ترسيم الحدود الثالث لكيان الاحتلال‎

محمود

رؤية – محمد عبدالكريم

القدس المحتلة – في 29 فبراير عام 1947 صدر قرار تقسيم فلسطين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقسم البلاد إلى دولتين، الدولة العربية تقام في 42.3% من مساحة فلسطين والدولة اليهودية في 57% من مساحة فلسطين، والقدس تكون تحت إدارة دولية، وهو ما أشعل شرارة حرب العام 1948 (النكبة)، ليكون من نتائجها أن رحلت العصابات الصهيونية الفلسطينيين وأخذت أكثر مما منحها قرار التقسيم، وأصبحت تسيطر على 78% من فلسطين، ليكون بذلك أول ترسيم غير رسمي لحدود كيان الاحتلال.

وعقب نكسة عام 1967 واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان، لم يتغير الواقع الحدودي غير الرسمي كثيرا (فلسطينيا) إذ اكتفت سلطات الاحتلال بضم عدد من القرى الفلسطينية إلى ما أسمته بالخط الأخضر مثل قرى (يالو، عمواس، بيت نوبا) فيما لم تعلن عن ضمها لكامل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية إلى كونها حدودا لكيانها، وكان ذلك بمثابة الترسيم الثاني للحدود (فلسطينيا ايضا).

وفي صبيحة الثلاثاء الماضي، استيقظ الفلسطينيون في 33 موقعا في الضفة الغربية المحتلة على لوحات كتب عليها بثلاث لغات: “قف! أنت تدخل منطقة الدولة الفلسطينية. هذه المنطقة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية وفقا لـ”صفقة القرن”، وزعتها منظمة إرهابية للمستوطنين تطلق على نفسها “ريجيفام”، ليبدأ بذلك المرحلة الثالثة من ترسيم حدود كيان العدو الصهيوني، التي بموجبها (صفقة القرن) سيسرق الاحتلال أكثر من 85% من ارض فلسطين.

ولكي ينجز هذ الأمر على أرض الواقع تسارعت في الأيام الأخيرة وتيرة الإعلان عن الوحدات الاستيطانية، ومصادرة الأرض لتصل إلى عشرات الآلاف من الوحدات والدونمات في سبيل الوصول إلى مليون مستوطن في الضفة الغربية المحتلة.
 
فصل شمال الضفة عن وسطها

وبالعودة إلى مساء أول أمس الثلاثاء، فقد كانت جرافات الاحتلال تعمل بشكل متسارع، على شق طريق استيطاني جديد؛ بهدف إلى ربط مستوطنات جنوب نابلس بمستوطنات الأغوار، ففي العام 1967 طرح يغئال ألون، وزير العمل في الحكومة الإسرائيلية، خطة حملت اسمه؛ تهدف إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية وتعزيز سياسة الفصل، وربط المستوطنات من “أرائيل” حتى مستوطنات “عيليه”، و”شيلو” والبؤر الاستيطانية المحيطة بها، بشبكة طرق كبرى مخصصة فقط للمستوطنين، تصل حتى مشارف نهر الاردن.

شق الطريق في اراضي قرى دوما وقريوت وتلفيت والمغير جنوب نابلس، يبدأ من معسكر “جبعيت”، مرورا بأراضي عين الرشاش، وأم الحجر، وجورة الرسم، ورغبان، والزمارة، وام سويعدة، وصولا إلى أراضي قرية فصايل بالأغوار الوسطى، الطريق الذي تعمل الجرافات به حاليا يصل طوله إلى نحو 8 كيلومترات، ويمر من أراضٍ زراعية خصبة تقع غالبيتها في قرية دوما، ويأتي ضمن مشروع ربط مستوطنتي “عيليه” و”شيلو” جنوب نابلس مع مستوطنات الأغوار.

وبين أن عددا من الطرق التي أقرتها حكومة الاحتلال تم الانتهاء من بعضها كما حدث في النبي إلياس بمحافظة قلقيلية، وطرح مشروع طريق التفافي حوارة من قبل حكومة الاحتلال؛ وذلك ضمن مخطط ضخم أقرته حكومة الاحتلال عام 2014 لشق عشرات الطرقات والشوارع الالتفافية لمستوطنات الضفة الغربية تمتد على طول 300 كم، والاستيلاء على عشرات آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، لتعزيز سيطرتها على مناطق واسعة في الضفة الغربية بما فيها القدس.

