ”كروان الإنشاد الديني” وبفضل موهبته الفريدة سافر النقشبندي لإحياء العديد من المناسبات الدينية في عدد كبير من الدول العربية قبل أن يكمل الـ20 عاما.

دخول الإذاعــة

لم يخطط النقشبندي لدخول الإذاعة، إلا أن القدر منحه فرصة كبيرة عام 1966 عندما التقى في مسجد الحسين بالإذاعي الكبير أحمد فراج الذي قام بالتسجيل معه ببرنامجه الشهير في ذلك الوقت “في رحاب الله” وشكل هذا اللقاء نقلة مهمة في مشواره، إذ دخل الإذاعة من أوسع أبوابها وراح يسجل الأدعية والابتهالات.

وقدّم “أستاذ المداحين”، العديد من الابتهالات الدينية الناجحة من ألحان موسيقيين كبار مثل محمود الشريف وسيد مكاوي وأحمد صدقي وحلمي أمين، كما تعاون النقشبندي صاحب الصوت العذب مع الملحن الراحل بليغ حمدي بأمر من الرئيس السابق محمد أنور السادات.

وأسهمت الإذاعة المصرية في الستينيات في توسيع القاعدة الشعبية للشيخ النقشبندي، بمشاركته في تسجيلات عدد من أبرز برامج الإذاعة الدينية آنذاك، منها برنامج “رحاب الله”، علاوة على تسجيله بصوته لعدد من الأدعية الدينية التي كانت تذاع يوميا عقب أذان المغرب، ومع صعود التليفزيون اشترك في حلقات برنامج “نور الأسماء الحسنى”، و”الباحث عن الحقيقة” وكان عن قصة الصحابي الجليل سلمان الفارسي.


أشهر ابتهالاته

قدم عبر مشواره 38 ابتهالا أشهرها “مَولاي إنّي ببابكَ قَد بَسطتُ يَدي” والتي أذيعت أول مرة في شهر رمضان الكريم، ولها واقعة شهيرة، حيث جمع الرئيس المصري الراحل أنور السادات بينه وبين الملحن المصري الشهير بليغ حمدي، لإنتاج توشيحات مُلحنة، ورغم تحفظ النقشبندي في البداية مُتخوفا من هذه التجربة، إلا أنه وبليغ حمدي نجحا في ترك عدد من أعظم الابتهالات الدينية في تاريخ الإنشاد.

وحرص السادات على تكريم النقشبندي بعد وفاته بمنح اسمه وسام الدولة من الدرجة الأولى عام 1979، وكرمه أيضا الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بوسام الجمهورية عام 1989 في احتفالية ليلة القدر.

جدير بالذكر أن النقشبندي وبليغ حمدي لم يتقاضيا وقتها أجرًا عن “مولاي”، التي صارت وتظل علامة من علامات الإذاعة المصرية في رمضان.

مولاي إني ببابكَ قد بسطتُ يَدِي ** من لي أَلُوذُ به إلّاكَ يا سندي؟
أقوم بالليل والأسحارُ ساجيةٌ ** أدعو وهمسُ دعائي بالدموع نَدِي
بنور وجهك إني عَائِـــذٌ وَجِلُ ** ومن يَعُذْ بك لن يشقى إلى الأبدِ
مهما لقيتُ من الدنيا وعَارِضِهَا ** فأنتَ لي شُغْلٌ عَمَّا يرى جسدي


ربما يعجبك أيضا