تركيا تواصل التصعيد.. لا بوادر لحل الأزمة في إدلب

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

تشهد محافظة إدلب الواقعة شمال غرب سوريا تطورات متسارعة، سواء على الصعيد الميداني أو الدبلوماسي، في أعقاب زيادة حدة التوتر بين أنقرة ودمشق، والمواجهات غير مسبوقة التي جرت هذا الشهر بين الجنود الأتراك والقوات السورية.

تعزيزات عســكريــة تركيــــة

ويواصل الجيش التركي منذ أيام إرسال تعزيزات إلى إدلب من دون توقف، حيث قالت وسائل إعلام روسية، أمس السبت، إن تركيا سلمت أسلحة ومعدات عسكرية إلى جبهة النصرة، المصنفة إرهابيا، في محافظة إدلب.

وتدعم أنقرة فصائل مسلحة في محافظة إدلب، التي تشكل آخر معقل للمعارضة في سوريا، فيما تساند روسيا الجيش السوري في عملية استعادة المحافظة.

والجمعة الماضية، تمكن الجيش السوري من تحقيق تقدم بعد السيطرة على قاعدة عسكرية، فقدها قبل سبع سنوات خلال الحرب الأهلية المندلعة منذ عام 2011، وذلك في خضم العملية التي يشنها منذ ديسمبر لاستعادة السيطرة على إدلب ومناطق مجاورة لها.

وسيطرت القوات الحكومية مؤخرا على عشرات القرى والبلدات، أبرزها مدينتا معرة النعمان ثم سراقب في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.

وتكثف قوات الرئيس السوري بشار الأسد هجومها على إدلب، بدعم من الجيش الروسي الذي بدأ تدخلا عسكريا حاسما في البلاد سنة 2015.

تصاعد التوتر التركي الروسي

ومؤخرا هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستهداف قوات النظام في إدلب إذا لم تنسحب من مواقعها قبل نهاية الشهر، مؤكداً أنه لا حل للأزمة من دون هذا الانسحاب.

وخلال الأيام الأخيرة أسفرت مواجهات دامية بين القوات التركية والسورية عن مقتل 14 عسكريا تركيا، وتسببت في تبادل الاتهامات بين موسكو وأنقرة. وأعلنت موسكو أن وزارة الدفاع التركية تزود قيادتها بمعلومات غير دقيقة عن الوضع في منطقة إدلب لوقف التصعيد.

من جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في ميونيخ، حيث التقى نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو: “لدينا علاقات جيدة جدا، لكن ذلك لا يعني أننا نتفق على كل شيء”. وفي المقابل أبلغ أوغلو نظيره الروسي بضرورة توقف هجمات القوات السورية في محافظة إدلب.

بدوره قال وزير الدفاع التركي إن أنقرة ستستخدم القوة ضد كل من يخرق وقف إطلاق النار في إدلب، مشيرا إلى إرسال تعزيزات عسكرية للمنطقة لضمان وقف إطلاق النار والسيطرة على المنطقة.

واتهم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية، أنقرة بنشر معلومات تزعم تكبد الجيش السوري الخسائر بضربات تشنها القوات التركية.

وحاول الطرفان التوصل إلى تهدئة في المحافظة المشتعلة منذ ديسمبر الماضي، لكنهما أخفقا في ذلك، ليتحول الوضع إلى اختبار قوة بين موسكو وأنقرة.

لا بوادر لحل الأزمـة في إدلب

ويرى خبراء ومتابعون للملف السوري أن الأزمة في إدلب لا يبدو أنها ستحل قريبا، في ظل تمسك تركيا بدعم فصائل مسلحة، تعتبرها كل من سوريا وروسيا تنظيمات إرهابية.

وعلى العكس تماما من وجود بوادر للحل، تهدد أنقرة بشن هجوم على الجيش السوري في نهاية فبراير، ما لم تنسحب قواته خلف مواقع المراقبة التركية في إدلب.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، طلبت 4 دول أوروبية أعضاء في مجلس الأمن وقفا فوريا لهجوم الجيش السوري في محيط مدينة إدلب، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، وذلك إثر اجتماع غير رسمي عاجل لمجلس الأمن بطلب من هذه الدول الأربع.

وتؤوي محافظة إدلب وأجزاء متاخمة لها في محافظات مجاورة ما يقارب 3 ملايين نسمة نصفهم من النازحين.

والجمعة الماضية طلبت 4 دول أوروبية في مجلس الأمن، وقفا فوريا لهجوم الجيش السوري في محيط إدلب، وذلك إثر اجتماع غير رسمي عاجل لمجلس الأمن.

ووقعت إستونيا وبلجيكا وألمانيا، الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن، وفرنسا العضو الدائم، على إعلان مشترك، انضمت إليه أيضا بولندا، العضو غير الدائم السابق في المجلس.

وقالت هذه الدول في الإعلان: “نطالب أن توقف الأطراف، خاصة الحكومة السورية وحلفائها، فورا هجومهم العسكري، وأن يبرموا اتفاقا حقيقيا ودائما لوقف إطلاق النار، وأن يضمنوا حماية المدنيين وينخرطوا تماما في (الالتزام) بالقانون الدولي الإنساني”.

مأســــــاة النـــازحيــن تتفاقـــم

ومع تصاعد العمليات العسكرية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، تتفاقم مأساة إنسانية موازية، تزداد حدة يوما بعد يوم، حيث يواصل آلاف المدنيين الفرار بحثا عن مناطق آمنة.

ومؤخرا أعلنت الأمم المتحدة ارتفاع عدد النازحين جراء المعارك، شمالي غرب سوريا، لأكثر من 800 ألف شخص، منذ ديسمبر الماضي أغلبهم من الأطفال والنساء.

ويقول نازحون: إن جبهة النصرة والفصائل الموالية لتركيا أجبرتهم على دفع الإتاوات للوصول إلى ريف منبج.

تقول المديرة التنفيذية لليونيسيف: إن 1.2 مليون طفل، في حاجة ماسة للغذاء والماء والدواء، مشيرة إلى أن النازحين يلجؤون إلى المرافق العامة، والمدارس والمساجد والمباني غير المكتملة، والمحلات التجارية.

ربما يعجبك أيضا