ويأتي مشروع الطرق الالتفافية الاستيطانية ضمن “خطة درج” التي تشمل 44 مخططا، أقر منها أكثر من 24، فيما لا يزال المتبقي قيد الدراسة، وفي المجمل يدور الحديث عن 300 كم من الطرقات يتطلب شقها الاستيلاء على حوالي 25 ألف دونم.

الحزام الاستيطاني الذي يعزل شمال الضفة عن وسطها؛ ظهرت ملامحه ببدء بناء مستوطنة “عميحاي” إلى جانب تجمع مستوطنات (شيلو، عيلي..) ويمتد ليرتبط شرقا بمستوطنات الأغوار الشمالية، وليرتبط كرأس مثلث غربا عند حاجز زعترة جنوبي نابلس مع مستوطنة “أرائيل” الملاصقة لكفر قاسم عن الخط الأخضر.

وسط الضفة الأكثر خنقا بالاستيطان

ونبقى في الثلاثاء الأسود أيضا، إذ أعلنت فيه وزيرة ما تسمى بـ”البناء والإسكان” للاحتلال إعداد خطط لبناء 46 ألف وحدة استيطانية سيتضاعف 3 مرات، بعد تنفيذ صفقة القرن، وجاء إعلان الوزيرة الإسرائيلية بالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قراره بناء 3500 وحدة استيطانية، في المنطقة المعروفة بــE1  إلى الشرق من مدينة القدس الشرقية.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نهاية الأسبوع الماضي قرار بناء 2200 وحدة استيطانية في مستوطنة “هار حوماه” المقامة على أراضي جبل أبو غنيم، جنوبي القدس الشرقية، و3000 وحدة استيطانية لإقامة مستوطنة “جفعات هامتوس” على أراضي بلدة بيت صفاف، جنوبي القدس.

 وتعقيبًا على إعلانات نتنياهو، قال خبير الأراضي والاستيطان خليل تفكجي إن ما أعلن على مدى الأيام القليلة الماضية من بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية سيفضي إلى الانتهاء من تنفيذ مشاريع ضخمة منها القدس الكبرى، وضم فعلي للأغوار ومناطق شرق البحر الميت، و”صفقة القرن” ستتيح لدولة الاحتلال عملية ترسيم لحدودها في عمق أراضي الضفة الغربية، وستحول حركة سير الفلسطينيين القادمين من الجنوب باتجاه الشمال إلى مسافات طويلة جدًّا وفي مسارات جبلية وعرة.

وفيما يتعلق بالبناء الجديد في مشروع E.1، أوضح تفكجي تفاصيل هامة عن هذا المشروع، حيث قال: “تم الإعلان عن هذا المشروع عام 1994 على مساحة تبلغ 12443 دونمًا من أراضي قرى (الطور، عناتا، العيزرية، أبو ديس في القدس) ويهدف المخطط الذي صودق عليه عام 1997 من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إسحق موردخاي إلى إقامة منطقة صناعية على مساحة 1كم 2، و4000 وحدة سكنية، و10 فنادق”.

وعن الخطورة التي يمثلها هذا المشروع، يقول تفكجي: “يعتبر المخطط من أخطر المخططات الإسرائيلية لإغلاق المنطقة الشرقية من منطقة القدس بشكل كامل وتطويق المناطق (عناتا، الطور، حزما) وليس هنالك أي إمكانية للتوسع المستقبلي باتجاه الشرق، ولربط جميع المستعمرات الواقعة في المنطقة الشرقية وخارج حدود بلدية القدس مع المستعمرات داخل حدود بلدية القدس وبالتالي تحويل القرى العربية إلى معازل محاصرة بالمستعمرات”.

وتابع: “تكمن خطورة المخططات الإسرائيلية أيضا بإقامة القدس الكبرى بالمفهوم الإسرائيلي الذي يعادل 10% من مساحة الضفة، وإحداث تغيير جذري في قضية الديمغرافيا الفلسطينية للصالح الإسرائيلي، وأيضا فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها”.

