إيران على شفا السقوط في القائمة السوداء لمجموعة “فاتف”

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

الجميع قلق في إيران من احتمال إدراج إيران على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (فاتف). حيث تنطلق اجتماعات هذه المجموعة في العاصمة الفرنسية باريس اليوم الإثنين. والتحدي الذي تواجهه السلطات الإيرانية عنوانه عودة الهيئة الحكومية الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى إدراج طهران مجدداً على “القائمة السوداء” للدول التي لا تمتثل لمعايير “فاتف” والتي يمكن أن تكون عرضة لتدابير أو عقوبات دولية خصوصاً فيما يتعلق بقطاعها المالي.

ويتم حاليًا إغلاق الحسابات البنكية للإيرانيين في ماليزيا وإيطاليا. ووفقًا لصحيفة “شرق”، فإن إيران ستصنف قريبًا على القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية، وعقوبات “FATF”، ستسبب مشاكل مالية لأي شخص أو شركة إيرانية في أي مكان في العالم.

قبل بضعة أشهر، قامت البنوك الماليزية، ومؤخرًا البنوك الإيطالية، بإغلاق الحسابات المصرفية الإيرانية في أراضيها، وستفعل تركيا وروسيا الشيء نفسه قريبًا.

وتؤكد صحيفة “شرق” على أن توصيات “FATF” لا تتعلق فقط بالبنوك، بل ستؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على جميع العلاقات المالية بين القطاعين العام والخاص، في مجال العقارات وأسواق الأوراق المالية والأعمال التجارية والتأمين، وحتى صرف العملات.

وقد تصاعدت أخيراً وتيرة الخلافات السياسية بين الطرفين، الإصلاحي والمحافظ، ما دفع الرئيس الإيراني حسن روحاني، إلى المطالبة بتنظيم الاستفتاء لحسم ثنائية “التعامل البنّاء أو المواجهة المستمرة” في العلاقات الخارجية.

ويبرز من بين نقاط الخلاف المحتدمة بين الطرفين، موقفهما المتباعد من الانضمام إلى مجموعة العمل المالي، المعروفة اختصاراً باسم “فاتف”، وهي هيئة رقابية دولية مقرّها العاصمة الفرنسية باريس، ويهدف عملها لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وتنتهي المهلة الممنوحة في فبراير/ شباط الجاري، وهي الأخيرة المُقدمة إلى إيران، بعد مهل عدة استنفدت جميعها خلال السنوات الماضية بعدما قامت المجموعة في العام 2016 بتعليق وضع إيران على قائمتها السوداء مع بدء تنفيذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015، إذ كان بقاؤها في هذه القائمة يحرمها من استخدام النظام المالي الدولي.

على شفا حفرة

وقد حثت مساعدة الرئيس الإيراني للشؤون القانونية، لعيا جُنيدي، الهيئة التشريعية بالبلاد على إنهاء الإجراءات التي تحتاج إليها إيران للانضمام الكامل إلى مجموعة العمل المالي (فاتف)، حسبما جاء في تقرير لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (ارنا).

فلم تبق سوى أيام قليلة على انتهاء مهلة مجموعة العمل المالي (فاتف) بشأن تنفيذ إيران الاتفاقات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولم تُبد طهران أي تحرك جاد للحيلولة دون إعادتها إلى القائمة السوداء.

وبعدما أحال البرلمان لائحة الحكومة إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام، باتت الكرة في ملعب المجمع لاتخاذ القرار النهائي بهذا الشأن.

وينصّ الدستور الإيراني على أنه في حال فشل مجلس الشورى الإسلامي ومجلس صيانة الدستور المشرف على أعمال الأول وعلى القوانين الصادرة عنه، في حلّ القضايا العالقة والخلافات الدائرة بينهما، تُحال هذه المسائل إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام، بوصفها الهيئة الاستشارية العليا في البلاد للفصل بين المجلسين.

وبينما يستدل به معارضو “فاتف” حول عدم جدوى الانضمام إلى القوانين الدولية بسبب العقوبات الأميركية، قالت لعيا جنيدي مساعدة الرئاسة: إن المصادقة على القانونَيْن ستحول دون تدهور الأوضاع الراهنة، بالرغم من أن البلاد لن تجني عوائدهما بالكامل بسبب العقوبات.

وقد حذر متابعون للشأن الاقتصادي الإيراني من تداعيات عدم المصادقة على قانوني “فاتف” والتي قد تظهر في ارتفاع أسعار البضائع ونفادها في الأسواق جراء فقدان العملة الوطنية قيمتها، والقيود التي ستفرض على رجال الأعمال ونقل الأموال للخارج، فضلا عن تجميد الأموال الإيرانية في المصارف الأجنبية.

وحذر المتابعون من تصفير الاستثمار الخارجي علاوة على إيقاف نشاطات الشركات الوطنية بالخارج جراء عدم مسايرة الاتفاقات الدولية، وأوضحوا أنه عندما تمتنع جميع المؤسسات المالية العالمية عن التعامل مع شبكة المصارف الإيرانية حينها ستثقل تكاليف سمسرة نقل الأموال من وإلى البلاد كاهل المواطن.

وبعد نحو ستة أعوام قضتها تحت طائلة القائمة السوداء، خرجت إيران عقب التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 من القائمة فترة عام تم تمديدها عدة مرات، وأصبح خروجها النهائي رهنا بالقبول بجميع القوانين والقرارات السائدة بمجموعة العمل الدولية.

قلق المعارضين

ويسود قلقٌ على ضفة المحافظين المعارضين للانضمام إلى اتفاقيتي “فاتف”، من أن يؤدي ذلك إلى انكشاف المنافذ والطرق التي تلتف إيران من خلالها على العقوبات الأميركية وإغلاقها، بالإضافة إلى أن هذا الانخراط يجعل النظام المالي الإيراني مكشوفاً بالكامل أمام “الأعداء” ويجلب مزيداً من المشاكل للبلاد، من دون أن يحلّ القائمة منها، لأن النظام المالي والمصرفي الإيراني خاضع بقوة للعقوبات الأميركية، بحسب قولهم.

كما ينظر المعارضون إلى الأمر باعتباره أداةً لاستهداف الدعم الإيراني لحزب الله اللبناني وحركات المقاومة الفلسطينية، باعتبار أن هذه الجهات موضوعة على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أوروبية.

كما يشير المؤيدون على عملية الانضمام إلى أن هذه الخطوة لا تستهدف دعم إيران لحلفائها في المنطقة، معللين ذلك بأن القائمة المعتمدة لدى “فاتف” عن الحركات الإرهابية، هي تلك التي تعتمدها الأمم المتحدة، والتي لا تتضمن “حزب الله” والحركات الفلسطينية وغيرها، بل تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة” و”القاعدة”.

هذا، ويجب على إيران من أجل الخروج الدائم من القائمة السوداء لمجموعة “FATF”، تعديل قوانينها الداخلية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال ومكافحة الجريمة المنظمة.

ربما يعجبك أيضا