كورونا القاتل .. كشف أن الصحة ضحية السياسة في إيران

يوسف بنده

رؤية

بعد تفشي فيروس کورونا في 8 محافظات على الأقل في إيران، نشرت وسائل إعلام إيرانية مستقلة، أن عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس ارتفع إلى 67 شخصًا. في حين تتحدث السلطات الرسمية الإيرانية عن 15 وفاة فقط.

وكانت تقارير رسمية صادرة عن مسؤولي وزارة الصحة والتعليم الطبي، قد أفادت، الثلاثاء 25 فبرایر/ شباط، بأن عدد المصابین بهذا المرض ارتفع إلی 95 شخصًا؛ وأن عدد الوفیات بلغ 15 شخصًا، مع الإعلان عن حالات جدیدة في محافظتي البرز ومرکزي.

وعلى الرغم من التقارير عن زيادة عدد الضحايا، فقد تحدث علي أكبر ولايتي، رئيس مستشفى مسيح دانشوري، ومستشار المرشد الإيراني، عن تغلب وزارة الصحة على هذا المرض.

كورونا في دائرة السياسة

حسب تقرير قناة “إيران إنترناشيونال”، فقد رفض رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني، حسين طائب، تأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية الإيرانية، التي تمت يوم الجمعة الماضي، في مدينة قم، رغم علمه بتفشي فيروس كورونا في هذه المدينة.

وتفيد المصادر بأن فيروس كورونا كان قد استشرى قبل إجراء الانتخابات البرلمانية الإيرانية، يوم 21 فبراير/ شباط الحالي، في مدينة قم، حيث طالب المسؤولون المحليون بتأجيل الانتخابات في هذه المدينة، ولكن رئيس استخبارات الحرس الثوري رفض هذه المطالب خشية من تأثير ذلك على المشاركة الانتخابية.

ومن جانب خارجي، قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الثلاثاء 25 فبراير/ شباط، إن واشنطن “قلقة بشدة” من احتمال تكتم سلطات طهران على تفاصيل حيوية، حول تفشي فيروس كورونا في إيران.

وفي غضون ذلك، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، خلال اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا اليوم الثلاثاء، إن عملية مراجعة المصابين بفيروس كورونا الجديد في المستشفيات والمراكز العلاجية في إيران آخذة في التراجع، مضيفًا أن البلاد ستعود إلى مسار عملها الطبيعي اعتبارًا من السبت المقبل.

ومن الجانب الإيراني، أكد امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني، وردا على محاولة وزير الخارجية الأمريكية بالتشكيك بالإحصاءات الرسمية الإيرانية حول كورونا، إن البيت الأبيض قام بالتستر على بعض الأحداث الهامة سابقا، بما فيها الإحصاءات بالخسائر في عين الأسد.

الصحة ضحية السياسة

تشير جميع الأدلة إلى أن الحكومة الإيرانية، وقبل تصاعد أزمة كورونا، على الأقل لفترة قصيرة، تكتمت على أعداد المصابين بالفيروس، علها تتمكن من احتواء الأزمة قبل انتشارها في وسائل الإعلام.

ويفسر المحلل والصحفي الإيراني، علي إيزدي، أسباب تفشي فيروس كورونا في إيران بالتالي:-

1) على الرغم من أنه في أعقاب انتشار کورونا في الصين، فرضت كثير من الدول قواعد صارمة على الرحلات والركاب القادمين من الصين، إلا أن هذه الرقابة لم یتم تطبیقها في إيران، بل حتی بعض الرحلات الجوية الصينية التي تم إلغاؤها في الدول المجاورة، استخدمت إيران للعبور إلى الوجهة النهائية، ما زاد من خطر انتقال الفيروس. كما يقال الآن: إن رحلات طيران ماهان إلى الصين لا تزال سارية، على الرغم من أن الحكومة ذكرت أن الأمر يتعلق فقط بنقل المساعدات الإنسانية إلى تلك الدولة، وليس لنقل الركاب.

2) یُقال: إن أحد الأسباب المحتملة لدخول الفيروس إلى مدينة قم هم العمال الصينيون الذين يعيشون في المدينة، وبطبيعة الحال عززت عودتهم من رحلتهم إلى الصين، وخاصة خلال السنة الصينية الجديدة، هذه الفرضية.

3) في مطار الإمام الخميني؛ النظام الحراري المثبت لتحديد درجة حرارة الركاب غير فعال وغير دقيق، كما تستخدم الطرق التقليدية للكشف عن الحالات المشبوهة في بعض حدود البلاد. ومن ناحية أخرى، على الرغم من أن استخدام القناع لا يمنع من الإصابة بهذا الفیروس، إلا أنه يقلل من معدل تفشي المرض. في حين أن العديد من المراكز الطبية والصيدليات تعاني من نقص حاد في الأقنعة، التي ارتفع سعرها في الأسبوع الماضي بحيث لا يستطيع كثيرون شراءها أو شراء المطهرات.

4) أدت الأزمة الإدارية الحالية في كثير من المناطق إلى جعل الحكومة الإيرانية غير قادرة علی اتخاذ تدابیر مسبقة للتعامل مع تفشي المرض في البلاد، بينما كانت هناك فرصة كبيرة للقيام بذلك منذ نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما کُشف عن هذا المرض وأخذ ينتشر بسرعة في الصين، لا سیما وأن المسؤولین یدرکون أن إيران هي واحدة من الوجهات الرئيسية للسياح الصينيين.

كورونا وتکتم النظام 

ويستطرد علي إيزدي في تحليله، بأن هناك عدة أسباب وراء عدم إعلان المسؤولين، في وقت مبکر، عن انتشار فيروس كورونا الجديد في البلاد واللجوء إلى سياسة الصمت أو التكتم.

1) تلجأ الأنظمة الشمولية، في الأساس، إلی التكتم على کل الأحداث، ولن تکسر حاجز الصمت ما لم تضطر لذلك. وسابقًا، لوحظت نفس السياسة بشأن إسقاط الطائرة الأوكرانية. وکانت الحكومة الصدیقة لنظام الجمهوریة الإسلامیة (الصين)، قد قامت بالشيء نفسه في بدایة الأمر؛ حیث إن الطبيب الصيني، لي ون ليانغ، الذي توفي متأثرًا بعدوى فيروس کورونا قبل أسبوعين، كان قد تعرض للتهديد بالفصل من العمل في مستشفى ووهان المركزي، والسجن، عندما أعلن عن اكتشافه المرض لأول مرة، يوم 30 ديسمبر (كانون الأول).

2) إن تزامن وصول كورونا إلى إيران مع ذکری انتصار الثورة الإیرانیة، في 11 فبرایر (شباط)، والأهم من ذلك انتخابات البرلمان الأخيرة؛ يمكن أن یكونا من أسباب التأخير في الإعلان عن حالات الإصابة بهذا الفيروس، حتى لا يكون لها تأثير سلبي على مشارکة المواطنین في الانتخابات، على الرغم من أن النظام یمکن أن یبرر المشاركة المنخفضة للغاية في الانتخابات الأخيرة بخوف الناس من كورونا.

3) نظرًا لأن النظام یخشى أي انتقاد، فإن إخفاء انتشار المرض ورفض تقديم معلومات دقيقة عن عدد المصابين قد يكون بسبب القلق من أنه بمجرد إعلان الإحصاءات الفعلية، فإن ذلك سیزعزع ثقة المواطنین، مرة أخرى، بمصداقية وکفاءة النظام الحاکم، بعدما انخفضت إلی أدنی حد لها عقب إسقاط الطائرة الأوکرانیة.

ربما يعجبك أيضا