وأضاف في هذا السياق “حيث تم في عام 2007 الإعلان عن أمر عسكري يحمل رقم 19/ت/2007 (طريق نسيج الحياة 2)، الذي يهدف إلى فتح طريق يتجنب المرور من مستعمرة معاليه أدوميم، بل يتجه شرقًا باتجاه البحر الميت، فيتجاوز كتلة معاليه أدوميم التي ستصبح فاصلًا صناعيًا بين التجمعات العربية في الجنوب والشمال، وهذا الفاصل هو بعمق 35 كم حتى الغور بعرض 16-20 كم عرضًا، وفي هذه المنطقة سيقام أكبر مطار في المستقبل في منطقة البقيعة (النبي موسى) ضمن مشروع القدس 2050 والذي يحمل الرقم 5800”.

وأضاف: “وفي خطوة جريئة وافق نائب وزير الداخلية (إيلي يشاي) على توصيات وزارة الداخلية الإسرائيلية التي قدمت توصياتها بضم مستوطنة (كيدار) إلى مستوطنة (معاليه أدوميم) الواقعة على بعد 3 كم شرقًا وتوسيع المستوطنة بـ 12 ألف دونم، ونقل إدارة هذه المستوطنة إلى نفوذ (معاليه أدوميم) وضمن المناطق الفاصلة بين المستوطنات إلى معاليه أدوميم، وسيتم بناء 6000 وحدة سكنية لاستيعاب 30000 مستوطن، علمًا بأن مستوطنة معاليه أدوميم تعتبر أكبر المستوطنات وأول بلدية استيطانية تم إعلانها من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية تبلغ مساحة مخططها 35كم2 وعدد سكانها 36,089 ألف نسمة، لعام 2014”.

وشدد تفكجي على أنه “إذا تم ضم كتلة معاليه أدوميم المكونة من ثماني مستوطنات (كيدار، معاليه أدوميم، E1، الون، كفار أدوميم، علمون، نفي برات، والمنطقة الصناعية مشور أدوميم) ستصبح مساحة الأرض المضمومة (191 كم2) لاستيعاب ما يزيد عن 100 ألف مستوطن”.

القدس الكبرى بالمنظور الصهيوني ذي الجذور البريطانية

نظريا وبموجب صفقة القرن فقد أعطى من لا يملك (ترامب) لمن لا يستحق (إسرائيل) القدس الشرقية، ليعلن عن توحيد احتلال القدس بشطريها الشرقي والغربي، عاصمة موحدة لكيان الاحتلال، فكيف تكون التفاصيل على الأرض.

مشروع �القدس الكبرى� الذي خطّطت له إسرائيل وشرعت في تنفيذه منذ زمن، أنجزت أكثر من 70% منه بالفعل، وهو مشروع يرتكز على تغيّرات بنيوية وحضرية وديموغرافية واقتصادية (تمّت غالبيتها) بعد أن عمل الاحتلال منذ 1967 على تغييرات تدريجية على �أطراف� المدينة القديمة ومركزها.

وتعود جذور المشروع إلى مخطِّط المدن البريطاني هنري كيندال، الذي قدّم عام 1964 مخطَّطًا لتوسيع حدود بلديّة القدس تحت حكم الحكومة الأردنيّة لتصل إلى مطار قلنديا وكفر عقب شمالًا حتى الولجة وبيت صفافا جنوبًا، لكن حالت �نكسة 1967� دون تنفيذ المخطّط، إلى أن عاد وصار المرجع الذي يسترشد به العدو لتوسيع حدود القدس.

