مصر مطمئنة.. تفاصيل “الفصل الأخير” في مفاوضات سد النهضة

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر

القاهرة – شهدت الجولة الأخيرة من مفاوضات سد النهضة في العاصمة الأمريكية واشنطن، “تباينا” في المواقف بخصوص تقدم المفاوضات، ففي الوقت الذي رأت فيه القاهرة أن المفاوضات وصلت إلى خط النهاية، أكدت أديس أبابا أن “المفاوضات ما زالت جارية، وأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد”.

التفاصيل السابقة، أدت لمزيد من الغموض حول الوضع في المفاوضات المستمرة منذ أكثر من 5 سنوات حتى الآن، رغم بيان وزارة الخزانة الأمريكية بأنها ستعمل على إعداد الاتفاقية النهائية، لينظر فيها الوزراء ورؤساء الدول الثلاث “مصر وإثيوبيا والسودان” لإبرامها بحلول نهاية الشهر الجارى.

“اتفاق عادل”

وزير الخارجية المصري، سامح شكري، توقع التوصل إلى اتفاق نهائي عادل يراعي مصالح مصر والسودان وإثيوبيا، ويحمي حقوقها المائية، بعد الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي جرت خلال يومي 12 و13 فبراير الجاري، مشيرا إلى أن المفاوضات انتهت وخلال الأسبوع القادم، حسبما أفاد به الجانب الأمريكي، سيطرح على الدول الثلاث نص نهائي، ليعرض على الحكومات ورؤساء الدول لاستخلاص مدى استعدادها لتوقيعه.

وأضاف الوزير، في تصريحات لوكالة الأنباء المصرية: “لدينا كل الثقة في أن علاقات الولايات المتحدة بالدول الثلاث والروابط الاستراتيجية القائمة بينها وبين مصر ستجعل المخرج من الجانب الأمريكي متوازنا وعادلا وموضوعيا، مشيرا إلى أنه عندما يطرح الجانب الأمريكي والبنك الدولى الصيغة الكاملة للاتفاق بشقيه الفني والسياسي كمخرج نهائي سيتلقى استعداد الأطراف للتوقيع عليه مع إمكانية أن يكون هناك بعض الأمور الشكلية البسيطة التي تحتاج إلى تدقيق وضبط.

وأردف: “نحن على استعداد في هذه الحالة لاستضافة جولة أخيرة لمراجعة شاملة للنص وليس للدخول في المفاوضات بل لضبط بعض القضايا الهامشية التي تحتاج إلى تناول مجمع بين الدول الثلاث”.

وأكد أننا وصلنا لنقطة نهائية يجب ألا تضيع من أيدينا لأنها تفتح مجالات ضخمة لتحقيق مصالح الشعوب الثلاثة والتعاون فيما بينها وفتح مجالات الاندماج السياسى والاقتصادى بينها وتضع معايير جديدة في التوصل إلى حلول سلمية تراعي مصالح هذه الدول بصورة متساوية وترسي قواعد قانونية محددة”.

“نقاط خلافية”

الوزير المصري، ذكر أن “الجولة السابقة ركزت على الجوانب الفنية المرتبطة بالاتفاق فيما يتعلق بملء وتشغيل سد النهضة والقواعد التي تحكم مجابهة الجفاف والسنين الشحيحة في الماء، وكان هناك اتفاق على أنه تم الانتهاء من هذا الجزء وأصبح مغلقا أمام المفاوضات”.

وأشار إلى أن الجولة انصبت على النواحي القانونية المرتبطة بالاتفاق بما في ذلك التعريفات وآلية فض المنازعات وهيئة التبادل المعلوماتى والتنسيق فيما بين الدول الثلاث اتصالا بتنفيذ الاتفاق وقواعد الملء والتشغيل والقضايا القانونية الأخرى كالتصديق على الاتفاق ودخوله حيز النفاذ وكيفية إجراء التعديل عليه، لافتا إلى أن هناك مجموعة من القضايا لم يتم الوصول إلى اتفاق بين الدول حولها، ولكن المداولات كانت كثيفة.