يمكن القول: إن المشروع، الذي من المقرر أن يكتمل رسميًّا هذا العام، يمثّل �محصّلة طبيعية� للعمل الصهيوني المركّز والهادئ نسبيًا، منذ احتلال كامل القدس، على إقامة امتداد (حضري وسكّاني) وبنية تحتية حول المدينة، وفيها تتناسب والابتلاع الكامل للمدينة، وهو ما يجعله مشروعًا يساعد في تجاوز التعقيدات السياسية المعهودة حول القدس كإحدى قضايا الوضع النهائي، أي بفرض أمر واقع تحت حجج “البناء الحضاري” والتطوير الاقتصادي والسياحي، فضلًا عن أنّ مسألة السيطرة الميدانية محسومة منذ اللحظة الأولى بحكم القوّة العسكرية، ثم جاءت مسألة “الشرعية الدولية” الجاري العمل عليها منذ إعلان الإدارة الأمريكية الاعتراف بالمدينة “عاصمة لإسرائيل”.

في المقابل، تم الشروع بتشييد جدار فاصل حول القدس الشرقية لضم ما مساحته قرابة 230 كيلومترا مربعا يسكنه 150 ألف مستوطن، وبالتالي عزل نحو 250 ألف مقدسي عن المدينة.

وستمتد حدود المدينة المصطنعة من رام الله شمال إلى الخليل وبيت لحم جنوبا، مع ضم الكتل الاستيطانية وخاصة كتلة عتصيون بين الخليل وبيت لحم ومستوطنة معاليه أدوميم شرقا، و”بسغات زئيف” في الجهة الشمالية الشرقية، لتمتد حتى منطقة الأغوار والبحر الميت شرقا، وجميعها من أراضي الضفة.

وستصل حدود القدس غربا إلى منطقة اللطرون، وسيتم ربطها بمستوطنة “مودعين” المقامة على حدود الرابع من يونيو/حزيران المتاخمة لوسط إسرائيل ومطار بن غوريون.

وفي حال إتمام الخطة ستعادل مساحة “القدس الكبرى” 10% من مساحة الضفة الغربية أي نحو ستمئة كيلومتر مربع، وبذلك سيتم شطب الحدود الدولية للمدينة، وطمس القدس الشرقية التي بلغت مساحتها عند احتلالها عام 1967 نحو 72 كيلومترا، وستقصر المساحة المتبقية للفلسطينيين على 9.5 كيلومترات مربعة.

وتقتصر مساحة الأرض المتبقية للمقدسين لأغراض البناء على قرابة 13% من مساحة المدنية الشرقية التي ضمت بعد الاحتلال، بينما تم توظيف 33% من مساحة أراضيها للمشروع الاستيطاني.

الاحتلال ألغى “الخط الأخضر”

القدس الكبرى التي ترتبط بمستوطنات الأغوار وبمنطقة البحر الميت قد اكملت تمزيق جنوب الضفة عن وسطها، ليصبح هذ الشريط الاستيطاني متصلا بمستوطنة “موديعين” على الخط الاخضر، اضافة إلى ضم مستوطنات تحيط ببلدة نعلين “كريات سيفر” و”حشمونئيم”، امتدادا حتى “تل أبيب” والساحل، بشريط استيطاني بعرض 40 كم يمتد من بيت سيرا غربا الملاصقة للخط الأخضر، مرورا بمستوطنات القدس، وتجمع غوش عتصيون الاستيطاني وحتى مستوطنة “فيرد يريحو” باتجاه البحر الميت، وبذلك يتحقق فصل جنوب الضفة (الخليل وبيت لحم والقدس) عن وسطها (رام الله والبيرة وبعض قرى وبلدات محافظة القدس).

الطرق الاستيطانية

ويعد الهدف الأساسي للطرق هدفها ربط مناطق المستعمرات الإسرائيلية في المناطق الجبلية مع الأغوار، أن الطرق الالتفافية هي من وجهة نظر إسرائيلية مفتاح إحضار مليون مستوطن آخر ودفع السيادة الإسرائيلية على المنطقة، حيث بدأ في هذه المرحلة الصراع في مضمونه الحقيقي “صراع على الديمغرافيا بعد أن تم حسمه على الأرض بمصادرتها وبناء المستوطنات عليها، في حين لم تفلح حكومات الاحتلال جميعها في حسم الصراع الديمغرافي، حيث الزيادة المتعاظمة في أعداد السكان الفلسطينيين كل عام.

يشار إلى أن خطة ليبرمان التي كان عرضها قبل عدة سنوات تقترح تبادلًا إقليميًا للسكان، تقوم إسرائيل بموجبه بضم جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية التي تقع في تجمعات استيطانية كبيرة بالقرب من الحدود، وتنسحب من المناطق القليلة المتبقية في عمق الأراضي الفلسطينية.

في المقابل، تنتقل التجمعات الفلسطينية العربية في إسرائيل المجاورة للضفة الغربية (الجليل الجنوبي والأوسط، والمنطقة الوسطى المعروفة باسم “المثلث”، ومنطقة البدو في الجزء الشمالي من صحراء النقب)، للسلطة الفلسطينية، من خلال إعادة رسم الحدود بين التجمعات الفلسطينية والإسرائيلية لجعلها أكثر تجانسًا (أي إعادة رسم المجتمعات العربية المجاورة لإدراجها في الأراضي الفلسطينية، بينما تتم إعادة رسم المناطق اليهودية القريبة لإدراجها في إسرائيل).
 
إلى ماذا هدفت خطة ألون؟

ويشير استعراض تحليلي لهذه الخطة صادر عن مركز مدار للدراسات الإسرائيلية إلى أن خطة يغئال ألون وزير العمل الإسرائيلي في حكومة رئيس الوزراء آنذاك ليفي أشكول، والتي عرضها في يوليو/تموز من عام 1967، هدفت في حينه إلى فرض تسوية إقليمية، تحت عنوان “مستقبل المناطق (الفلسطينية) وطرق معالجة مسألة اللاجئين، من خلال تحقيق ثلاثة أهداف مركزية، هي: إقامة حدود أمنية لإسرائيل بينها وبين الأردن، وقف سيطرة إسرائيل على شريحة سكانية عربية، وذلك للحفاظ على صبغة يهودية وديمقراطية للدولة، وتحقيق (الحق التاريخي) للشعب الإسرائيلي في ما يسمى (أرض إسرائيل)”.

ووفقًا لذات التحليل، فقد حدد مشروع الخطة منطقة غور الأردن، من نهر الأردن وحتى المنحدرات الشرقية لجبال نابلس وجنين، لتبقى تحت السيادة الإسرائيلية، وهكذا أيضًا بالنسبة لمنطقة القدس وضواحيها ومنطقة الخليل، أما بقية أراضي الضفة الغربية فتعاد ـ حسب المقترح ـ إلى السلطة الأردنية مع فصل تام بينها، وإقامة معبر بين هذه الأراضي وبين الأردن، أما الأجزاء الأخرى من مشروع ألون فتطرقت إلى ضم قطاع غزة بأكمله إلى إسرائيل وتوطين اللاجئين خارج قطاع غزة، وإعادة سيناء إلى مصر مع الاحتفاظ بالساحل الجنوبي الشرقي لسيناء، من إيلات وحتى شرم الشيخ، تحت السيطرة الإسرائيلية.

وبالرغم من أن المشروع لم يُصادق عليه إطلاقا داخل وخارج الحكومة الإسرائيلية، لكن المتتبع للسياسة الحكومية الإسرائيلية يُلاحظ إن مخططات الحكومة الاستيطانية تجاوبت بشكل أو بآخر مع ما ورد في هذا المشروع، أقله حتى انتخابات 1977 عندما خسر حزب “العمل” قيادته للحكومة الإسرائيلية لصالح اليمين بقيادة “الليكود”، وقد دأب حزب “العمل” على إدراج “مشروع ألون” كجزء من رؤيته السياسية لحل الصراع الإسرائيلي -العربي (الفلسطيني).
 
خطة بينيت لهدم البيوت بالمنطقة C: “الفلسطينيون يسلبون أراضينا”
 
ولضمان نجاح المخطط، دأبت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على تفريغ القدس من سكانها الفلسطينيين بسحب الإقامة من حوالي 15 ألف عائلة قوام أفرادها يبلغ خمسين ألفا، بينما أتى مشروع الجدار الفاصل ليسلخ نحو 150 ألفا، وكذلك المعابر العسكرية المتاخمة لشعفاط التي تسببت بعزل سبعين ألف مقدسي عن المدينة.