وأوضح أن هناك أمورا جوهرية تحتاج إلى تلقي موافقة واضحة من الدول الثلاث على الاستعداد للتوقيع وبالتالى تحديد الموعد والمكان وطبيعة مراسم التوقيع بشكل تتوافق عليه الدول الثلاث، ملمحا إلى وجود نقاط لها أهميتها لم يتفق حولها الأطراف ولكنهم طرحوا رؤيتهم إزائها واستمع لها الجانب الأمريكي والبنك الدولى ولديهما رؤية في كيفية صياغة هذه العناصر بشكل يؤدي لتحقيق التوازن في المصالح والواجبات بالنسبة للدول الثلاث ويجد الشريك الأمريكي أن هذه الصيغة التي سيقدمها هى الصيغة العادلة التي يجب اعتمادها آخذا في الاعتبار مصالح الدول الأطراف.

“التوقيع النهائي”

ونوه شكري أن الجانب الأمريكي كان متلقيا للآراء من قبل الدول الأطراف وقرر في نهاية الجولة أن بمقدوره أن يطرح على الدول الثلاث صيغة متكاملة تتضمن كافة العناصر وتصل لنقطة من المرونة وتراعى مصالح ورؤى الدول الثلاث بشكل متساو، مستطردا: “موقف الراعى الأمريكي هنا أنه لن يعتد برؤية أي من الدول الثلاث بمفردها، ولكن سيصل إلى صيغة توفيقية تراعي الرؤية التي طرحت والمصلحة بقدر متساو من التنازل والمكاسب، على أن تطرح هذه الرؤية الأمريكية والصيغة النهائية للاتفاق على الدول الثلاث لإبداء مدى موافقتها عليها”.

وأشار شكرى إلى أن الجانب الأمريكي ترك مجالا لبعض التدقيق البسيط في أمور غير جوهرية قد تؤدي إلى عقد جولة أخرى وفقا للجدول الزمني المحدد للانتهاء من الاتفاقيات لضبط الصيغة النهائية في أمور جزئية، وأنه من المتوقع أن الصيغة التي ستطرحها الولايات المتحدة ورؤيتها لكيفية التعامل مع القضايا التي لم يصل فيها الأطراف لتوافق ستكون صيغة موضوعية وعادلة ومن وجهة النظر الأمريكية تراعي مصلحة الدول الثلاث بالتساوي وتؤدى للإقدام على التوقيع.

“اطمئنان مصري”

وأضاف شكرى أن كل الأمور المرتبطة بالنواحي الفنية، مثل ملء وتشغيل السد، من النقاط التي اتفق عليها من الجولة الماضية وأغلق التفاوض حولها، بينما كافة الأمور العالقة هى أمور قانونية ما يخص فض المنازعات وتشكيل هيئة التنسيق والتعريفات المرتبطة بالمصطلحات الفنية والقانونية والتصديق ودخول الاتفاق حيز النفاذ.

واستطرد: “مطمئنون وفقا لهذه الرؤية حيث أن الصيغة الأمريكية تحظى بتأييد مصر التي كانت تسعى دائما لاتفاق موضوعى ومنصف يراعى مصالح الأطراف”.

وحول توقيع مصر بمفردها على الصيغة الأمريكية المقترحة في ختام الجولة السابقة قال: “إن هذا كان تعبيرا عن اتفاقها مع ما تم التوصل إليه بعد التفاوض عليه وإقراره وليس قابلا لإعادة فتح الباب لمناقشته، وما زال مودعا لدى الطرف الأمريكي اتصالا بالشق الفنى من الاتفاق”.

“تطورات سودانية”

الموقف السوداني، خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات، شهد تطورا كبيرا وتطابقا مع الموقف المصري في الكثير من الموضوعات للمرة الأولى منذ انطلاق المفاوضات قبل حوالي 9 سنوات، إذ كشف الوزير المصري أنه كان هناك تطابق في موضوعات كثيرة في الموقف المصري والسوداني، مردفا: “هذا شيء متوقع نظرا للظروف المتماثلة المرتبطة بكونهما دولتي مصب وبالطبع في إطار العلاقة الخاصة التي تربط بين البلدين”.

ربما يعجبك أيضا