إضافة إلى كونه الذراع التنفيذي لدولة الاحتلال، يعمل وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، كذراع تنفيذي للمستوطنين أيضا، وبعد أن أعلن عن تعليمات أصدرها للجيش بالعمل على إقامة بؤرة استيطانية جديدة في قلب الخليل، قالت صحيفة “يسرائيل هيوم” اليوم، الجمعة، إن بينيت أوعز للجيش بوقف ما وصفه “السيطرة الفلسطينية – الأوروبية” على المنطقة C التي تشكل 60% من الضفة الغربية ومنع البناء فيها.

ووصف بينيت الهدف من هذه التعليمات “بوقف مطلق للبناء الفلسطيني غير القانوني خلال سنتين”. وتخضع المنطقة C، حسب اتفاقيات أوسلو، لسيطرة مدنية وأمنية إسرائيلية. وفيما لا تقرر إسرائيل في سياسة البناء في المدن والقرى الفلسطينية في مناطق A وB، الخاضعتين للسيطرة المدنية الفلسطينية، فإن دولة الاحتلال تعتبر أن سياسة البناء هي ضمن صلاحياتها في المنطقة C. وترفض إسرائيل منح تصاريح بناء للفلسطينيين في هذه المنطقة، لكنها تنفذ أعمال بناء مكثفة جدا في المستوطنات، وتمنح تصاريح بناء لمبان في المستوطنات تم بناؤها بدون تصاريح.

وقالت الصحيفة إنه في شارك في المداولات المركزية التي عقدها بينيت بهذا الخصوص كل من قائد المنطقة الوسطى للجيش الإسرائيلي، نداف فدان، ومنسق أعمال الحكومة في الأراضي المحتلة، كميل أبو ركن، ورئيس “الإدارة المدنية” للاحتلال، غسان عليان، ومسؤولون في جهاز الأمن وجيش الاحتلال، الذين استعرضوا “الجهود الفلسطينية – الأوروبية منذ سنوات لفرض وقائع على الأرض”.

وحسب المعطيات التي زودتها الجهات الأمنية، وفقا للصحيفة، فإنه يعيش حاليا في المنطقة C حوالي 200 ألف فلسطيني في 25 قرية “ومئات المباني غير القانونية”. ويشار إلى أن معطيات أخرى، أعلنت عنها إسرائيل، تفيد بأن عدد السكان الفلسطينيين في هذه المنطقة أكثر من ذلك. 

وأضافت الصحيفة أن التقديرات تشير إلى وجود أكثر من ألف بدايات بناء “غير قانونية”، وغالبيتها بتمويل أوروبي. ويشار إلى أن الغالبية الساحقة من دول العالم لا تعترف بشرعية وجود إسرائيل في الضفة الغربية، ومشاركة الاتحاد الأوروبي وتمويله لمشاريع البناء هذه يؤكد على ذلك.

ويطلق جهاز الأمن الإسرائيلي على مشاريع البناء هذه تسمية “خطة فياض”، نسبة لرئيس الحكومة الفلسطينية الأسبق سلام فياض، وأن هذه “نظام منهجي ومنظم للسلطة الفلسطينية من أجل السيطرة غير القانونية على مناطق واسعة تحت سيطرة إسرائيل في المناطق C، كخطوة استراتيجية واسعة”.

وتابعت الصحيفة أن خطة بينيت تقضي بمنع أعمال بناء فلسطينية في هذه المنطقة من خلال أربعة مستويات: عسكرية واقتصادية وقضائية وإعلامية. وسلم أولويات التنفيذ سيكون وفقا لاعتبارات مثل أهمية الموقع الذي يجري فيه البناء من الناحية الاستراتيجية وليس بالضرورة وفقا لكمية المباني. “وهدم البيوت سيتم وفقا للمصلحة الإسرائيلية، قرب شارع أو بمحاذاة مستوطنة”.

وطالب بينيت الجيش الإسرائيلي بتزويده بتقرير شهري لمتابعة تقدم العمل في هذه الخطة، وبتنفيذ خطوات تهدف إلى منع تمويل أوروبي لمشاريع البناء في هذه المنطقة.

ربما يعجبك أيضا